سلامة يُقدّم نصيحة للقضاء… ما قيل عن “صيرفة” غبي

هدى علاء الدين

يلعب مصرف لبنان ممثلاً بحاكمه رياض سلامة دوراً بارزاً في سنوات الأزمة الاقتصادية التي تواجه لبنان، ففي حين يعتبر البعض أن العديد من القرارات التي اتخذها سلامة خلال الفترة الأخيرة ساعدت بصورة مباشرة في نشوء الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان حالياً وفي تدهور عملته الوطنية، يرى البعض الآخر فيه الجهة الوحيدة القادرة على التدخل في السوق من أجل لجم أزمة الدولار ومنع الوضع المالي من الانفجار الكبير.

رياض سلامة الذي يُشكل اسمه حالة من الجدل في الأوساط المالية والنقدية وحتى السياسية، أشار في حديث تلفزيوني أمس الى أن المصرف المركزي سيستمر في التدخل لمنع الارتفاع الاضافي في سعر صرف الدولار ولن يسمح بانفلات سعر الصرف أكثر، مبدياً استعداده لشراء كل العملة المحلية المتوافرة في السوق عبر منصة “صيرفة”. واعتبر أن الضجّة المُثارة اليوم هدفها إحداث فوضى في سوق القطع، لأن هناك من هو منزعج من الاستقرار النقدي الذي ولد نمواً اقتصادياً. كما أكّد تعاونه مع القضاء، لافتاً إلى أنه سيحضر أي جلسة تحقيق تُعقد وفقاً للأصول وأنه سيتنحى في حال صدر أيّ حكم بحقه، ناصحاً القضاء بأن يبدأ التحقيق مع السياسيين وليس معه، متسائلاً: “هل بدأوا بالتحقيق معي فقط لأنه ليس لدي زعران في الشارع؟”.

الحاكم الذي أعلن عدم البقاء في منصبه مع نهاية ولايته، يواجه منذ أيلول العام 2021 قرارات بمصادرة جميع الأموال والأصول التي تملكها عائلته في فرنسا وذلك بسبب تحقيق قضائي فرنسي بشأن اتهامات بالفساد وغسيل الأموال، بعد إصدار قاضية فرنسية مذكرة توقيف دولية بحقه نتيجة تخلفه عن حضور الجلسة القضائية في باريس. وفي الوقت الذي دافع فيه الحاكم عن براءته من التهم الموجهة إليه لاسيما المرتبطة بشركة “فوري” المملوكة من شقيقه رجا سلامة، أوضح أنه سيطعن بقرار القاضية الفرنسية لدى السلطات الفرنسية، قائلاً: “لست متهرّباً من القضاء بل هناك قصة كرامة”. ورأى إمكانية لاسترجاع الودائع شرط الابتعاد عن الشعبوية، معتبراً أن مؤسسة مصرف لبنان ستبقى حجر زاوية للاستقرار. من جهة أخرى، وصف سلامة تقرير البنك الدولي حول منصة صيرفة بـ “الغبي”، مشيراً إلى أن المطلوب كان انهيار البلد بعد أشهر من الأزمة لكنه لن ينهار.

من الواضح أن حاكم مصرف لبنان لن يرضخ للضغوط التي تُمارس عليه من أجل التنحي، وهو غير مستعد للإقدام على هذه الخطوة طالما يجد نفسه الوحيد الموجود في دائرة الاتهام دون سواه. فضمير الحاكم مرتاح ويعتبر أن التهم الموجهة إليه غير صحيحة ولديه قناعة مطلقة بأن المسار القانوني الذي تتخذه قضيته هو مسار ظالم، وبأن هناك عملية سياسية وقضائية وراء ما يجري.

قد يكون من الصعب في الوضع الراهن تحديد ما إذا كان رياض سلامة بريئاً أم لا، خصوصاً وأن الأمر يتطلب تحقيقاً قضائياً شفافاً والوصول إلى نتائج قانونية واضحة وعادلة لتثبيت الاتهامات الموجهة ضده أو دحضها، لكن ما هو مؤكد أن لدى سلامة العديد من الأوراق التي تحمي ظهره حتى الآن، فهو يدرك تماماً أن التيار الذي سيزيحه عن الحاكمية عنوة سيجرف معه رؤوساً سياسية عملاً بمقولة “عليّ وعلى أعدائي”.

شارك المقال