“الزودات” الأخيرة… “ترقيع بترقيع” وحبر على ورق

حسين زياد منصور

لا تزال قضية الرواتب والأجور في لبنان محط جدل بين الحكومة والموظفين في القطاعين العام والخاص، فعلى الرغم من ثبات سعر صرف دولار السوق السوداء دون الـ 100 ألف ليرة بعدما وصل في أوجه الى ما يقارب الـ 150 ألفاً في الأشهر الماضية، في كل مرة تقر الحكومة الزيادات، يحصل خلاف بصورة دائمة حول آلية احتساب الراتب وفق منصة “صيرفة”، والسعر الذي سيصرف عليه.

وسبق أن أعلنت هيئات وروابط الموظفين في القطاع العام الى جانب المتقاعدين المدنيين والعسكريين التزامهم وتمسكهم بضرورة تصحيح الرواتب بما يتناسب مع غلاء المعيشة والتضخم وسعر صرف الدولار الى جانب المعاشات التقاعدية، فضلاً عن رفضهم مقررات مجلس الوزراء الأخيرة المتعلقة بهذه الزيادات، التي وصفوها بأنها مخيبة للتوقعات على اعتبار عدم تلبيتها أدنى الحقوق والمطالب. ولطالما كانت دعواتهم الى ضرورة توفير الاعتمادات المالية اللازمة للطبابة والاستشفاء والمدارس للموظفين مع تحديد سعر صرف ثابت لاحتساب الرواتب والمعاشات التقاعدية.

وخلال الأيام الماضية أعلنت رابطة موظفي الدولة العودة الى العمل يوماً واحداً في الأسبوع بعد الاجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والذي اعتبره البعض إيجابياً نوعاً ما، على الرغم من رفض زيادة 4 أضعاف للرواتب إضافة إلى الراتبين و450 ألف ليرة بدل النقل عن كل يوم عمل.

وكان رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر وصف في حديث سابق الزيادات التي حصلت بـ “إبر مخدرة” على اعتبار أن سعر صرف الدولار وسعر صرف منصة “صيرفة” يستمران في الصعود، مؤكداً أن هذه الزيادات التي حصلت التهمها التضخم وهي مهددة بفقدان قيمتها في حال ارتفع سعر صرف الدولار مرة أخرى.

وأوضح الأسمر أن الحل سياسي ينتج حكومة قادرة على التحرك تضع سقفاً لسعر صرف الدولار. ودعا الى ضرورة وضع إطار سليم للزيادات في القطاع العام كي تكون ممولة بطريقة مدروسة تؤمن الاستمرارية، معرباً عن خوفه وقلقه من تحول الموظفين إلى “مياومين” على صعيد الحصول على بدل النقل، بفعل الشروط المرتبطة بالانتاجية في المؤسسات الحكومية.

نشابة: الزيادات هروب الى الأمام

هذه الزيادات تصنّف ضمن خانة الهروب الى الأمام وهي مجرد “ترقيع بترقيع”، فالزيادة كانت 4 أضعاف لكن التضخم أصبح 10 أضعاف، بحسب الكاتب والباحث السياسي والاقتصادي شادي نشابة الذي رأى في حديث لـ”لبنان الكبير” أنها “لا تكفي طبعاً الموظف عموماً، ورواتب موظفي القطاع العام أصبحت لا تكفيهم سوى لجزء صغير من المتطلبات التي يحتاجونها يومياً لذلك فهي سياسة الهروب الى الأمام”.

واعتبر أن “الحل في المرحلة الحالية لن يكون بهذه الزيادات، بل ببرنامج اصلاحي واستقرار سياسي وانتخاب رئيس للجمهورية وإيجاد طريقة لكيفية توزيع الخسائر ومكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة والعمل على زيادة احتياطات العملة الصعبة وأموال الخزينة، من هنا يكون الانطلاق، اما كل هذه الحلول فهي ترقيعية ليس لها أي أثر ايجابي على صعيد الاقتصاد بل أثر سلبي”.

وبما أن لقطاع التعليم والأساتذة حصة كبيرة من هذه القضية، وفي ظل الاصرار على اجراء الامتحانات الرسمية، لشهادتي البريفيه والترمينال، وعلى الرغم من بعض الأقاويل عن تخلي وزارة التربية عن البريفيه لإجراء امتحانات الشهادة الثانوية مع العلم أن هناك مدارس وثانويات لا تزال مقفلة منذ مطلع العام الدراسي ولم يتعلم فيها الطلاب أي حرف بعد، هناك مساعٍ لإقناع نواب لجنة التربية النيابية بإصدار توصية بعقد جلسة تشريعية للمجلس النيابي ليصار إلى إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة يقوم بها المدير العام للتربية بالتكليف عماد الأشقر بمساندة وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، لكن وبحسب بعض النواب فالقرار لم يتخذ بعد، وغير ذلك ستكون وزارة التربية ملزمة بإجراء الامتحان في حال تأمن التمويل لها.

شاهين: فديرالية تربوية في بعض المناطق

وفي حديث لـ “لبنان الكبير” حول ما يخص قضية الزودات والامتحانات الرسمية، أكدت نسرين شاهين رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي، أن “الوزارة تريد اجراء الامتحانات الرسمية بأي ثمن لأنهم سيحصلون على تمويل خارجي لقاء اجرائها”. وأوضحت أن “الزودة كانت للقطاع العام لكن قطاع التعليم 70٪ منه متعاقدون، لذلك لم يحصلوا على هذه الزيادات لأن لا راتب لهم وبالتالي تمت زيادة قيمة الساعة من 100 الى 150 ألف ليرة لكنها لم تطبق بعد، فالزودة لا تزال حبراً على ورق”.

“بعد عودة موظفي القطاع العام الى العمل مرة في الأسبوع، كأساتذة عاد ٨٠٪؜ منهم للتعليم فيما بقي ٢٠ ٪؜ مضربين، وتجدر الاشارة الى أن عدداً منهم تعرض للتهديد والضغوط السياسية”، وفق شاهين التي قالت: “أصبحنا نشهد في بعض المناطق فديرالية تربوية، أي كل جهة حزبية تقوم بإعطاء المدرسة الرسمية الموجودة ضمن نطاقها نوعاً من الاعاشة أو المحروقات للأساتذة، وهذا ما يحصل في وقت مطالبتنا بوجود تعليم رسمي لجميع اللبنانيين وأن يأخذ الأستاذ الرسمي حقه مهما كانت طائفته وتوجهه السياسي، وهو ما دفع بعض الاساتذة الى العودة عن الاضراب بعد توفير ١٠٠ أو ٥٠ دولاراً لهم من جهاتهم الحزبية”.

وأشارت شاهين الى وجود نقص في الكادر التعليمي والأساتذة بعد أن قرر عدد منهم الهجرة أو العمل في مجال آخر.

شارك المقال