مليونا شخص مهددون بانعدام الأمن الغذائي في لبنان… والتوقعات لا تبشر بالخير!

راما الجراح

يشهد لبنان منذ العام ٢٠١٩ أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي بأنها إحدى أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر، بحيث أدت إلى إنهيار مالي وشح في الوقود والطاقة وسلع أساسية أخرى، وأزمة معيشية حادة نتجت عنها أزمة أمن غذائي.

كما أن فساد الدولة وغياب خطّة اقتصاديّة سليمة ومستدامة على مدى سنوات، أوصلا الوضع الاقتصادي الى عدم استقرار في سعر صرف الدولار مقابل اللّيرة اللّبنانية، واهمال الزراعة والصّناعة المحليّة. كل ذلك أدى إلى إرتفاع في أسعار السّلع والمواد الغذائية بصورة استثنائية في ظلّ غياب الرقابة الرّسميّة على الأسعار وانعدام الاكتفاء الذاتي الغذائي.

هذه الأزمات كلها حدت بالمواطنين الى الذهاب لشراء غالبية حاجياتهم بأرخص الأسعار من دون أي اكتراث للنوعية ما عرّض الأمن الغذائي في لبنان للخطر بسبب إرتفاع نسب الفقر والبطالة، وترافق ذلك مع ارتفاع الفاتورة الغذائية على صعيد الأسرة، من ٤٠٪ من مجمل الدخل إلى ٩٠٪ اليوم. وكان آخر حوادث الأمن الغذائي وفاة أب لخمسة أولاد في منطقة حوش الحريمة في البقاع الغربي جراء التسمم من “السودة” الفاسدة التي اشتراها من أحد ملاحم البلدة التي تعتبر الأرخص في المنطقة، وما لبثت أن أقفلت بالشمع الأحمر.

ووفق التحليل الأول الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة اللبنانية حول لبنان لما يُعرف بالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، يواجه نحو مليوني شخص، منهم ١.٢٩ مليون مواطن لبناني و٧٠٠ ألف لاجئ سوري، انعداماً في الأمن الغذائي في الوقت الراهن، وبحسب الاحصاءات فإن ٨٧٪ من اللبنانيين و٩٦٪ من اللاجئين السوريين لجأوا إلى نمط غذائي غير صحي.

وأكدت ممثلة منظمة الأغذية والزراعة في لبنان نورة أورابح حداد أن هناك عدة دوافع رئيسة ساهمت في ارتفاع انعدام الأمن الغذائي ومن بينها: أولاً مستوى التضخّم، وهو على ازدياد مستمر بالتزامن مع رفع الدعم وارتفاع أسعار المحروقات والطاقة والمواد الغذائية وغير الغذائية. ثانياً تدنّي قيمة العملة اللبنانية. ثالثاً رفع الدعم عن السلع الغذائية وغير الغذائية (بما فيها الأدوية والمحروقات….). رابعاً تراجع القدرة الشرائية وخصوصاً لذوي الدخل المحدود. خامساً التراجع في فرص العمل وازدياد البطالة بحيث ارتفعت نسبة البطالة من ١١٪ من السكان سنة ٢٠١٩ لتبلغ ٣٠٪ سنة ٢٠٢٢. سادساً، اتساع الفجوة بين قيمة المساعدات الانسانية المقدّمة وكلفة المعيشة، وهشاشة النظم الغذائية. إذ إن لبنان يعتمد في أكثر من ٨٠٪ من حاجاته الغذائية على الاستيراد ولا تتعدى حصّة مشاركة القطاع الزراعي في الناتج الاجمالي العام الـ ٢.٥٪، وأخيراً عدم الاستقرار السياسي في لبنان والتأثير السلبي على الادارات العامة كافة وتدنّي مستوى الخدمات العامة.

التحليلات والاحصاءات لا تبشر بالخير، ومع عجز الأسر اللبنانية عن تأمين سلتها الغذائية الكافية من الكمية والنوعية، يبدو أننا مقبلون على وضع أسوأ مما نحن عليه وإرتفاع أكبر في سوء التغذية.

شارك المقال