هل تلجم المنصة التلاعب بسعر الدولار؟

فدى مكداشي
فدى مكداشي

البيان الأخير الذي أصدره مصرف لبنان ومفاده أنه سيبيع الدولار للمصارف المشاركِة على منصة “صيرفة” بسعر 12 ألف ليرة للدولار الواحد، أثار تساؤلات المواطنين ما اذا كان هذا التدبير قادراً على لجم التلاعب بسعر الدولار في السوق الموازية، وما إذا ستتمكن المنصة الإلكترونية التي أعلن المصرف المركزي إطلاقها تقنياً من السيطرة على هذه السوق سيما وأن العمليات التي سيصار إلى تسويتها عبر المنصة لن تؤمن دولارات طازجة، لأن البيان أشار بوضوح إلى أن الدولارات ستدفع لدى المصارف المراسلة، فارضاً في المقابل على الراغبين بشراء الدولار تأمين ليرات نقداً.

ملاحظتان أساسيتان على بيان مصرف لبنان:

– حدّد المصرف المركزي سعر 12 ألف ليرة لبيع الدولار ليجعل من سعر التداول عبر المنصة قريباً من سعر السوق السوداء بهدف تقليص هامش تدخله. بمعنى آخر، إذا حدد 10 آلاف كسعر للتداول، عندها سيكون الهامش واسعاً مع سعر السوق السوداء التي بلغت حدود الـ13 ألفاً، ما سيضطر مصرف لبنان إلى ضخ دولارات كثيرة لتلبية الطلب المتنامي.

-طلب ُمصرف لبنان من المستوردين تأمين ليرات نقداً مقابل شرائهم الدولار، من شأنه أن يساعده على جمع الليرات من السوق سيما وأن الكتلة النقدية المتداولة كبيرة جداً وتفاقم معدلات التضخم. كما يمكن أن تكون حافزاً لدفع الناس إلى استعمال أموالهم المخبأة لديهم.

غبريل

كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل شرح في حديث خاص إلى موقع “لبنان الكبير” أن “هناك ثلاثة أهداف للمنصة: الأول لجم تدهور سعر صرف الليرة في السوق الموازية أو السوداء. والثاني الحد من اللجوء إلى السوق السوداء لشراء الدولار. أما الهدف الثالث فهو إضفاء الشفافية على التداول بالدولار”.

وبالعودة إلى الآليات التي كان مصرف لبنان يحضّر لها سابقاً، أوضح غبريل أن “المركزي” “أصدر في آذار الماضي بياناً طلب فيه من المصارف أن تعتبر أن لديها رخصة صرافة لتقوم بأعمال الصيرفة، كما طلب منها أن تنضم إلى المنصة بتاريخ أقصاه هو ١٦ نيسان. وأصدر بياناً آخر إلى الصيارفة المرخصين طلب منهم الانضمام إلى المنصة في التاريخ ذاته تحت طائلة سحب رخصتهم في حال لم ينضموا. وأصدر في الأسبوع الماضي تعميماً أوضح فيه آلية عمل شراء وبيع الدولارات أو الليرة على المنصة. واليوم حدد سعر التداول. لكن بعض المصارف لم تطلق المنصة بعد رسمياً. وبالتالي، في طور التجارب على المنصة، هذا السعر هو من ضمن الخطوات الاجرائية تحضيراً لإطلاقها. وهذا السعر حدده مصرف لبنان لشراء المصارف الدولار منه بالليرة اللبنانية. وهناك هامش لبيعه إلى الزبائن. أما الدولارات التي تشتريها المصارف فسيتم وضعها في المصارف المراسلة في حساباتهم في الخارج لتغطية العمليات التجارية”.

أما عن أموال المودعين، فأوضح أن “مصرف لبنان كان قد أصدر تعميماً حدد فيه سعر صرف سحوبات الودائع بالدولار بالليرة على أساس سعر صرف 3900 ليرة. لذا لا شيء تغير، والموضوع لا يتعلق بآلية المنصة اللبنانية”.

وعما إذا كانت المنصة تهدف إلى توحيد أسعار صرف الدولار في السوق اللبنانية لاحقاً، أكد أنها “ليست العصا السحرية”، لافتاً إلى أن “مصرف لبنان يملأ جزءاً من الفراغ الذي خلفته السلطات السياسية للجم تدهور سعر صرف الليرة في السوق السوداء لغاية تشكيل حكومة ووضع آلية لتوحيد سعر الصرف والعودة إلى طاولة محادثات مع صندوق النقد الدولي”، معتبراً أن “هذه المبادرة عليها أن تلاقى بجهود لإزالة العقبات أمام تشكيل الحكومة وعلى الجهود أن تكون متوازية مع جهود مصرف لبنان وجهود السلطة التنفيذية والتشريعية هو المخرج الأول من الأزمة”.

صالح

من جهته، أشار المدير السابق للمحاسبة في وزارة المالية الدكتور أمين صالح، إلى أن “كل الاجراءات التي تقدم بها مصرف لبنان لم ولن تجدي نفعاً لأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها إنشاء منصة وبالتالي لا ينخفض السعر بل على العكس سيرتفع”، معتبراً أن “الغاية من المنصات هي إلهاء الشعب اللبناني وصرف نظر المودعين عن المطالبة بودائعهم”.

وأوضح أنه “في علم الاقتصاد، عندما تعجز الحكومات عن سداد دينها العام تلجأ إلى أربعة وسائل نقدية لخفض مديونيتها. الوسائل النقدية هي كالتالي: الانهيار النقدي، رفع الأسعار وخفض القيمة الحقيقية للمداخيل، التضخم، وخفض سعر العملة الوطنية. هذه أربعة إجراءات تلجأ إليها الدول وكلها وسائل نقدية لخفض ديونها وهذه توصيات صندوق النقد الدولي لخفض سعر صرف الليرة وكل هذه وصفات تقدَم لتصحيح المالية العامة عبر كي اقتصاد الأسر اللبنانية”.

ورأى أنه “بدل إنشاء المنصة وتمويلها بالعملة الصعبة، فليعطِ الحاكم المودعين ودائعهم بالدولار، خاتماً حديثه بالقول “لا أحد يتوهم أن هذه المنصات ستجد الحلول. فالحل يبقى بقرار سياسي مالي وليس بعمليات تقنية”.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً