قرار “الضمان” يكشف مستور القطاعين الصحي والاستشفائي

فدى مكداشي
فدى مكداشي

التعميم الأخير للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حول أن الصندوق قرر وقف إعطاء الموافقات الاستشفائية لكل الحالات غير الطارئة تحت المسؤولية القانونية، أثار هلعاً وبلبلة بين المواطنين، ما دفع بالمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي إلى طمانة المضمونين بان “الصندوق لم ولن يتوقف عن إعطاء الموافقات، إنما هذا الإجراء من شأنه ضمان استمرار عمل القطاع الاستشفائي والمحافظة على صحة الناس وعدم الدخول غير المبرر إلى المستشفيات”.

ما هي انعكاسات قرار إدارة الضمان الاجتماعي على القطاع الصحي؟ وكيف سيتم تسهيل أمور المواطنين في ظل هذه الأزمة؟

مثله مثل كل القطاعات الأخرى، يواجه القطاع الصحي اليوم أزمة مالية وسببها الأزمة السياسية وأزمة الإفلاس والفساد المؤسساتي الذي ضرب البلد وهذا انعكس على واقع سعر صرف الليرة في لبنان وواقع قدرة القطاع على استرداد استحقاقاته من الدولة.

يقول عضو اللجنة الوطنية للأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور عبد الرحمن البزري في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير” أن “هذا القطاع لعب دوراً كبيراً في مرحلة الكورونا وتحمّل أعباء كبيرة. ولكن اليوم، وبعد استمرار الأزمة، صارت بعض المؤسسات عاجزة عن سداد مستحقاتها. وهناك الكثير من المعدات والأجهزة الطبية والأدوية المطلوبة لمعالجة المرضى بدأت تنقطع وغير متوافرة. والأمر الأكثر خطورة هو هجرة اليد العاملة الصحية أي الأطباء والممرضين والمسعفين. ونحن نعلم أن قيمة لبنان الحقيقية تكمن في طاقته البشرية الأمر الذي بات ينعكس سلبا على الأمن الصحي”.

وعن خطوة الضمان الأخيرة وانعكاسها على القطاع الطبي، تمنى البزري على الصندوق أن يتخذ دائماً الأولويات الصحيحة التي تراعي مطالب المواطن لتوفير أحسن مستوى طبي. “نحن نفضل كأطباء، أن يكون بيكار التغطية أوسع لكي نستطيع الاستفادة من كل الخدمات. لكن في ظل هذه الأزمة لا يوجد أمامنا خيار سوى تقبّل الإجراءات القاسية. وهذه واحدة من الإجراءات. ولكننا سنرى في المستقبل إجراءات أكثر قساوة ستعكس حالها على واقع القطاع الصحي في لبنان”.

واقع المستشفيات

بالنسبة للإجراءات التي تتبعها المستشفيات بتوقيف عمل المختبرات وتخفيف العمليات الباردة، يوضح نقيب المستشفيات سليمان هارون في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير” أنه “بالنسبة للمختبرات، هناك شركات مقطوعة من كواشف المختبر. أما الشركات التي لديها هذه الكواشف فيتم شراؤها على سعر الصرف في السوق السوداء، وبالتالي نحن كمستشفيات لا نستطيع أن نتحمل هذه التكلفة. لذلك، عمدت أغلبية المستشفيات إلى عدم استقبال المرضى الذين يريدون إجراء الفحوصات المخبرية والاعتماد على الفحوصات الخارجية التي تأتي من خارج المختبرات التابعة للمستشفى”.

وبالنسبة لمستلزمات العمليات، فيشير هارون إلى أن “هناك أيضا بعض المستوردين الذين يفرضون علينا مستلزمات طبية تفوق السعر الرسمي وعلى أسعار السوق السوداء. وبالتالي، يتم تأجيلها إلى حين صدور قرار بدعمها، خصوصاً أن هناك مستلزمات طبية يتخطى ثمنها عشرات ملايين الليرات ولا يمكننا أن نتكبد ثمنها على سعر السوق السوداء، وبالتالي إذا لم تكن ضمن الحالات الطارئة نضطر لأن نؤجّلها”. بعض المستشفيات يعمد إلى “تقاضي فروقات الأسعار من المواطن. هناك فوضى ما بين المستوردين الذين يقولون إنها غير مدعومة ومصرف لبنان الذي يؤكد أنها مدعومة وبالتالي لم نعد نعرف أين الحقيقة. بالإضافة إلى تعدد أسعار الصرف اليومي، إذ بتنا لم نعد نعرف ما هي التعرفة الصحيحة التي يجب الالتزام بها ولا نعلم ما هي البضاعة أو المستلزمات المدعومة وغير المدعومة ولا نعلم ماذا سندفع للمريض فروقات لذا هناك فوضى طاغية وبالتالي لا يمكننا أن نستمر بهذه الطريقة”.

ما بين مستوردي المستلزمات و”المركزي”

على رغم أنه يجب أن يكون هناك نوع من التنسيق بين مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية وبين المصرف المركزي لتحديد المواد التي يجب أن تُدعم، إلا أن نتائج هذا التنسيق لم تنعكس على تأمين استقرار القطاع.

في هذا الإطار، تؤكد نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير” أن “المستلزمات الطبية اليوم وضعها مزرٍ، كما أن الفواتير القديمة التي من المفترض أن يقوم مصرف لبنان بدعمها هو اليوم يبلغنا أنه لا يعلم إذا ما سيكمل الدعم وأنه غير قادر على برنامج واضح لتسديد هذه الفواتير. بالإضافة إلى ذلك، هناك مواد لا تزال مقطوعة ولا نستطيع أن نجلب بديلاً عنها وهناك شركات لديها المواد ولكنها حائرة بوضع التسعيرة لذا هذا هو الضياع الحاصل اليوم”.

وعما إذا كان هناك نوع من تواصل وتنسيق مع “المركزي”، تقول “للأسف لا تواصل ولا تنسيق ولا متابعة مع المصرف المركزي منذ حوالي سنة ونصف، ونحن اليوم نخاطر مع المصرف الذي نتعامل معه إذ لسنا متأكدين من مصرف لبنان في حال كان سيقدم أم لا علماً أنه وعدنا بذلك. وبالتالي، في حال تخلّف عن ذلك ستقع المشكلة على رأس المريض وهذا الذي لا نتمناه ولكن لا نجد حلولاً أخرى”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً