“المركزي” يعزز احتياطاته… ومهمة جديدة بانتظاره

هدى علاء الدين

أظهرت ميزانية مصرف لبنان ارتفاع احتياطه بالعملات الأجنبية حوالي 88 مليون دولار في النصف الأول من شهر نيسان الجاري، ليبلغ 9.5 مليارات دولار معوّضاً بذلك خسارته التي سجلها نهاية شهر آذار الماضي والتي بلغت حينها 66 مليون دولار، في وقت لا يزال الدولار يحافظ على استقراره في السوق السوداء منذ تدخل “المركزي” الأخير عند هامش سعر صرف يتراوح بين 96500 ليرة و97500 ليرة، بالتوازي مع استقرار سعر صرف منصة “صيرفة” عند 86700 ليرة. كما سجلت قيمة موجودات “المركزي” من الذهب ارتفاعاً بنحو 50 مليون دولار مقارنة بنهاية الشهر الفائت لتبلغ نحو 18.7 مليار دولار، وأظهرت أرقامه ازدياد حجم النقد المتداول بحوالي 1.5 تريليون ليرة مسجلاً ما مجموعه 66.4 تريليون ليرة لغاية النصف الأول من هذا الشهر.

وعلى الرغم من أن مصرف لبنان لا يُفصح عادةً عن مصادر ارتفاع الاحتياطي وكيفية حصوله، لكن اللافت أن هذه الزيادة هي الأولى من نوعها منذ بداية العام 2023 بعد سلسلة من التراجعات بلغت في غضون ثلاثة أشهر ونصف الشهر أكثر من نصف مليار دولار، لا سيما وأن التوقعات كان تُشير إلى مزيد من الانخفاض بسبب استمرار تدخله عبر منصة “صيرفة”، وتسديد رواتب القطاع العام وما يتوجب من سحوبات دولارية للمودعين وفقاً لتعاميمه، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول الآلية التي يتبعها “المركزي” لزيادة احتياطه وتعزيز سيولته بالعملة الخضراء، وعن مصادر الأموال التي يلبي بها احتياجات السوق والدولة والمنصة.

نجح مصرف لبنان، أقله حتى اليوم، في تهدئة سعر صرف الدولار في السوق السوداء عبر ضخه ملايين الدولارات يومياً مدعوماً بقرار سياسي لتمرير فترة الأعياد بأقل الأضرار الممكنة والافادة من أموال المغتربين التي ضخت في السوق خلال هذه الفترة، واستعادة الأنفاس بعد قرار الحكومة في ما يتعلق بموظفي القطاع العام من أجل خوض رحلته لجمع الدولارات لزوم رواتب موظفي القطاع العام. “المركزي” الذي تمكن خلال الأسابيع الماضية من شراء ما يحتاجه من الدولار ولا يزال حتى اليوم قادراً على تخزين المزيد منه، قد لا يُضطر إلى استخدام نفوذه في السوق في القريب العاجل ما دام الاستقرار المبدئي في سعر الصرف هو سيد الموقف، إلا أنه سيكون حتماً بانتظار قرار الحكومة التي أمامها امتحان صعب لناحية قدرتها على تأمين السيولة اللازمة التي تحتاجها لزوم الرواتب والزيادات، وهي إن أقرت بأنها ستؤمنها من خلال الدولار الجمركي وبعض الايرادات المحصلة، إلا أن ذلك لن يكون مضموناً وقد لا يتحقق. وعليه، سيكون مصرف لبنان أمام مهمة جديدة من أجل تزويد الحكومة بما تحتاجه لتغطية نفقاتها وسط حالة من الترقب لانعكاسات تدخله في السوق على معدلات التضخم وسعر صرف الدولار.

شارك المقال