اليوم العالمي للمؤسسات… انكماش اقتصادي وخلل اداري في لبنان

تالا الحريري

المؤسسات في القطاعات كافة صغيرة كانت أم متوسطة أم كبيرة تعتبر العمود الفقري للاقتصاد وهذا ما تستند إليه الأمم المتحدة، التي تعتبر أنّها تمثل أكثر من 70٪ من الأعمال وأكثر من 50٪ من الوظائف حول العالم. وبالطبع أي خلل يحصل على صعيد هذه المؤسسات، يعرّض البلد لشلل تام وهذا ما نشهده مؤخراً في ظل الاضراب المستمر للقطاع العام، كما أنّ وضع القطاع الخاص لا يقل سوءاً عنه، نتيجة الأزمات التي يعيشها لبنان اقتصادياً ومعيشياً ومالياً وأحياناً أمنياً.

سرور: المؤسسات ليست بخير

الأكاديمي والباحث في السياسة والاقتصاد د. نبيل سرور قال لـ”لبنان الكبير”: “في اليوم العالمي للمؤسسات المتوسطة والصغيرة نتوقف عند واقع مؤسسات الوطن في كل القطاعات الصحية والتشغيلية والاقتصادية والخدماتية، وهي ليست بخير. هناك الكثير من هجرة الشباب في القطاعات كافة، وواقع قلق لكل الطاقات الشابة الموجودة وكل الطواقم الادارية التي تعمل، الواقع قلق بالبعد الاستثماري لهذه الشركات وموضوع الربحية”.

وأشار الى أن “هناك أيضاً خللاً ادارياً من خلال ترك الكفاءات العمل في هذه المؤسسات، اذ أنّ هجرة الأدمغة في لبنان وصلت إلى 13 ألف مهاجر، وأصبح لبنان دولة مستوردة بالكامل. اليوم واقع المؤسسات في لبنان ليس بخير على مستوى التراخيص والامتياز وعلى المستوى الرقابي، فليست هناك حماية للصناعات المحلية ليتشجع المستثمرون على ايجاد صناعات وابداع في مجال السلع والمهن. كما أن لا حماية حقيقية للاقتصاد الوطني للمؤسسات، فهناك الكثير من الغش التجاري ونرى أن المواطن اللبناني بات يلجأ إلى السعر الأرخص حتى ولو على حساب صحته”.

ولفت سرور إلى أنّ “الكثير من الشركات أصبحت تقوم بأعمال ومهن من غير التقيد بالضوابط الصحية، هناك تضخم كبير على المستوى المالي، على مستوى العملة المحلية والتراجع فيها، وواضح أنّ الادارات والمؤسسات في لبنان لا تعمل بالصورة الصحيحة. هناك تغيب كبير بسبب غلاء البنزين ووسائل النقل والانتقال، وبسبب بعض الظروف المعيشية والأمنية التي يعيشها البلد وهذا ما انعكس على كل القطاعات سواء المستشفيات أو المعاهد أو المعامل أو المؤسسات الخاصة أو القطاع العام وذلك من خلال الاضرابات المتواصلة بسبب عدم تقاضيهم أجوراً عادلة. بات هناك تخلف عن المجيء وبطء في المعاملات الادارية، القطاعان الخاص والعام في لبنان يعانيان من مشكلات ادارية ومالية وتنظيمية بسبب واقع الحال. والواضح أنّ لبنان من البلدان التي تراجع فيها مستوى جودة المنتجات وعلى مستوى الادارة السليمة. هناك تدنٍ في الرواتب وضعف كبير في القدرة الشرائية وغياب الحافزية والانتاجية والتفاعل المطلوب من الموظف سواء على صعيد القطاع العام أو الخاص”.

وأوضح أنّ “نسبة المساهمة في الناتج المحلي في لبنان تراجعت وبالتالي أصبح الاستيراد هو سمة كل المراحل، حتى أنّ أداء الأجهزة الرقابية والتفتيش المركزي وقوى الأمن والأجهزة القضائية تراجع بسبب المشكلات المالية وغياب الرقابة الفاعلة وضعف الحافزية لدى هذه القوى”.

نشابة: العودة إلى الكنف العربي مهمة

أما المحلل السياسي والاقتصادي شادي نشابة فأكد لـ”لبنان الكبير” أنّ “الواقع الاقتصادي وانعكاسه على المؤسسات في لبنان لا يزال متجذراً بصورة كبيرة وهذا يعود الى عدة أسباب منها عدم المضي في الاصلاحات المطلوبة وعدم الاستقرار السياسي اللذان يلعبان دوراً مهماً في استرجاع الثقة بالاقتصاد اللبناني. عودة لبنان إلى الكنف العربي مهم جداً وهذا يمكن أن نشهده في حال حصلت تسويات مستقبلية تمكّنه من هذه العودة ومن لعب دوره الاقتصادي بصورة أكبر وليس بهذا الشكل الموجود فيه الآن”.

أضاف: “واقع المؤسسات حالياً في لبنان، حسب صندوق النقد الدولي، يعيش حالة انكماش اقتصادي وصل الى حد 40%. هناك الكثير من المؤسسات تقفل أبوابها وأخرى لديها مناعة ذاتية استطاعت التحمل. وهناك بعض القطاعات فيها حالة انتعاش اقتصادي كالقطاع السياحي وقطاعات أخرى محدودة، وهناك بعض القطاعات التي يحتاج المواطن الى أن يقصدها يومياً مثل قطاع المواد الغذائية وغيره”.

وشدد على “أننا بحاجة إلى إعادة هيكلة النظام المالي ووضع استراتيجية متوسطة الأجل واستراتيجية مالية لمعالجة موضوع المصارف الذي يؤثر على الاقتصاد والمؤسسات وإلى توحيد أسعار الصرف”.

شارك المقال