الدولار الجمركي الجديد “يدفن” قطاع السيارات

حسين زياد منصور

منذ بداية الأزمة في صيف 2019، والليرة اللبنانية تتهاوى أمام الدولار الأميركي، وكان من ضمن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة تحرير الدولار الجمركي من قبضة الـ 1500 ليرة لبنانية، بصورة تدريجية، من 15 ألفاً الى 45 ألفاً ثم 60 ألفاً واليوم 86 ألفاً وفق منصة “صيرفة”.

هذا القرار سيؤدي الى ارتفاع كبير في الكثير من السلع المستوردة، ولعل أبرز القطاعات التي ستتأثر به هو قطاع استيراد السيارات وتجارتها، وكل ما يرتبط به. أدخلت الزيادات الدورية للدولار الجمركي قطاع استيراد السيارات في نفق مظلم، فصارت الفوضى تعمه، والمواطن بحاجة الى صناديق أو “بيك أب” يلازمه بصورة دائمة وضرورية لنقل الأموال التي سيدفعها لجمرك السيارة فقط، اذ بلغ أقل مبلغ يدفع للجمرك 600 مليون ليرة.

القزي: سنوقف الاستيراد

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” يشير رئيس نقابة مستوردي السيارات في لبنان ايلي القزي الى أنه في ظل الدولار الجمركي هذا لا يمكن أن “توفي” معهم أبداً، فهم غير قادرين على دفع الدولار الجمركي أكثر من 15 ألف ليرة. ويوضح أنهم عندما طالبوا بتعديل الشطور كان الدولار في السوق السوداء 20 ألف ليرة، ولم يكونوا على علم أو دراية بأن الدولار سيصل الى 100 ألف ليرة. ويعطي مثالاً عن تغير أسعار السيارات، فسيارة “الفقير” أو “الوفيرة” سيصبح سعرها بحدود 12 ألف دولار بعد أن كانت 8 آلاف.

ويقول القزي: “ليس هناك بيع أو أسواق، ولا وجود لدولة تراعي الظروف التي نمر بها، وبسبب ذلك سيتوقف الاستيراد وستغلق المعارض والتجار سيفلسون، فالسيارة أصبحت عبئاً على المواطن، ليس من ناحية شرائها وحسب، بل من ناحية الصيانة أيضاً، فأسعار قطع الغيار ارتفعت”.

ويضيف: “لم يعد بإمكاننا استقدام سيارة، وندفع عليها 6 مليارات ليرة مثلاً، فسيارة الفقير أصبحت تكلف 600 مليون ليرة، وهي أيضاً لم يعد باستطاعتنا شراؤها، ودفع أسعار كهذه، فالقدرة الشرائية غير موجودة في ظل وجود تضخم في السوق”.

ويؤكد “أننا كقطاع سيارات سنوقف الاستيراد وفي الوقت نفسه ستتوقف إيرادات الخزينة، ووضعنا وزارة المالية في الصورة، وأبلغناها في حال بقي الحال هكذا، وان كان رأيها بتحصيل الايرادات للخزينة بهذه الطريقة فهو أمر غير صحيح وسنوقف الاستيراد”.

ويلفت الى “أننا دخلنا اليوم في مرحلة جديدة من دولار 1500 ليرة الى 100 ألف وهذه المرحلة تتطلب في المقابل تعديلاً في القوانين، فلا يمكن الدخول في مرحلة جديدة والبقاء على القوانين القديمة، مطلبنا بسيط، رسم الاستهلاك اما الغاؤه أو تعديله، وعلى الدولة اجراء سلة متكاملة كي يتمكن الجميع من النهوض”.

فرنسيس: ذاهبون الى الاقفال النهائي

أما نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة في لبنان وليد فرنسيس فيؤكد لموقع “لبنان الكبير” أنهم ذاهبون الى الإقفال في حال بقي الدولار الجمركي 86 ألف ليرة، وأنهم كانوا يقولون ان هناك 60٪ من المعارض أغلقت أبوابها وبقي 40٪ منها صامد، الآن وفق هذه التسعيرة لن يبقى معرض واحد من الـ 40٪، لأن هناك سيارات ارتفع جمركها 30 ألفاً وأخرى 60 ألفاً والرسم أصبح 10 اضعاف”.

ويقول: “دمروا خزينة الدولة التي تحصل على 20٪ من تجار السيارات و20٪ من القطاعات المرتبطة بتجار السيارات مثل قطع الغيار والزيوت والدواليب وشركات الشحن وكل ما هو متعلق بتجارة السيارة، دمروها ودمرونا نحن أصحاب المعارض. فالمعارض ممتلئة بالسيارات، وليس هناك بيع وفق الأسعار القديمة، فكيف ستكون وفق الأسعار الجديدة؟ خصوصاً أن السوق والمشتري اللبناني لا يمكنهما تحمل هذه الزيادات، ونحن لا يمكننا دفع رسوم الجمارك هذه، لذلك سنغلق ابوابنا ونتجه الى لبلدان المجاورة للاستثمار فيها وفتح معارض جديدة مثل دبي وعمان وأفريقيا…”.

ويسأل فرنسيس “أين التوازن التجاري في حال دفعت اليوم جمرك السيارة 30 ألف دولار، في حين دفع آخر الجمرك قبل 15 يوماً وفق سعر أقل، وللسيارة نفسها، هذا أولاً. ثانياً، نحن ندفع 55٪ رسوماً من قيمة شراء السيارات، أي أننا ندفع أكثر من نصف حقها، في حين باقي السلع التي تدفع 5 أو 6٪ لن تتأثر كثيراً بالجمرك، اما نحن فكيف سنتحمل؟”.

ويشير الى أن “رسوم التسجيل أصبحت الآن وفق سعر صيرفة أي أن تسجيل السيارة أصبح 50 و70 و80 مليون ليرة. والمواطن الذي كان يحصل على الحد الأدنى من الأجور بحاجة الى 3 سنوات كي يتمكن من شراء سيارة، اما الآن فأصبح بحاجة الى 30 سنة كي يتمكن من شراء سيارة بالحد الأدنى”،

محذراً من “أننا هذه المرة متجهون بصورة جدية الى الإقفال النهائي”.

شارك المقال