تأخير الاصلاح الاقتصادي يرفع منسوب القلق الدولي

سوليكا علاء الدين

مع اختتام المشاورات التي أجراها خبراء صندوق النقد الدولي مع السلطات اللبنانية في الأول من الشهر الحالي، أعلنت المتحدثة باسم الصندوق عن خشيته وقلقه من التأخير في تنفيذ المشاريع الاصلاحية المطلوبة، داعيةً إلى تحرك عاجل لتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة من أجل إنهاء الأزمة الشديدة والمُتفاقمة التي يواجهها الاقتصاد اللبناني وتجنبِ عواقب عدم الاصلاح، خصوصاً على الفقراء والطبقة الوسطى. كما أشارت إلى أنّ الصندوق لا يزال منخرطاً مع لبنان ومستعداً لدعمه، إلا أنّه يحتاج في الوقت عينه إلى دعم مالي قوي من المجتمع الدولي لتغطية “الاحتياجات المالية الكبيرة جداً” التي سيواجهها في السنوات المقبلة.

الصندوق لفت مجدّداً إلى ضرورة توفير الدعم السياسي الواسع للحكومة اللبنانية من أجل تنفيذ برنامج الاصلاحات التي اتفقت عليها مع خبراء الصندوق في نيسان 2020 لانهاء الأزمة الحالية. وإلى جانب أزمته الاقتصادية والمالية، لا يزال لبنان غارقاً في أزمة شغور رئاسي منذ نهاية تشرين الأوّل مع انعدام توافق الكتل السياسية والعجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية الأمر الذي فاقم من حدّة الأزمات وزاد من معاناة اللبنانيين. وفي ظل هذه الأزمات الطاحنة التي يشهدها لبنان، لا يزال المجتمع الدولي يشترط على السلطات اللبنانية إجراء إصلاحات إلزامية مقابل الحصول على الدعم المالي المنشود.

وكان لبنان قد تلقّى حزمة دعم جديدة، وذلك بعد أن وافق مجلس المدراء التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي على منحه تمويلاً إضافياَ بقيمة 300 مليون دولار للمشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة للأزمة وجائحة كوفيد-19. ويهدف التمويل الاضافي إلى مواصلة وتوسيع نطاق تقديم التحويلات النقدية للأسر اللبنانية الفقيرة والأكثر احتياجاً وحمايتها من تأثير الأزمات المختلفة، فضلاً عن دعم تطوير نظام موحد لشبكات الأمان الاجتماعي يمكّن من الاستجابة للصدمات الحالية والمستقبلية على نحو أفضل.

حتى اليوم، لا تزال المعالجات والحلول الاقتصادية المُجدية غائبة بانتظار فكفكة عُقد الملف الرئاسي الغارق في دوامة الانقسام الدائر بين القوى السياسية المتنازعة والمستمر في المكوث على رف الترقّب لحين بلوغ تسوية لم تنضج بعد. فعلى الرغم من توالي المساعي والمحاولات الخارجية لحض الأطراف الداخلية على الاسراع في إنهاء الفراغ الرئاسي، لم ينجح لبنان بعد في الاتفاق على رئيس إنقاذي قادر على نيل إجماع اللبنانيين وفك عزلة البلاد، وإنقاذ الدولة وإعادة بناء مؤسساته وهياكلها المُهترئة. وتبقى الخطوة الأهم، في مدى قدرة الرئيس العتيد على استرجاع ثقة المجتمع الدولي والعربي من خلال الشروع في دفع عجلة الاصلاحات الاقتصادية والمالية لاطلاق النمو الاقتصادي من جديد، وتحقيق الانتعاش والازدهار واعادة الأمل والحياة الى الشعب اللبناني.

شارك المقال