“الآلية” صدرت… هل ستمهد لتنقية القطاع المصرفي؟

المحرر الاقتصادي

آلية السداد التدريجي للودائع بالعملات الأجنبية صدرت. مجموع هذه الودائع حتى نهاية نيسان 2021 يبلغ 109.4 مليارات دولار، بتراجع على أساس سنوي نسبته 6.1 في المئة مقارنة مع نيسان 2020.

كان يفترض بهذا التدبير أن يريح سوق الصرف، لكن على العكس من ذلك. إذ واصل سعر صرف الدولار ارتفاعه مقابل الليرة حيث قفز عن عتبة الـ14 ألف ليرة للدولار الواحد في السوق الموازية. المصادر ترد استمرار هذا الارتفاع على رغم المؤشرات الايجابية، إلى انسداد الأفق السياسي مع تراجع التوقعات في نجاح المبادرة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري سعياً لإزالة العراقيل أمام تشكيل الحكومة.

نورد بعض الملاحظات على التعميم الأساسي الرقم 158 المتعلق بإجراءات استثنائية لسداد تدريجي لودائع بالعملات الأجنبية:

– جاء إعلان مصرف لبنان عن التعميم غداة إقرار لجنة المال والموازنة اقتراح قانون الكابيتال كونترول، حيث الكثير من النقاط المشتركة بينهما، ما يطرح علامات استفهام عما إذا كان سيتم تمرير الاقتراح في الهيئة العامة لمجلس النواب.

– هذا التعميم نص على أن فترة التطبيق هي لعام واحد قابل للتعديل أو للتجديد، ما يعني أن المودع سيحصل على مبلغ 4800 دولار نقداً من وديعته الدولارية لعام واحد مقسماً على 400 دولار شهرياً، إضافة إلى 400 دولار سينالها المودع على سعر المنصة الإلكترونية (صيرفة) أي 12 ألف ليرة حالياً، بينها ما يوازي 200 دولار بالليرة يسحبها نقداً وما يوازي 200 دولار بالليرة من خلال البطاقة المصرفية. علماً أن المعطيات السابقة كانت تشير إلى أن المودع سيحصل على هذا المبلغ على مدى خمس سنوات.

– الخشية من أن تتسبب الكتلة النقدية الإضافية بالليرة التي توقع مصرف لبنان أن ترتفع بمبلغ يتراوح بين 26 تريليون ليرة و27 تريليوناً جراء السحب بالليرة على أساس سعر المنصة، في زيادة الطلب على الدولار، ما من شأنه رفع سعره مقابل الليرة.

– نصت المادة الخامسة على تأمين السيولة لتلبية متطلبات القرار يتم مناصفة من سيولة المصرف المعني لدى المصارف المراسلة في الخارج ومن التوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان. فيما جاء في المادة السادسة “أولاً” أنه “يحق للمصارف تأمينا للسيولة المطلوبة بموجب القرار، استعمال السيولة الخارجية المتوافرة لديها من ضمن نسبة الـ3 في المئة المشار اليها في التعميم 154 على أن تتم إعادة تكوين هذه النسبة في مهلة اقصاها 31/12/2021. وجاء في النقطة “ثانياً”: “يحظّر على المصارف أن تستعمل الحسابات الجديدة المفتوحة وفقا لمفهوم التعميم الأساسي 150 والأموال التي تمت إعادتها عملا بأحكام المادة الثانية من التعميم الأساسي الرقم 154.

– هل سيكون التعميم مقدمة لتنقية القطاع المصرفي، كون مصرف لبنان يعتبره مدخلاً لمعالجة المصارف غير الملتزمة؟ إذ نص التعميم على أن عدم تقيد أي مصرف بأحكام القرار يلزمه بإعادة السيولة الخارجية بالعملة الأجنبية التي استفاد منها من مصرف لبنان، ويعرضه للعقوبات المنصوص عليها في المادة 208 من قانون النقد والتسليف والتي تنص على أنه “ينزل بالمصرف المخالف العقوبات الإدارية الآتية:

آ – التنبيه.

ب – خفض تسهيلات التسليف المعطاة له أو تعليقها.

ج – منعه من القيام ببعض العمليات أو فرض أي تحديدات أخرى في ممارسته المهنة.

د – تعيين مراقب أو مدير موقت.

ه – شطبه من لائحة المصارف.

بمعنى آخر، هل سيصار الى إحالة تلك التي لم تنجح في تأمين نسبة 3 في المئة من مجموع ودائعها بالدولار لدى المصارف المراسلة استناداً الى التعميم 154، وتلك التي ستتعثر اليوم في تطبيق قرار المركزي، إلى الهيئة المصرفية العليا؟ أي هل سيتم إعلان إفلاس تلك المصارف أو السعي لدمجها مع مصرف آخر؟

– من المتوقع أن يلغي مصرف لبنان التعميم 151 الذي كان يسمح للعميل بأن يسحب مبلغ ألف دولار أو أكثر قليلا على أساس سعر صرف 3900 ليرة لكل دولار.

-ما هو مصير حاملي حسابات بالليرة اللبنانية؟

كان لافتا أن جمعية مصارف لبنان اتخذت موقفين من القرار الذي أعلنه مصرف لبنان منذ أيام في هذا الشأن، الأول في كتاب موجه إلى مصرف لبنان تزامن مع إصدار المصرف المركزي بيانه حول السحب، أبدت فيه عدم قدرتها على توفير أي مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية مهما تدنّت قيمتها، لأن “سيولة المصارف لدى المراسلين ما زالت سلبية بما يفوق المليار دولار”، معتبرةً أن أي تمويل لأي سحوبات “لا يُمكن توفيره إلا من خلال خفض معدّل الاحتياطي الإلزامي”. ثم أصدرت بعده بقليل بياناً آخر شرحت فيه أن بيانها السابق سبق بيان مصرف لبنان. وأبدت في المقابل استعدادها الكامل لـ”بحث” مندرجات التعميم المنوي إصداره الاثنين في 7 الجاري من قبل مصرف لبنان وبإيجابية تامة.

هذا التراجع مرده إلى أن بيان مصرف لبنان تضمن قراره خفض نسبة الاحتياطي نقطة واحدة، من 15 في المئة إلى 14 في المئة، ليُحرّر أكثر من مليار دولار للمصارف.

تفاصيل الآلية

تفاصيل أخرى عن الآلية نعرضها في الآتي:

– على كل مصرف عامل في لبنان أن يقوم بما يلزم لتأمين سداد تدريجي للودائع بالعملات الأجنبية المكونة في الحسابات المفتوحة قبل 31/10/2019 محتسبة على أساس الأرصدة الموقوفة بتاريخ 31/3/2021.

-يعتمد مجموع أرصدة حسابات أصحاب الحسابات الدائنة بالعملات الأجنبية مضافاً إليها الحسابات ذات الصلة التي يشارك فيها أو يكون طرفاً فيها أو يستفيد منها لدى أي مصرف على حدة بعد تنزيل المبالغ المحولة من الليرة إلى العملات الأجنبية بعد تاريخ 31/10/2019 وأرصدة حساباته المجمدة كضمانة نقدية مقابل قروض أو تسهيلات، وقيمة الجزء من حساباته المدينة.

-في حال اراد أصحاب الحساب الاستفادة من أحكام القرار، عليه أن يطلب من المصرف المعني فتح “حساب خاص متفرع” يحول إليه مبلغ يوازي 50 ألف دولار أو ما دون وذلك وفقاً للمبالغ المتوافرة في حسابات صاحب الحساب لدى المصرف المعني بالدولار أو بأي عملة أجنبية أخرى.

– في حال تعدد الحسابات لدى مصرف معيّن، يتم تحديد الحساب أو الحسابات التي سيتم التحويل منها إلى الحساب الخاص المتفرع.

-يتم السحب من المبلغ المحول الى “الحساب الخاص المتفرع” وفقاً لما يأتي:

*مبلغ 400 دولار اميركي شهرياً/ يدفع نقدا (Banknotes) “لصاحب الحساب و/أو عن طريق تحويل الى الخارج و/أو بواسطة البطاقات المصرفية التي يمكن استعمالها في لبنان والخارج و/أو إيداعها في حساب جديد (Account Fresh ) ، على ألا يتجاوز مجموع ما يمكن سحبه عملاً بالبند (1) هذا، بالدولار الاميركي، من المصارف كافة، سنويا، مبلغ 4800 دولار أميركي.

*إضافة الى ما يوازي 400 دولار أميركي بالليرة اللبنانية، شهرياً على أساس السعر المحدد على المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة “صيرفة” يدفع منها 50 في المئة لـ”صاحب الحساب” نقداً (Banknotes) و50 في المئة بواسطة البطاقات المصرفية. على ألا يتجاوز مجموع ما يمكن سحبه من المصارف كافة بالليرة اللبنانية عملا بالبند (2)، سنوياً، ما يوازي مبلغ 4800 دولار أميركي على سعر هذه المنصة.

– على المودعين رفع السرية المصرفية عن الحسابات الخاصة لمصلحة مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف. ويفوّض مراقبو المراقبة بالتأكيد من صحة تنفيذ التعميم وإبلاغ مصرف لبنان ولجنة الرقابة عن كل مخالفة.

– يعمل بالتعميم اعتباراً من 30/6/2021 وتطبق شروطه لمدة سنة قابلة للتعديل أو للتجديد ويبقى سارياً لغاية تحرير جميع الأموال المحولة إلى “الحساب الخاص المتفرع”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً