الاتصالات في خطر… سيناريو إضراب “أوجيرو” وارد!

راما الجراح

دخل قطاع الاتصالات في لبنان في أصعب مراحله وأخطرها، وبدل أن يكون مصدراً لإنعاش الدولة وخزينتها، أصبح عبئاً ثقيلاً عليها وعلى جميع المواطنين بفعل التدهور المستمر فيه. فبعد إضراب موظفي “أوجيرو” الذي استمر لأكثر من أسبوع وتسبب بخروج عدد كبير من السنترالات عن الخدمة في العديد من المناطق، ثم تعليقهم الاضراب إثر الوعود التي تلقوها من وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم وتبنيه مطالبهم التي لم يتحقق منها شيء حتى الآن، عاد الوضع إلى نقطة الصفر والأمور لا تبشر بالخير.

الوزير القرم أعلن أن هناك خطراً حقيقياً على قطاع الاتصالات، فهناك حاجة إلى موارد لتسيير شؤونه. وأشار بعد اجتماعه الاثنين الماضي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في حضور المدير العام لهيئة “أوجيرو” عماد كريدية، والمدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات باسل الأيوبي، إلى أنه سيصار إلى التشاور مع وزير المال يوسف الخليل بشأن الاجراءات التي يمكن اتخاذها لحلّ هذه المشكلة. وقال القرم لدى إبلاغه ميقاتي بالخطر المحدق بقطاع الاتصالات، إنه منذ بداية العام، وباستثناء الرواتب، لم تحوّل إلى الوزارة أي اعتمادات للصيانة.

إذاً، المشكلة حقيقية، وما يُقال ليس شائعات، وبحسب معلومات خاصة لموقع “لبنان الكبير” فان “وزارة الاتصالات تعاني أساساً منذ فترة طويلة من مشكلة الطاقة والمولدات التي أصبحت قديمة جداً، وكلما قاموا بصيانتها تعود وتتعطل من جديد، والميزانية لا تسمح بشراء مولدات جديدة، وبسبب الشح في السيولة اضطررنا وهيئة أوجيرو إلى زيادة الزيت في المولدات بدل تغييره في ظل عجزنا عن تركيب ألواح للطاقة الشمسية”.

وفي ما يتعلق برواتب موظفي “أوجيرو” تحديداً، أكدت المعلومات أن “مجلس الوزراء أقر دفع مساهمة الرواتب والأجور عن ٦ أشهر عن العام ٢٠٢٣ كما تسديد مستحقاتهم عن العام ٢٠٢٢، ولكن لم تتم إضافة أي منها إلى رواتبهم حتى اليوم، الا أن الوزارة تواكب الموضوع بصورة جدّية حتى لا يتكرر سيناريو الاضراب من جديد ونصل إلى مكان لا تحمد عقباه”.

وأوضح الخبير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر الطبش أن “المفروض كان أن نسمع عن حل قريب بعدما وضعت هيئة موظفي أوجيرو لائحة طلبات محقة مع وزير الاتصالات جوني القرم وتبناها، وهذا جزء من الحل، وهو السبب الذي أدى إلى تعليق الاضراب بصورة مؤقتة. واجتمع القرم مع الرئيس ميقاتي الذي تفهم مطالب الموظفين ووعدهم بإضافات، وطبعاً هذا ما لم يحصل، وهناك دعوات جدّية بين الموظفين للعودة الى الإضراب، في حال لم يتطور هذا الملف الى الأفضل وهذا مستبعد وصعب اليوم بحسب ما جاء على لسان الوزير نفسه، وهو ما أتوقعه وستكون هذه المرة أصعب بسبب الاهتراء الذي تعاني منه البنى التحتية، ومشكلات السيولة والصعوبات التي يشهدها القطاع”.

وقال الطبش في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “لا أعلم كيف أقروا الاضافات في الوقت الذي ليس هناك مال أساساً لاعطائهم اياه؟ وأتساءل كيف بعد كل هذه الانهيارات تدفعون بالدولار، والشركات تدفع باللبناني وتقبض بالدولار؟ وبالفعل كما ذكرت في مقابلة سابقة ضمن برنامج (منحكي لنحلها) عبر موقعكم أن لا نية لدى الوزير القرم لحل الموضوع وإلا لكان حله منذ أشهر، وسيتحمل مسؤولية عزل لبنان عن العالم. ومن جهة ثانية هناك أشهر معدودة حتى نهاية العام ٢٠٢٣، فمَن سيدفع مستحقات الساعات الدولية أيضاً؟ وكأن هناك تدبيراً مع سبق الاصرار والترصد لتدمير هذا القطاع ويتم بيعه بالرخيص (ومش فارقه معهم الموظفين) فنحن عبارة عن أرقام ليس أكثر”.

وأكد أحد موظفي هيئة “أوجيرو” أن “صيانة أي عطل يخص الاتصالات في أوجيرو لم يحصل منذ العام ٢٠١٩ إلا التي تأتي وراءها عراضات ووساطات وتُعد على أصابع اليد. لا سيولة نهائياً لهذا القطاع، وجميع الكابلات والأجهزة يتم شراؤها بالفريش دولار والدولار غير موجود! وصراحة همّ الوزير اليوم فقط التأثير الذي سيطرأ على قطاع الخلوي ولكن جميعنا يعلم أن آخر همه هيئة أوجيرو وموظفوها، وفعلياً أصبحنا اليوم نلمس استهدافاً متعمداً للهيئة والقطاع لمصلحة ما ولا يمكن السكوت عنه، ونحمّل المسؤولية للوزير القرم ولكل مَن تبنى مطالبنا من الأساس، ونحن غير مسؤولين عما سيحصل في الأيام المقبلة، ولا شك في أنه كلما ساءت الأوضاع وتعقدت كلما زاد احتمال العودة إلى الاضراب وهذه المرة من دون رحمة ولا تراجع ولن نصدق أي وعود (وبكفي تضحكوا علينا)”.

لا يمكن أن نختبئ وراء إصبعنا، فالوضع ليس سليماً، وطريق التصعيد بات وارداً جداً في ظل كل هذه التعقيدات، وبغياب المساعدات والتمويل ليس هناك الكثير من الخيارات، فهل سيُعاد سيناريو الاضرابات ويُهدد لبنان بالعزلة عن العالم بصورة جدّية وكاملة؟

شارك المقال