الليرة تستعد لأوراق نقدية جديدة… فمن يُنقذها؟

هدى علاء الدين

يدخل لبنان مع الاقرار بالسماح لمصرف لبنان طباعة عملة ورقية ذات فئة نقدية أكبر من تلك المتوافرة في السوق (100 ألف ليرة) مرحلة جديدة من مراحل التغيير الجذري الذي أصاب العملة الوطنية منذ بداية الأزمة وحتى اليوم. ويأتي ذلك عقب التعديل الذي تم إجراؤه مؤخراً في اجتماع اللجان المشتركة والذي قضى بإضافة “أو أي فئة أخرى” على المادة الرابعة من قانون النقد والتسليف وعلى المادتين الخامسة والسادسة، ما يعني طباعة فئة ورقية أكبر تتخطى قيمتها الـ 100 ألف ليرة مع ترك الخيار لمصرف لبنان باختيار قيمة الورقة الجديدة.

فما هي المواد 4 و 5 و6 من قانون النقد التسليف؟

  • المادة 4 (عدلت بموجب قانون 361 / 1994): تقسم السمات النقدية بموجبها إلى أوراق نقدية تساوي قيمتها الوحدة النقدية أو تربو عليها (تزيد عنها)، وقطع معدنية تساوي قيمتها الليرة الواحدة – المئة ليرة – المائتين وخمسين ليرة – الخمسماية ليرة، كما يمكن أيضاً إصدار قطع ذهبية عندما يجيز القانون إعادة قيمة الأوراق النقدية بالذهب تُحدد مميزات القطع الذهبية وشروط اصدارها بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.

  • المادة 5 (عدلت بموجب قانون 178 / 1992): يُمكن بموجبها إصدار الأوراق النقدية من فئات الليرة الواحدة – الخمس ليرات – الخمسين ليرة – المئة ليرة – المائتين وخمسين ليرة – الخمسماية ليرة – الألف ليرة – الخمسة آلاف ليرة – العشرة آلاف ليرة – الخمسين ألف ليرة والمئة ألف ليرة.

  • المادة 6 (عدلت بموجب قانون 361 / 1994): يمكن أن تكون الأوراق والقطع الصغيرة من فئات: القرش – القرشين والنصف – الخمسة قروش – العشرة قروش – الخمسة والعشرين قرشاً – الخمسين قرشاً – الليرة الواحدة – الخمس ليرات – العشر ليرات – الخمس والعشرين ليرة – الخمسين ليرة – الماية ليرة – المائتين وخمسين ليرة والخمسماية ليرة.

لبنان الذي يواجه حالياً أزمة اقتصادية خانقة تجعل من تأمين العملة الصعبة ودفع الديون المتراكمة أمرين في غاية الصعوبة، تسوده حالة من القلق لناحية طباعة جديدة للعملة الوطنية بعد أن فقدت كل قيمتها الشرائية لتصبح الـ 100 ألف ليرة بمثابة 10 آلاف ليرة والمليون بمثابة 100 ألف ليرة وربما أقل من حيث القيمة، الأمر الذي يجعل من اللجوء إلى هذا الخيار ضرورياً لتخفيف عبء حمل النقود بكميات كبيرة. وفي الوقت الذي حسم فيه “المركزي” قراره على ما يبدو بطباعة فئة الـ 500 ألف ليرة، لا يزال قرار طبع فئة الـ 250 ألف ليرة والمليون ليرة رهن التداول في المدى القصير.

مع ارتفاع معدلات التضخم وازدياد الحاجة الى كميات كبيرة من الليرة لتغطية النفقات اليومية، وتحول العملة الوطنية من وسيلة نقدية آمنة إلى مجرد رزمة من الأوراق وسقوطها المدوي أمام الدولار، يدخل مصرف لبنان في دوامة الطبع من جديد بعد أن غرق السوق في كميات هائلة من النقد المتداول بالليرة الذي تجاوز الـ97 تريليون ليرة، ليكون ذلك مؤشراً جديداً من مؤشرات فقدان الثقة التامة بالليرة اللبنانية في ظل الصعوبات التي يواجهها المصرف في إدارة السياسة النقدية والتملص من اتخاذ الاجراءات والاصلاحات الاقتصادية والمالية التي تخفف من أثر ركود العملة وتدهورها. وعلى الرغم من أن فئات العملة الكبيرة المنتظرة ستُشكل حلاً مساعداً ومسهلاً لعمليات التداول بالليرة، إلا أن التوقيت يُثير حالاً من الارباك ويرسم علامات استفهام حول المرحلة المقبلة التي يُتوقع أن تكون مرحلة تضخمية مصحوبة بضبابية قاتمة لجهة استحقاقين رئيسين في سدة الرئاسة والحاكمية.

شارك المقال