مسار سعر صرف الدولار… اقتراب الفرج أو الدمار الشامل؟

محمد شمس الدين

أصبح سعر صرف الدولار إلى حين كتابة هذه الكلمات 53 ضعفاً عن سعره بالليرة عام 2019، أي 1$ = 1500 ليرة، بينما اليوم 1$ = 80000 ليرة، وهي ليست المرة الأولى التي يرتفع فيها سعر الصرف، فبعد استقرار الليرة وقوتها لـ 21 سنة تراوح سعر الصرف في حينه بين 2.3 و4.3 للدولار الواحد، من العام 1960 حتى العام 1981، بدأ هذا الاستقرار والقوة ينهاران في العام 1982، حتى وصل إلى 18.1 عام 1985، ثم بدأ الانحدار لليرة لمدة 7 سنوات إضافية، حتى وصل سعر صرف الدولار عام 1992 إلى 1838، وبالتالي إذا كان المسار مشابهاً للمسار الماضي لسعر الصرف، فإن الأزمة الاقتصادية لا تزال في منتصف الطريق، بل أسوأ فإن انهيار الليرة هذه المرة وتيرته أسرع، بحيث أنه بعد 3 سنوات من الأزمة تضاعف سعر الصرف 53 مرة، بينما خلال 3 سنوات من بدئها عام 1982، كان التضاعف ضرب 4 فقط، ولم يصل الى 53 إلا بعد 9 سنوات، قبل أن يصبح ضعف 102 بعدها بسنة، فهل هذا يعني أن الأزمة ستستمر لسنة بعد ويتضاعف سعر الصرف أكثر من مئة ضعف؟ أم أن الوتيرة المتسارعة هذه المرة قد تفرض الحل للأزمة قبل أن تتدهور الليرة لهذه الدرجة؟

الباحث الاقتصادي والسياسي نبيل سرور رأى في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “تضاعف سعر الصرف متجه إلى مراحل متقدمة جداً، اذا استمر الوضع كما هو، لا مؤسسات تعمل، لا ضبط للأسعار، لا مراقبة، نحن متجهون الى الأسوأ وقد نصل إلى عتبة الـ 100 ألف قبل نهاية الشهر، فهناك انعدام للرقابة من وزارة الاقتصاد بسبب العدد الضئيل للموظفين، وكذلك تدخل المصرف المركزي في السوق أصبح محدوداً جداً، وهو غير قادر على مواجهة المضاربات، بالإضافة إلى قرار التسعير بالدولار، الذي برأيي هو ضربة قاسية للعملة المحلية، والوضع اليوم مفتوح على كل الاحتمالات”.

وأشار سرور الى أن “البلد متروك لقدره اليوم، تحديداً بعد عرقلة التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، والدولار من المؤكد أنه إلى تصاعد، بسبب التشنج السياسي، ولكن عندما يكون هناك توجه جدي لانتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة ذات رؤية اقتصادية، فبتقديري أن سعر صرف الدولار سينخفض إلى 30 ألف ليرة، كون الدولار حالياً ليس اقتصادياً بل دولار سياسي بامتياز، هناك ضغوط كبيرة على البلد في السياسة، وهي تسمح للتجار والمضاربين بلعب لعبتهم”.

المسار الذي يأخذه سعر صرف الدولار هو إما منطق “اشتدي أزمة تنفرجي”، أي أن هذه الوتيرة السريعة خلال أشهر معناها أن الضغط سيولد الحل، أو أنه سيكون هناك سيناريو أسوأ بكثير، وانهيار العملة أكبر بكثير من مسار انهيار الثمانينيات، وقد يصدق أحد المسشتارين الماليين الذي تحدث بداية الأزمة، عندما قال انه لا يوجد رادع للدولار، ولا أحد يتصور أنه سيصل إلى 100 أو 150 ألفاً، بل قد يتخطاها بكثير، وقد يضرب بالمليون، وعندها لن ينفع كل ضجيج القوى السياسية، اذ يكون البلد فعلياً يدفن بشعبه.

شارك المقال