نواب الحاكم للدولار: معك مهلة لأيلول

هدى علاء الدين

بشروط يُمكن وصفها بالتعجيزية والتي يصعب تحقيقها خلال ستة أشهر من الآن في ظل فراغ رئاسي وخلاف جوهري على حاكمية مصرف لبنان، وضع نواب الحاكم بنود خطتهم المالية والنقدية أمام لجنة الادارة والعدل والتي تقوم على ثلاث خطوات رئيسة ليست بجديدة عن الخطط التي سبقتها. دوافع نواب الحاكم باتت معروفة وهي تتمحور حول تأمين غطاء سياسي وتشريعي لمهامهم المستقبلية مع انتهاء ولاية رياض سلامة نهاية الشهر الجاري. فأي جديد سيحمله النواب الأربعة في الأيام القليلة المقبلة؟

إذاً، قدّم نواب الحاكم الأربعة يوم أمس خطة أولية شاملة عالية المستوى بحسب وصفهم من أجل تصحيح السياسة النقدية والبدء بعملية الانتعاش الاقتصادي، تهدف بالدرجة الأولى إلى تعويم سعر الصرف بطريقة “مُدارة” على منصة صرف معترف بها دولياً تعكس القيمة الحقيقية لليرة اللبنانية، على أن لا يتجاوز الجدول الزمني المتوقع لها الستة أشهر، مع ضمان الاستقرار الاجتماعي وحماية القوة الشرائية لموظفي القطاع العام والفئة الأكثر ضعفاً في لبنان. ونظراً الى التفاعلات الوثيقة بين السياستين المالية والنقدية، دعت الخطة إلى إصلاحات مالية كبرى، وإصدار عدد من القوانين، واعتماد تدابير محددة من شأنها أن تساعد في خلق الطلب على الليرة اللبنانية، في الوقت الذي سيُكمل فيه مصرف لبنان كل الاجراءات الخاصة بإصدار اللوائح اللازمة، واعتماد البنية التحتية المطلوبة، ووضع السياسات والاجراءات لضمان الحوكمة السليمة وجميع المتطلبات الادارية الأخرى. من جهة أخرى، تلتزم الحكومة ومعها المجلس النيابي بالموافقة على القوانين لاعادة بناء الثقة وتأمين إيرادات إضافية من إطار ميزانيتها لسداد المبالغ المستحقة حديثاً. وبحسب الخطة، يمكن أن يحدث ذلك عبر خطوات ثلاث تشمل:

مراجعة الميزانية: في هذه المرحلة، تكون الموازنة المقترحة لعام 2023 متوازنة مع الايرادات والنفقات. وبحسب البنك الدولي، تعد الايرادات الضريبية التي تزيد عن 15 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي مكوناً رئيساً للنمو الاقتصادي والحد من الفقر. وعند متوسط الناتج المحلي الاجمالي يبلغ 20 مليار دولار، يجب أن تمثل الإيرادات الضريبية 3 مليارات دولار على الأقل. إلا أنه وفي محاولة للسيطرة على الاقتصاد النقدي واتخاذ الإصلاحات اللازمة، والتي يمكن أن تصل إلى 50 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي الحالي، يمكن أن تتجاوز عائدات الضرائب الـ 4.5 مليارات دولار. وستحتاج الحكومة إلى تعزيز إيرادات ميزانيتها من خلال إصلاحات أعمق وإجراء مراجعة شاملة للضرائب والرسوم على مستوى الوزارات المختلفة. كما يجب على البرلمان أن يُصادق على الميزانية المقترحة لعام 2023 قبل نهاية شهر آب القادم، وأن تقوم الحكومة بإعداد ميزانية 2024 مع التعديلات المطلوبة وتقديمها قبل نهاية تشرين الأول 2023، على أن تتم الموافقة عليها قبل نهاية تشرين الثاني المقبل.

الاصلاحات المالية: على الحكومة أن تُقدم قانون “الكابيتال كونترول” إلى المجلس النيابي في الأسبوعين المقبلين، وأن تحصل على الموافقة عليه بحلول نهاية آب القادم. كما تحتاج الحكومة إلى مراجعة قانون تسوية الفجوات وإعادة هيكلة المصارف والموافقة عليه بحلول نهاية أيلول المقبل مع إيجاد طرق لحماية المودعين المؤهلين. كذلك سيقوم مصرف لبنان بوضع القواعد واللوائح لنقل سعر الصرف إلى نظام عائم نهاية أيلول 2023 Managed Floating)) مع إمكان التدخل عند الضرورة، بحيث سيواصل “المركزي” شراء الدولار من السوق عندما يكون ذلك ممكناً وفقاً للمادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف لتخفيف الضغط على الاحتياطي الأجنبي، مع التزامه الغطاء التشريعي الذي يمنحه له المجلس النيابي لتحقيق الاستقرار في سعر الصرف على منصة “صيرفة”. وسيستخدم المصرف آلية المزاد على المنصة الدولية للاستجابة الى هجمات المضاربين على الليرة اللبنانية ضمن سياسات وإجراءات واضحة لخلق انتقال سلس إلى آلية السوق العائم.

التنسيق بين مصرف لبنان والمجلس النيابي والحكومة لتحسين عمق سوق الصرف الأجنبي: سيقوم مصرف لبنان بالتنسيق مع البنوك والمؤسسات المالية باعتماد قواعد جديدة تتعلق بتأمين العرض والطلب على المنصة الالكترونية الجديدة. كما يجب على مجلس النواب المصادقة على تعديل المادة 5 من قانون النقد والتسليف لمصرف لبنان لإصدار أوراق نقدية أكبر من ورقة الـ 100000 ليرة لبنانية.

وأشار النواب الأربعة في خطتهم إلى اعتقادهم أن الاحتياطي المتبقي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان هي إيداعات إلزامية للمصارف ويجب الحفاظ عليها حتى تكون هناك خطة شاملة توضح مصير الودائع، واستخدامها بما يتماشى تماماً مع الخطة. أما في هذه المرحلة، فإن استخدام أي جزء من تلك الاحتياطيات يجب أن يكون على أساس توافق وطني بين مجلس النواب والحكومة والمصرف المركزي ضمن خطة تسمح للحكومة بسداد أي مبالغ مستخدمة منها. كما يجب على مجلس النواب إقرار قانون يسمح للمصرف المركزي بإقراض الحكومة، من الاحتياطي الإلزامي حتى 200 مليون دولار شهرياً ​​على مدى ستة أشهر بإجمالي مبلغ لا يتجاوز الـ 1.2 مليار دولار خلال هذه الفترة. وسيبذل مصرف لبنان قصارى جهده لتثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار وتأمين الانتقال السلس إلى سعر صرف عائم بطريقة “مدارة”.

شارك المقال