أسعار الاستهلاك تحلق وكلفة المعيشة بالملايين

هدى علاء الدين

يستمر مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان والذي يُستخدم لتتبع معدل التضخم وتكلفة المعيشة في الارتفاع مدفوعاً بارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القدرة الشرائية الناتجة عن استمرار انهيار العملة الوطنية، الأمر الذي أنتج حالة متواصلة من ازدياد أسعار السلع والخدمات بات يصعب السيطرة عليها. فقد أظهرت الأرقام الصادرة عن إدارة الاحصاء المركزي ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك لشهر آذار 2023 بنسبة 33,27 في المئة مقارنة مع 25,52في المئة في شهر شباط الماضي، ليُسجل بذلك ارتفاعاً قدره 263,84 في المئة مقارنة مع شهر آذار العام 2022.

وبالتفاصيل، سجلت محافظة الشمال النسبة الأعلى عند 38,54 في المئة، تلتها محافظة البقاع بنسبة 34,68 في المئة، محافظة جبل لبنان بنسبة 33,57 في المئة، ثم محافظة بيروت بنسبة 32 في المئة ومحافظة النبطية بنسبة 27,11 في المئة، وأخيراً محافظة الجنوب بنسبة 25,65 في المئة. كما أظهرت النتائج أن التضخم الجامح استمر للشهر 33 على التوالي، مدفوعاً بارتفاع الاتصالات وتكاليف المشروبات الكحولية والتبغ، وأسعار المطاعم والفنادق، والصحة، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومعدلات المياه والطاقة. وفي حين زادت تكلفة النقل بنسبة 300 في المئة سنوياً، ارتفعت تكلفة المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 352,4 في المئة. وزادت تكلفة الاتصالات أكثر من سبعة أضعاف في آذار مقارنة بالشهر نفسه من العام 2022، في حين قفزت أسعار المشروبات الكحولية والتبغ أكثر من خمسة أضعاف. كذلك زادت التكاليف الصحية أكثر من أربعة أضعاف وأسعار الملابس والأحذية وأسعار المطاعم والفنادق أكثر من ثلاثة أضعاف، أما تكاليف النقل فارتفعت ثلاث مرات.

ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك ليس الارتفاع الوحيد الذي يعاني منه المواطن اللبناني، بل يأتي بالتزامن مع ارتفاع كلفة معيشة الأسرة المتقشفة لتصل إلى ما بين 39 و77 مليون ليرة شهرياً بالحد الأدنى من دون احتساب الصحة والاستشفاء. ومع انهيار سعر صرف اللّيرة وارتفاع الأسعار، ارتفعت تلقائيّاً كلفة المعيشة بنسبة 196 في المئة حتى بداية شهر نيسان هذا العام مقارنة بشهر تشرين الأول عام 2022 الذي تراوحت فيه هذه الكلفة بين 20 و26 مليوناً وذلك بحسب دراسة أعدّتها “الدوليّة للمعلومات” حول كلفة معيشة الأسرة اللبنانية المتقشفة قدّر فيها عدد أفرادها بأربعة، مع الأخذ في الاعتبار الفروق المعيشية في السكن بين القرية أو المدينة، والسكن بالتملك أو الإيجار.

من المتوقع أن يستمر هذا المنحى التصاعدي في ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك لا سيما وأن المؤشر يترقب ارتفاعاً جديداً في الدولار الجمركي، الأمر الذي سينعكس ارتفاعاً على أسعار السلع والخدمات على اختلافها. ومع الارتفاع الفاحش لأسعار العديد من السلع التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستهلاك اليومي والشهري للبنانيين، أصبح الغلاء أمراً واقعاً وحتمياً في ظل إجراءات تسهم بشكل أو بآخر في رفع معدلات التضخم وخفض القدرة الشرائية ليضغط ذلك بصورة مباشرة على مداخيل الأسر والعائلات اللبنانية.

شارك المقال