“مبروك” للبنان… تخطى زيمبابوي وتصدر في التضخم

هدى علاء الدين

لا يزال لبنان يسجل أرقاماً سلبية قياسية في المؤشرات كافة التي تدل بصورة واضحة على انهياره. وعلى الرغم من قساوة هذه الأرقام ومخاطرها وانعكاساتها السلبية على البنية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها لم تلق حتى اليوم أي استجابات سريعة أو مساعٍ حثيثة لمعالجتها بسبب غياب الارادة الحقيقية للإنقاذ.

فقد كشف البنك الدولي في تقريره الأخير عن الأمن الغذائي حول العالم، تسجيل لبنان أعلى معدل تضخم في أسعار المواد الغذائية في الترتيب العالمي عند 261 في المئة كمعدل تغيير سنوي للفترة ما بين نهاية شباط الماضي لغاية شباط العام الجاري، وذلك بفارق ضعفي نتيجة زيمبابوي التي جاءت في المركز الثاني بنسبة 128 في المئة. ورصد التقرير، في ما يتعلق بمعدل التضخم الحقيقي، زيادة في التغير السنوي في أسعار المواد الغذائية في لبنان بنسبة 71 في المئة خلال فترة المقارنة، تلاه زيمبابوي بنسبة 40 في المئة ثم رواندا بنسبة 32 في المئة ومصر بنسبة 30 في المئة. واستندت معدلات التضخم هذه إلى أحدث الأرقام التي تحققت في نهاية الربع الأول من العام الجاري، وضمن جدول يشمل الدول التي حققت معدلات تضخم أسعار المواد الغذائية ومعدلات التضخم الاجمالية. ووفقاً للبنك الدولي، فإن نسبة تضخم أسعار الغذاء في لبنان ساهمت وحدها في حوالي 40 في المئة من الارتفاع في مؤشر تضخم الأسعار خلال شهر كانون الثاني 2023، إذ من المتوقع أن يؤثر انعدام الأمن الغذائي على حوالي 1.46 مليون لبناني و800 ألف لاجئ نهاية نيسان 2023، في ظل توقعات برنامج الأغذية العالمي باستمرار الأزمة الاقتصادية واستدامة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وكان البنك الدولي قدّر نسبة النمو الاقتصادي عند -0.5 في المئة العام الجاري بعد انكماش بنسبة 2.6 في المئة في العام 2022، وسط غياب مستمر لأي إصلاحات هيكلية، وهو اتجاه يفترض أن يستمر في العام 2023. واعتبر أن انكماش الناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة الممتدة بين الأعوام 2018 – 2022، قد أدى إلى تآكل أكثر من 15 عاماً من النمو الاقتصادي. كما أن لبنان الذي لا يزال يعاني من فراغ مؤسسي عميق في ظل إخفاق في انتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ تشرين الأول 2022، زاد الفشل في حل مشكلة خسائر القطاع المالي (المقدرة بنحو 72 مليار دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الاجمالي لعام 2021) من تفاقم الأزمة.

وفقاً للتقرير، يتحمل الفقراء الجزء الأكبر من عبء الأزمة مع ارتفاع مستويات الفقر، بحيث تُصنف ثلاث أسر من بين كل خمسة بأنها فقيرة أو فقيرة جداً لا سيما تلك التي لا تتلقى أي تحويلات مالية من الخارج. وفي حين أن معدلات التوظيف آخذة في الارتفاع، إلا أن نسبة كبيرة من السكان في لبنان يعملون في وظائف منخفضة الجودة. أما على صعيد المالية العامة، فقد سجل لبنان فائضاً مالياً ضيقاً بلغ حوالي 0.3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2022، بحيث تقلصت النفقات بوتيرة أسرع من الايرادات. وبالتفصيل، انخفضت الإيرادات الحكومية من 13.1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2020 إلى 6.0 في المئة في العام 2022 (واحدة من أدنى المعدلات على مستوى العالم)، مع تقلص النفقات بنسبة 16.4 نقطة مئوية إلى 5.7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2022.

أما عالمياً، فقد كشف تقرير البنك الدولي أن تضخم أسعار المواد الغذائية لا يزال مرتفعاً في جميع فئات الدخل في جميع البلدان، مع 70.6 في المئة لذوي الدخل المنخفض، و90.9 في المئة للشريحة الدنيا من الدخل المتوسط، و87.0 في المئة للبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى حيث تتجاوز مستويات التضخم الـ 5 في المئة. وأضاف التقرير أن 84.2 في المئة من الدول ذات الدخل المرتفع ومعدلات التضخم المرتفعة شهدت تضخماً مرتفعاً في أسعار المواد الغذائية، في حين أن الدول الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية تقع في أفريقيا وأميركا الشمالية وأميركا اللاتينية وجنوب آسيا وأوروبا وآسيا الوسطى. وأشار البنك الدولي إلى أن تضخم أسعار الغذاء الحقيقي (الذي يُعرَّف على أنه تضخم اسمي للغذاء مطروحاً منه التضخم الاجمالي) قد تجاوز التضخم الاجمالي الحقيقي في 86.5 في المئة من 163 دولة يتوافر فيها كل من مؤشر أسعار المستهلكين للأغذية ومؤشرات أسعار المستهلكين الاجمالية.

شارك المقال