منصوري يخرج عن صمته: لن أتحول الى سلامة ٢… و”لبنان الكبير” يكشف ما يطلبه لتسلم الحاكمية!

ليندا مشلب
ليندا مشلب

القوى المسيحية كلها تريد أن يتسلم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري لكن لا أحد منهم مستعد لأن يعطيه الغطاء المطلوب للقيام بهذه المهمة ومن هنا نبدأ …

كثرت التحليلات والتنظيرات السياسية والدستورية على أبواب انتهاء ولاية حاكم “المركزي” رياض سلامة واستعرت بعد بيان نواب الحاكم الأربعة، والسؤال: لماذا الغيارى على الحاكمية لا يستعجلون انتخاب رئيس للجمهورية فيستقيم الوضع وتستقيم الآليات الدستورية في الانتظام العام، واذا تعذر هذا الامر فلماذا لا يسمح للحكومة مهما أطلق عليها من صفات أن تقوم بتعيين بتوافق الجميع سيحصل عاجلاً أم آجلاً؟

هل المطلوب أن يتسلم منصوري لنطلق عليه الرصاص؟ تسأل مصادر مقربة من النائب الأول.

والأمر الآخر: الكل يعلم أن هناك مشكلاً كبيراً في الحاكمية ويخشى تغييراً في الأساليب يعرف أن نواب الحاكم ذاهبون اليها، ويريد منهم تحمل مسؤولية تغييرها، وخطته هي التالي: اذا تغيرت الأساليب ولعب سعر صرف الدولار فهذه فرصة للانقضاض على رئيس مجلس النواب نبيه بري والطائفة الشيعية وحتى الرئيس نجيب ميقاتي، وفي حساباتهم أن هذا الأمر يجعل موقفهم أقوى في الملف الرئاسي لأن من سيتلبس الانهيار هو شخص محسوب على جهة سياسية معينة فيقولون: حسناً لا تريدون رئيساً للجمهورية ودمرتم البلد ولعبتم بسعر الصرف والوضع ساء الى حد كبير، اذاً تفضلوا الى طاولتنا واقبلوا بشروطنا… وعليه كل طرف من منظوره أصبح يرى معركة الحاكمية هي معركة حياة أو موت. وللأمانة تقول مصادر نواب الحاكم لموقع “لبنان الكبير”: “الموضوع السياسي برمته لا يعنينا، انما ما نهتم به هو الموضوع النقدي من هنا صدر البيان عن النواب الأربعة، ولو صدر عن نائب وحده لكانت قامت القيامة ولم تقعد وهذا شكل الصدمة الكبيرة للقوى المسيحية لأن الأربعة ليسوا على قلب واحد أو ملة واحدة أو مدعومين من طرف سياسي مشترك”.

تضيف المصادر: “ان البيان وراءه دوافع وطنية بعد أن تلطى الجميع خلف متاريسه ويتهمنا بالتهرب من مسؤولياتنا، بينما هم لا يريدون تحمل المسؤولية في عدم انتخاب رئيس وعدم التعيين وعدم تسيير شؤون الناس، كل هذا ليس تهرباً من المسؤولية؟ لقد تعاطوا مع الشغور المنتظر طوال هذه المدة بمنطق أعوج فالحاكم لم يستقل فجأة ومدة ولايته كانت محددة للجميع لماذا لم يتحركوا من قبل؟ هذه الأساليب أصبحت مكشوفة والمواد الدستورية التي يتلطون خلفها لم يقرأوها جيداً وللأسف لم يفهموها، حتى من يدعي منهم الأستذة في القانون فنواب الحاكم الأربعة أدوا اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية وليس نائب الحاكم الأول فقط، ويعايروننا بالمناصب والرواتب وتناسوا أن مراكز أعلى بكثير لديهم تخلفوا أو متخلفون عن القيام بواجباتهم في سدتها، كيف يريدوننا أن نحكم ولا خطة اصلاحية بين أيدينا أو سياسة انقاذية مغطاة من كل الكتل السياسية؟ انها سياسة المترسة مستمرة وأتى علينا الدور. ثم انه ما الذي يمنعنا من الاستقالة اليوم والشغور لم يستحق بعد وليقل كبار قضاة لبنان رأيهم فيها؟ أين المسؤولية السياسية في استقالتنا؟ هناك سلطة سياسية ومجلس نواب، اذاً لنا الحق في الاستقالة، ومن يتهرب هم وليس نحن فكفى اتباع سياسة اللف والدوران. السيناريو الذي يريدون الوصول اليه مكشوف: يريدون للنائب الأول أن يتسلم، سعر الصرف سيلعب حكماً بغض النظر عن التوقيت، سنحتاج الى دفع دولارات أكثر من حسابات المودعين تماماً كما يفعل رياض سلامة لفرملة ارتفاع الدولار، فإذا استمرينا في السياسة نفسها سيقولون الطائفة الشيعية قضت على أموال الناس واذا لم نفعل فسيرتفع سعر الصرف من دون حدود، تتدهور الأوضاع أكثر ويحملوننا المسؤولية وفي كلا الحالتين الخيارات مرة”.

ويقول مقربون من النائب الأول وسيم منصوري لـ “لبنان الكبير” لدى سؤالهم عن موقفه: “اذا لم يواكب قانونياً في مهمته ولم تضع السلطة السياسية بين يديه خطة عمل واضحة سيرفض هذا الفخ، فالكل يعلم أن منصة صيرفة هي اجراء مناقض لتوجيهات صندوق النقد وقد أوردوا ذلك بوضوح في الـarticle 4 الذي أصدروه منذ أيام، واذا كانت الحكومة تقول وتعيد وتكرر انها تسعى الى وضع برنامج عمل مع صندوق النقد، فلتقل اذا تم تكليف منصوري ماذا تريد بشأن صيرفة؟ هل تريد أن تستمر في اعتمادها للمحافظة على ثبات سعر الصرف ودعمه من الاحتياط أم تريد الغاءها وتحرير سعر الصرف؟ يحتاج الى دعم الحكومة والبرلمان في هذه الظروف الدقيقة فهو لا يملك صلاحيات الحاكم المطلقة وكل القرارات التي يمكن أن يسير بها ستكون عرضة للسهام، فليتحمل الجميع المسؤولية. واذا عادت الأمور له ولشخصه فهو لا يهاب المهمة، سيمسك الحاكمية وسيقوم بواجباته وليس عاجزاً عن ايجاد حلول واتخاذ قرارات وهو أصلاً سبق وقام بالاتصالات اللازمة ولديه خطة لمحاولة ضبط الوضع، لكن المشكل ليس هنا انما اذا تسلم المهمة لديه شهر أو شهران أو أكثر طبعاً بالتوافق مع صندوق النقد يومياً لتوفير غطاء دولي لتحويل صيرفة الى منصة trading عبر Bloomberg حسب الأصول، اذا حصل على الغطاء والدعم خلال هذه الفترة فستنجح الخطة لكن ليس هذا ما سيحصل لأن هناك من لن ينتظر وسيبدأ بحملة مركزة ضده… لو كان اينشتاين زمانه ستفشل خطته ومنطق الأمور يقول ان التوافق السياسي هو سبب استقرار سعر الصرف وشرط أساس لانجاح أي خطة مالية ونقدية”.

ماذا لو توقفت “صيرفة”؟

معروف أننا أصبحنا في عمق اقتصاد مدولر، لكن مصرف لبنان يتدخل بقوة الآن ويضخ الدولار عبر تحويل معاشات القطاع العام من الليرة الى الدولار، واذا توقفت هذه العملية فسيرتفع سعر الصرف بالتأكيد، ربما يرتفع ثم ينخفض لا أحد يعلم وتحديد هذا الأمر في الوقت الراهن مستحيل، جل ما يطلبه النواب الأربعة هو توفير جو ثقة و”خلونا نشتغل” وسنعطي نتيجة ولن نفشل بحسب مصادرهم، لكن هذه النتيجة ربما لن تأتي بسهولة أو بسلاسة، فهل سينخرط الجميع في هذا العمل ويقدم الدعم أم سننتظر بعضنا على المفارق؟ لا ثقة كاملة لا نجاح في المهمة، هذه هي المعادلة ببساطة واذا كانت القوى السياسية عاجزة عن تعيين حاكم جديد أو وضع خطة اصلاحية فعلى أي قاعدة مطلوب لمنصوري أن يعمل؟ اذا كانت السلطة السياسية تريده أن يعمل وفق سياسة الحاكم نفسها واعتماد التعاميم والأساليب نفسها فهذه ليست سياسة منصوري الذي سبق أن انتقد كل هذه الاجراءات، لأن لديه آليات عمل مختلفة تماماً ولديه ملاحظات سجلها في المجلس المركزي وقد طالب على الدوام بتغيير السياسات المعمول بها، وهذه الملاحظات تنسجم مع توجه صندوق النقد والخطة الاصلاحية للحكومة واقرار هذه القرارات يحتاج الى قوانين، واذا طلب منه الاستلام من دون إقرار هذه القوانين فهذا يعني أنكم تلزموه بأن يعمل بعكس ارادته أي أن يستمر في ما رفضه في السابق ويرفضه الآن… اذاً ما هي الخيارات المعطاة له: أن تجعلوه سلامة ٢ وهذا ما لن يقبل به، أم تريدون اعطاءه عدة شغل وقوانين للاصلاح والبناء؟ وهذا الأمر يحتاج الى حكومة تضع آليات صريحة وواضحة ومواكبة من المجلس النيابي لإقرار القوانين أو استدعاء منصوري الى المجلس النيابي ليعرض خطته أمام كل الكتل النيابية ويشرح واقع الحال بالأرقام الموجودة في المصرف المركزي، وبناء عليه يتم تسليمه مع رزمة القوانين التي يطلبها أو الاعتذار منه لعدم تكليفه، والا هم متخلفون عن مسؤولياتهم وعاجزون عن اتخاذ قرارات ويتلطون خلف اصبعهم ويقذفون الكرة تجاه الشخص الذي يسلموه ليقتلوه. الموضوع ليس شخصياً “هناك مصير بلد بالدق”، تقول المصادر وبالمعطيات التي حصل عليها موقع “لبنان الكبير” ومن مقربين من منصوري فانه على أتم الاستعداد للتسلم ولديه خطته فعندما يتسلم سيسلم صلاحيات الحاكم، والحاكم الجديد يحتاج الى عدة جديدة فهل يقبلون بأن يتسلم هذه الصلاحيات بعدة جديدة؟ والا اذهبوا وعينوا… ومنصوري ليس ملزماً أن يتحمل عبء فشل طبقة سياسية بأكملها، والأهم من هذا كله أن منصوري لن يقبل أن يصرف قرشاً واحداً من أموال المودعين من دون قانون، على عكس ما يقوم به الحاكم حالياً، ففي كل جلسة للمجلس المركزي يعترض نواب الحاكم على الاستمرار في استخدام أموال المودعين للصرف ودعم “صيرفة”، اذ عندما عين النواب الأربعة كان في الاحتياط 20.7 مليار دولار والآن هناك 9.4 مليارات، فقد صرف ١٢ ملياراً خلال ٣ سنوات أي حوالي ٤ مليارات سنوياً، والدعاوى المرفوعة ضد سلامة جزء منها يتعلق باستخدامه الاحتياط ولم يبت فيها بعد. واذا كان الوضع في هذه الغاية من التعقيد فهذا يعني أن الأمور ليست متوقفة على استقالة منصوري من عدمها، بل الهروب من المسوؤلية يتوقف على هذه الاستقالة ممن يصيفون ولا يكترثون، فإذا تعذرت شروط التسليم سيذهب منصوري الى الاستقالة ويضع الجميع أمام مسؤولياته، واذا لم يستقل فيعني أنه يهزأ بالشعب اللبناني، أخذ المنصب لتغطية الفشل ونام على الخطيئة…

وفي ما خص الموقف الأميركي، يقول مصدر مالي رفيع لموقع “لبنان الكبير”: “ان الأميركيين أبلغوا المعنيين أن لا مشكلة لديهم بمن سيتسلم الحاكمية، انما ما يهمهم هو المحافظة على مصالحهم واحترام القوانين الأميركية بغص النظر عن الشخصية التي ستتسلم. فهل الضغط على النائب الأول للتسلم هو لغاية في نفس يعقوب؟”. نواب الحاكم بحسب معلومات “لبنان الكبير” متيقظون لهذا الأمر وصوتهم واحد على مدى ثلاث سنوات للحكومات والمسؤولين” كفى صرفاً من أموال الناس “ولا تندهي ما في حدا”، وبدل الكتاب هناك عشرات الكتب تم تسليمها وتدوينها في محاضر مجالس الوزراء، وهذه الكتب موثقة وما تبقى من احتياط يؤكدون أنهم حاربوا كثيراً من أجل المحافظة عليه.

اذاً، أسبوعان يفصلان عن ساعة الصفر والأمور مفتوحة على تطورات يومية بانتظار القرار الذي سيشارك فيه هذه المرة الجميع لأن المنصب لا يحتمل المناورة… والا!

شارك المقال