مؤشرات الاقتصاد اللبناني… انخفاض يُثير المخاوف

هدى علاء الدين

تتأثر مؤشرات الأسواق المالية والنقدية والمصرفية في لبنان بالعديد من العوامل الاقتصادية والسياسية، أبرزها تدهور الاقتصاد الوطني وزيادة تكاليف الاقتراض وتراجع معدلات الإنتاج والإنفاق والاستثمار وتضخم الأسعار وتدهور القوة الشرائية لليرة اللبنانية، والتي تنعكس جميعها بصورة مباشرة على القطاع المصرفي وعلى جودة الخدمات التي يقدمها، بالاضافة إلى نقص السيولة النقدية المتوافرة في السوق والمصارف على حد سواء، الأمر الذي يتسبب بتراجع قدرة المصارف على تلبية الطلب النقدي من المودعين وبرفع مستوى الاضطرابات والتقلبات في الأسواق مقابل انخفاض جميع المؤشرات.

وفي هذا الاطار، أصدرت جمعية المصارف تقريراً حمل عنوان “المؤشرات المصرفية والنقدية حتى نيسان 2023″، متضمناً أرقاماً تفصيلياً عن أبرزها وذلك خلال الفترة الممتدة بين أيلول 2019 ونيسان 2023. التقرير الذي أظهر تراجعاً في ودائع القطاع الخاص لدى المصارف بالليرة اللبنانية من 69.592 مليار ليرة في 2016 إلى 56.800 مليار ليرة، أشار أيضاً إلى تسليفات المصارف للقطاع الخاص بحوالي 10.736 مليارات ليرة مسجلة 13.693 مليار ليرة. وفي ما يتعلق بودائع القطاع الخاص لدى المصارف بالعملات الأجنبية، فقد أظهرت الأرقام تراجعاً إلى 93.928 مليار دولار من 124.138 ملياراً.

أما مكونات الكتلة النقدية بالليرة M1، فأشار التقرير إلى ارتفاع قيمة الودائع تحت الطلب إلى 36.642 ملياراً بعدما كانت 6.120 مليارات ليرة، بالتزامن مع ارتفاع قيمة النقد في التداول بالليرة من 5.572 مليارات إلى 54.274 مليار ليرة. كذلك، ارتفعت الكتلة النقدية بالليرة M2 والتي تتضمن كلاً من الودائع الادخارية وودائع تحت الطلب والنقد في التداول بحوالي 30 مليار ليرة لتبلغ 108.137 مليارات ليرة.

من جهة أخرى، تراجعت تسليفات المصارف للقطاع الخاص بالعملات الأجنبية (مقيمة بمليون دولار محلي) من 38.296 مليون دولار إلى 8.902 ملايين دولار. كذلك تراجعت محفظة المصارف بسندات اليوروبوندز صافية من المؤونات من 14.859 مليون دولار إلى 2.809 مليون دولار في أواخر نيسان الماضي، وودائع المصارف لدى المصارف المراسلة والالتزامات تجاهها من 8.976 ملايين دولار إلى 4.205 ملايين دولار، وودائع المصارف لدى مصرف لبنان بالليرة والعملات (مقيمة بسعر الصرف الرسمي) من 117.642 مليون دولار إلى 84.726 مليوناً.

وبحسب تقرير الجمعية، فقد تراجعت أيضاً الموجودات الخارجية لمصرف لبنان (دون الذهب) والمكونة من الأوراق المالية من 6.960 ملايين دولار إلى 4.736 ملايين دولار والعملات الأجنبية (السيولة) من 30.982 مليون دولار إلى 9.730 ملايين دولار. أما الالتزامات الخارجية لمصرف لبنان، فقد انخفضت من 2.401 مليون دولار إلى 1.711 مليون دولار. وتراجع عدد العاملين في المصارف من 24.704 موظفين في كانون الأول 2019 إلى 16.481موظفاً في كانون الأول عام 2022.

يُظهر تقرير جمعية المصارف تراجعاً حاداً في مختلف المؤشرات النقدية والمصرفية في انعكاس واضح وصريح لحجم الأزمات التي يُعانيها لبنان وأثرها السلبي على هذه المؤشرات. وفي حين يتطلب تحسينها اتخاذ العديد من الخطوات المتكاملة أبرزها العمل على تحسين الوضع الاقتصادي وتعزيز الاستقرار السياسي وزيادة الشفافية والنزاهة في القطاع المصرفي وتطوير الأنظمة المصرفية وتحسين كفاءتها وضمان الحفاظ على الاستقرار النقدي، لا تزال العوائق التي تحول دون تنفيذ هذه الخطوات، بسبب غياب الاجماع الوطني لذلك، تتحكم بمسار المؤشرات النقدية والمصرفية السلبي.

شارك المقال