فاتورة الكهرباء الجديدة “بتوجع”… والشركة “تسرق” المواطن!

حسين زياد منصور

“بعدما كنا نُحسد على الكهرباء التي لا تنقطع في عز الأزمة سوى 4 ساعات أحياناً، ها نحن نحسدهم على الفواتير التي يدفعونها، ونتمنى أن تنقطع الكهرباء”، هذا ما قاله شادي في بداية حديثه مع “لبنان الكبير”.

بدأت الفواتير الجديدة تصل الى كل من يحصل على الكهرباء من مصلحة الليطاني، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها معظم اللبنانيين الى جانب الانهيار الكبير في قيمة الليرة اللبنانية، تجبي شركة “كهرباء لبنان” اليوم الفواتير بالدولار الأميركي على سعر منصة “صيرفة”، بحيث كانت الصدمة من قيمتها، التي وصفها المواطنون بـ “الخيالية”.

بصورة مباشرة وغير مباشرة تتغذى بعض بلدات إقليم الخروب من مصلحة الليطاني عن طريق محطة بولس ارقش والمعروفة بـ “كهرباء بسري”، وتحصل هذه المناطق على ما يقارب 20 ساعة كهرباء من المعامل الكهرومائية، أي أن الانتاج يعتمد على المياه وليس على الوقود، وهو ما أثار غضب الكثيرين من خطوة شركة “كهرباء لبنان”.

بدأت شركة “كهرباء لبنان” جباية الفواتير من المناطق التي تحصل على الكهرباء من الليطاني وفق السعر الجديد، لكنها تدفع لمؤسسة الليطاني وفق السعر القديم، أي أن الشركة تحقق أرباحاً خيالية من هذه الفواتير، فهي تشتري من مؤسسة الليطاني على سعر 15 ليرة لبنانية، وتحرر فواتير المواطنين بسعر 27 سنتاً بعد المئة كيلوواط، و10 سنتات أقل منها، الى جانب تقاضي موظفي القطاع العام رواتبهم وفق سعر 60 ألف ليرة. أي أن شركة “كهرباء لبنان” تجبي الفواتير وفق السعر الجديد وتدفع لمصلحة الليطاني وفق السعر القديم، وهو ما وصفه ناشطون بـ “السرقة الواضحة والعلنية”.

علوية: ما يحصل يهدد نجاح خطة الكهرباء

ويشير المدير العام لمصلحة الليطاني سامي علوية في حديث لـ “لبنان الكبير” الى التضارب في تعرفة مؤسسة “كهرباء لبنان” والفارق الهائل بين سعر التكلفة يعود الى خطة الكهرباء التي وضعت على أساس كلفة السنت وفق الفيول، وهي خطة طوارئ لتأمين الأموال لشراء الفيول. وكان يجب أن يدخل في تحديد السعر وجود 10٪ من الطاقة المنتجة تتم عبر الطاقة الكهرومائية وكلفتها أقل بكثير من الفيول.

ويشرح علوية أن المصلحة تحصل على جزء بسيط من قيمة هذه الفواتير، مسلطاً الضوء على جزء من الخسارة التي تقع فيها مصلحة الليطاني “مثلاً، ان كانت فاتورة أحد المصانع ملياري ليرة، مصلحة الليطاني تحصل منها على 600 ألف ليرة فقط، وفاتورة احدى المؤسسات التجارية التي كانت 183 مليون ليرة، المصلحة حصلت منها على 129 ألف ليرة، وبالتالي الربح فلكي ويشبه أرباح الكازينو، فهو ليس ربحاً لمؤسسة عامة أو لقطاع عام”.

ويقول: “استناداً الى وجهة نظر شركة كهرباء لبنان فهم يعتبرون أنهم غير مسؤولين عن التمييز بين مصادر الطاقة والتغذية للمنازل والمشتركين بل عدالة السعر، بين هذا الرأي والرأي الآخر نؤكد أهمية وجود هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء، تدرس المعطيات الواقعية والعناصر التي تساهم في تحديد تكلفة كل كيلوواط من كلفة نقله وانتاجه الى جانب كلفة الصيانة والادارة. هذه العناصر التي كان من المفترض دراستها، فالتعرفة الآن تظهر وكأن تأمين الأموال اللازمة لشراء الفيول يتم من الناس التي تدفع الفواتير بدل ضبط التعديات في حين لا يزال هناك ناس لا تدفع”.

ويشدد على “أننا بحاجة ضرورية وماسة الى هيئة ناظمة لضبط قطاع الكهرباء وتطبيق قانون الكهرباء، فعندما تدير الهيئة الناظمة هذا الموضوع لا يكون لمصلحة الليطاني رأي وحدها أو لكهرباء لبنان ومجلس ادارتها أو لوزارة الطاقة رأي، بل هي التي تضع أمام مجلس الوزراء المعطيات الحقيقية، وانعدام العدالة هذا يهدد نجاح خطة الكهرباء أو دخول خطة الطوارئ هذه في حالة طوارئ لإنقاذها”.

ويشتكي عدد من أصحاب المنازل والمؤسسات التجارية الذين يحصلون على الكهرباء من مصلحة الليطاني، من هذه الفواتير الخيالية والضخمة، على اعتبار أن الكهرباء التي يحصلون عليها تعتمد على المياه، لا الفيول، ويتهمون شركة الكهرباء بـ “السرقة”، ففي الوقت الذي يدفعون فيه الفواتير وفق السعر الجديد رواتبهم لا تزال على حالها. ويسأل شادي الذي يملك متجراً: “من أين سأدفع كلفة فاتورة الكهرباء وهي أكثر من 20 و30 مليون ليرة؟ ولماذا سأدفع الفاتورة بهذا الحجم في حين أن الكهرباء تعتمد على المياه لا على الفيول، ما ذنبي؟”.

ويؤكد أن “هذه التصرفات والتسعير والجباية من شأنها أن تهدد عمل الكثيرين منا، فقد يضطر البعض الى إغلاق متاجره أو رفع الأسعار وهو أمر لن يتحمله الناس وسيؤدي الى مضاعفة خسارتنا”.

أما نبيل فيشدد على أنه غير قادر على دفع فاتورة تكون قيمتها مرتفعة، وقد انتقل الى منزله الذي يسكنه الآن لتوافر الكهرباء بصورة دائمة على اعتبار أن كلفتها ستكون أقل وسيوفر على نفسه ثمن اشتراك المولد وتركيب طاقة شمسية، ولم يكن في الوارد أنه سيدفع أضعاف هذه التكاليف لشركة الكهرباء.

وبعد الاعتراضات الشعبية على هذه الفواتير الجنونية، وانتشار فاتورة كهرباء لأحد المنازل في منطقة جزين، التي تتغذى من المعامل الكهرومائية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، بلغت قيمتها 33.480.000 ليرة لبنانية عن استهلاك 2151 كيلوواط، بينما تبلغ كلفة هذا الاستهلاك على كهرباء لبنان 129.060 ليرة لبنانية، استنكر عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب سعيد الأسمر هذه الفواتير، معتبراً أنها “كارثية وغير مقبولة، ولا يمكن لأهالي المنطقة تحمل تكلفتها الباهظة”. وانتقدها بشدة، مؤكداً أنه سيمارس كل صلاحياته التي منحه إياها الدستور لاتخاذ كل الاجراءات القانونية. وتساءل “إن كانت هذه الفواتير الملغومة المفروضة هي لتغطية عدم الجباية في باقي المناطق والبلدات والقرى خدمة لفئات لا تعترف بوجود الدولة وأجهزتها؟”، مطالباً بتحقيق المساواة بين جميع المواطنين، فلا تبقى مناطق عصية على الدولة.

شارك المقال