تعد قضية النقل في لبنان من أصعب المشكلات التي يواجهها المواطن اليوم، خصوصاً بعد تأثير الأزمة الاقتصادية على مختلف القطاعات، والانهيار المتواصل لليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي وتجاوزه عتبة الـ 100 ألف ليرة للدولار الواحد، الى جانب ارتفاع أسعار المحروقات ووصول سعر صفيحتي البنزين والمازوت الى ما يقارب المليوني ليرة.
ومع اعتماد بعض أصحاب الفانات والسيارات العمومية التسعير بالدولار، كان لهذه الخطوة تأثير كبير على من لا تزال رواتبهم بالليرة اللبنانية، ويتنقلون يومياً من مختلف المناطق باتجاه العاصمة بيروت، في غياب تنظيم هذه الخطوط بصورة جدية.
على وقع ذلك يسأل الكثيرون عن سبب غياب الباصات الفرنسية، خصوصاً أنها حظيت بمواكبة إعلامية ضخمة عن أنها ستكون الحل في مجال النقل للتخفيف عن كاهل المواطنين في عز الأزمة الصعبة التي يعانونها مع ارتفاع كلفة النقل بصورة كبيرة. فمع بداية كانون الأول انتشرت هذه الباصات في بيروت الكبرى وعلى أطرافها قليلاً، لكنها ما لبثت أن اختفت بصورة مفاجئة.
المشكلة عند الدولة لا الوزارة
مصادر وزارة الأشغال تشير الى أن سبب توقف الباصات هو عدم حصول العمال على حقوقهم، بعدما كانوا موعودين بزيادة كغيرهم من موظفي الدولة، لذلك، لم يتمكنوا من اكمال أعمالهم. فعندما نشرت هذه الباصات على الطرقات كان ذلك وفق الامكانات الموجودة في المصلحة والسائقين المتوافرين، لكن تقلبات الدولار والرواتب المتدنية التي تقدر بمليونين و400 ألف ليرة وعدم حصولهم على زيادة وبدلات إنتاجية، جعلت الوضع صعباً. وتوضح المصادر أن المشكلة ليست عند الوزارة بل عند الدولة.
وتؤكد مصادر أخرى صحة هذا الكلام، وأن الاعتمادات المخصصة لهذه الباصات كانت تكفي شهراً واحداً فقط، ولذلك توقفت اذ أنها تحتاج الى المازوت والصيانة وشراء بعض قطع الغيار، والى السائقين الذين لم يحصلوا على ما وعدوا به.
انطلاقة الباصات
وكان وزير النقل والأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية،
سعى الى تأمين انطلاقة هذه الباصات خلال الأشهر الماضية في سبيل تخفيف الأعباء عن اللبنانيين وإنعاش قطاع النقل العام، على الرغم من الكثير من الصعوبات والمشكلات التي أخرت هذه الانطلاقة، من صيانتها وتأمين قطع الغيار المخصصة لها وإجراءات تسجيلها في ظل استمرار اقفال مصالح التسجيل، خصوصاً أن جدلاً كبيراً حام حولها لما يقارب 4 شهور مع إضراب القطاع العام حتى حسم أمر تسجيلها واعفائها من الضريبة، الى جانب اعلان الوزارة خلال تلك الفترة عن مناقصة لتلزيم شركة خاصة تأمين سائقين يشغّلون الباصات الا أن أي شركة لم تتقدم بعروضها. وسبق أن أشار حمية الى أن وزارة الأشغال أمّنت الباصات لكنها بحاجة الى تأمين رواتب السائقين وتكاليف الصيانة وقطع الغيار والمازوت، وأن استمراريتها رهن بتأمين الاعتمادات اللازمة من الدولة وخصوصاً وزارة المال.
وتسلم لبنان هذه الباصات البالغ عددها 50، وهي عبارة عن هبة فرنسية في 23 أيار الماضي، على أمل إعادة تفعيل النقل العام المشترك بعد تأهيل 45 باصاً في مصلحة النقل المشترك والسكك الحديد.