الدولار يُعمّق مأساة الليرة

هدى علاء الدين

يستمر الدولار في تسجيل أرقام قياسية جديدة أمام العملة الوطنية التي وصلت إلى الدرك الأسفل من الانهيار بعدما سجلت العملة الأجنبية سعر صرف وصل إلى عتبة الـ 80000 ليرة للدولار لتخسر أكثر من 97 في المئة من قيمتها، وسط غليان يجتاح القطاعات كافة من دون استثناء وتحركات شعبية خجولة لم ترتقِ إلى مستوى الانهيار. ضحايا ارتفاع الدولار كثر أولهم المحروقات التي ارتفع سعرها منذ مطلع الشهر الجاري حوالي 300 ألف ليرة، ملامسة الـ 1400000 لصفيحة البنزين، في حين رفعت وزارة الاقتصاد سعر ربطة الخبز في مواكبة لارتفاع الدولار لتصبح الكبيرة بـ 33000 ليرة أي بارتفاع قدره 7000 ليرة في أسبوعين.

يأتي ذلك فيما تواصل المصارف إضرابها احتجاجاً على القرارات القضائية وآخرها الادعاء على بنك “عودة”، الذي اعتبرت على إثره جمعية المصارف أن القرارات التعسفية لا تزال تضرب القطاع المصرفي، مشيرة إلى أن الإدعاء جزافاً على أكبر المصارف العاملة في لبنان بتهمة تبييض الأموال يأتي ضمن القرارات التي ينتفي منها الحد الأدنى من الجدية. وبحسب الجمعية، فإن الإدعاء يلحق الأذى البالغ بعلاقة المصرف المعني بالمصارف المراسلة ويهدد مصالح المودعين، لا سيما وأن المصارف المراسلة لا تدرك أن الغاية انتقامية بحتة ولا علاقة لها بتطبيق القانون. وتخوفت من أن يدفع القرار إذا تمّ تعميمه على مصارف أخرى كما يعد به التهديد الذي وصلها، المصارف الكبرى العالمية إلى وقف تعاملاتها بصورة تامة مع لبنان عبر إقفال حسابات المصارف اللبنانية لديها، حينها لن ينفع الندم إذا ما تم عزل لبنان مالياً، متسائلة إذا كان هذا هو الهدف من قرار كهذا؟

لبنان الذي أصبح على مفترق طرق خطير بعد أن دخلت السياسة ومن ثم القضاء على خط الأزمة من الباب العريض، يعيش مرحلة تخبط واضحة لا تبدو فيها ملامح العمل بجدية على خفض سعر صرف الدولار، خصوصاً وأن المساعي التي تبذل غير كافية لمعالجة المعضلة من جذورها. وبحسب مصادر “لبنان الكبير”، فإن المشكلة تكمن في الاخفاقات المتتالية التي أثقلت لبنان بسلسلة واسعة من الأزمات في ظل سوء إدارة الملفات الاقتصادية والنقدية والمالية، مشيرة إلى أن الاصلاح ليس حاجة اقتصادية وحسب، إنما سياسية وقضائية.

وعن مسار الدولار في المرحلة المقبلة، رأت المصادر أن حالة الفوضى التي تشهدها الأسواق تجعل من التنبؤ أمراً في غاية الصعوبة لا سيما وأن سعر الصرف خرج تماماً عن نطاقه النقدي، إذ ليس هناك أي مبرر اقتصادي لهذا الارتفاع غير المسبوق، معتبرة أن الهستيريا الدولارية الناتجة عن حروب الالغاء القضائية والمصرفية تحتاج إلى صدمات سياسية إيجابية في الدرجة الأولى وهو أمر لا يُخفى على أحد. وبحسب المصادر، فإن الخناق السياسي الذي يشتد مع عدم انتخاب رئيس للجمهورية كخطوة أولى للبدء بصياغة الحلول، سيعّمق مأساة العملة الوطنية التي لن تنهض من كبوتها إلا مع خروج الدخان الأبيض عبر تسوية شاملة تشكل خارطة طريق للبنان بعدما أثبت الداخل السياسي فشله في حل الأزمة وحيداً.

شارك المقال