التعميم 165: محاولة لإنشاء كيان مصرفي جديد

هدى علاء الدين

أحدث التعميم 165 المتعلق بعمليات التسوية الالكترونية العائدة الى “الأموال النقدية” الصادر مؤخراً عن مصرف لبنان، حالة من الجدل والارتباك لناحية تفسيره وانعكاساته الظاهرة والمبطنة على كل من القطاع المصرفي وأموال المودعين خصوصاً في ما يتعلق بالتمييز بين الودائع القديمة والودائع الفريش، الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام حول مصير الودائع القديمة.

التعميم الذي يهدف إلى تنظيم العمل بالشيكات النقدية، طلب من المصارف فتح حسابات جديدة بالأموال النقدية أو ما يُعرف بالـBanknotes بالدولار الأميركي والليرة اللبنانية من أجل استخدامها بصورة حصرية لتسوية التحاويل المصرفية الالكترونية الخاصة بـ”الأموال النقدية” ولتسوية مقاصة الشيكات التي يتم تداولها أيضاً بـ”الأموال النقدية”، مفسراً هذه الأموال على أنها تلك التي حُولت من الخارج و/أو تم تلقيها أوراقاً نقدياً بالعملات الأجنبية بعد تاريخ 17 تشرين الثاني 2019. وبموجب التعميم سيسمح بإجراء تحويلات نقدية “فريش” بالعملة اللبنانية وبالدولار الأميركي، وسيتم ربط الحسابات الجديدة المتعلقة بهذه الأموال برمز سويفت بحيث سيطلب من الشركة إضافة رمز جديد للأموال الفريش DLP. كما سيُطلب من مديرية المعلوماتية في مصرف لبنان إصدار بطاقات جديدةSMART CARD متصلة فقط بهذه الحسابات لاستخدامها بدلاً من الأوراق النقدية، في حين سيبدأ العمل بالتحاويل والمقاصة الخاصة بـ”الأموال النقدية” ابتداء من الأول من حزيران المقبل، على أن تتم إضافة كلمة “فريش” باللون الأخضر على الشيكات الخاصة بالأموال النقدية من أجل تمييزها عن الشيكات الأخرى المتداولة.

وفي هذا الاطار، أوضح خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أن التعميم 165 وُلد من رحم التعميم 150 فهما وجهان لعملة واحدة، مشيراً إلى أن التعميم الأساسي 165 الصادر في 19 نيسان 2023، لن يكون إلا إنعطافة خفيفة لأحكام التعميم الأساسي رقم 150، وذلك في محاولة لإنشاء كيان مصرفي جديد مبني على كيان نقدي تم التأسيس له في 9 نيسان 2020، وهو تاريخ ولادة حسابات “الدولار الفريش” التي أعادت بعضاً من الروح الى القطاع المصرفي التي فقدها نتيجة التعثر غير المنظم في 7 آذار 2020 والذي جاء نتيجة قرار التوقف التام عن خدمة الدين العام من دون وجود أي خطة لاعادة جدولة وهيكلة الدين العام.

ووفقاً لفحيلي، كان من أبرز تداعيات هذا الانفراج الحكم بالاعدام على الدولارات والأرصدة بالعملة الأجنبية في الحسابات المكونة والإيداعات المتممة قبل هذا التاريخ أو ما تُعرف بحسابات “الدولار المحلي”، وهو الاسم المعتمد من السلطة النقدية.

ورأى فحيلي، أنه في حال كانت هناك مخاطر تتعلق بتبييض الأموال، فانها لن تبدأ مع التعميم 165، لأن الكيان النقدي الذي بُني على أساس الدولار الفريش هو كيان خال من المخاطر الائتمانية التي قضت على الدولار المحلي، ومن هنا تأتي أهمية التعميم الأساسي 165.

وعن اتهام التعميم بتبييض الأموال، أرجع فحيلي ذلك إلى عدم الالمام بتقنيات العمل المصرفي، لا سيما وأن ذلك إن كان ليحصل، فهو متوافر تحت أحكام التعميمين 150 و161 لجهة إستفادة غير موظفي القطاع العام منه، هذا وإن قررت المصارف غض النظر عن إجراءات مكافحة تبييض الأموال. وهنا أوضح فحيلي أن موظفي القطاع العام يستفيدون من التعميم 161 لكن ليست هناك أي عملية تداول في الأوراق النقدية بالفريش، لا سيما وأن رواتبهم تُضاف إلى حساباتهم المصرفية بالليرة اللبنانية، ويقوم مصرف لبنان بتأمين الدولار الفريش للمصارف والتي بدورها تمنحها لهم، وبالتالي، هم لا يقومون بأي عمليات إيداع للدولار الفريش في حساباتهم. أما بالنسبة الى موظفي القطاع الخاص، فإن عملية تبييض الأموال تتم عبر استعمال الليرة اللبنانية، خصوصاً وأنه مطلوب منهم إيداع أموال نقدية بالليرة لاستبدالها بموجب أحكام التعميم 161 بالدولار الفريش. وعليه، فإن تبييض الأموال ممكن من خلال بوابة التعميم 161 بالليرة اللبنانية لأن الايداعات تتم بالليرة اللبنانية الفريش والقبض يتم بالدولار الفريش.

ولن يمتثل الى أحكام التعميم الأساسي 165 إلا المصارف القادرة على الاستمرار في خدمة الاقتصاد وهي قليلة، ولن تتعدى الـ 7 مصارف، وذلك لأن تطبيقه مُكلف، كما قال فحيلي. فالامتثال الى أحكام التعميم 150 يعني أن المصرف يحافظ على أرصدة جيدة وايجابية مع المصرف المراسل. كما أن أرصدة حسابات المقاصة لدى مصرف لبنان سوف تكون من أموال المصرف، وعليه يجب أن يتمتع المصرف بقسط كافٍ من السيولة بالدولار الفريش.

شارك المقال