100 ألف لبناني عاطل عن العمل والسياحة الأكثر تضرراً

هدى علاء الدين

تستمر الأزمة الاقتصادية وما نتج عنها من انهيار العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم وتدهور القدرة الشرائية في انعكاساتها السلبية على العديد من اللبنانيين وذلك بعد أن تعرضت الكثير من الشركات والمؤسسات لصعوبات مالية اضطرت بموجبها إلى تسريح موظفيها أو تقليص أعدادهم وخفض رواتبهم، الأمر الذي أدى إلى زيادة معدلات البطالة وتفاقم الأوضاع المعيشية والاجتماعية حتى بات تأمين الاحتياجات الأساسية للعاطلين عن العمل أمراً في غاية الصعوبة.

وعلى الرغم من التعديلات التي طرأت على قيمة الرواتب والأجور ليصل الحد الأدنى إلى 9 ملايين ليرة، إلا أن ذلك لم يمنع عن الموظفين خطر الصرف من العمل والوقوع في فخ البطالة. فالاستحقاقات المالية أصبحت عبئاً على معظم الأسر اللبنانية التي وجدت نفسها أمام دولرة شاملة لكل احتياجاتها مقابل راتب محدود لا يؤمن لها أدنى مقومات العيش. كما أن تباطؤ وتيرة التراجع الاقتصادي في العام 2022 وعدم وجود أي تغيير جوهري على مسار التراجع عموماً، وفي ظل تقديرات البنك الدولي بانخفاض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2.6 في المئة في العام 2022، وتسجيل إجمالي الانكماش الاقتصادي منذ العام 2018 حوالي 39.9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وخسارة العملة أكثر من 98 في المئة من قيمتها بحلول شباط 2023 وارتفاع معدل التضخم إلى 171.2 في المئة في العام 2022، جعل الفئة العاملة في لبنان الفئة الأضعف والأكثر هشاشة.

وبحسب “الدولية للمعلومات”، فقد أدى إقفال آلاف المؤسّسات وتراجع أعمال الكثير منها إلى ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل الذي تفاقم مع إحلال عمالة غير لبنانيّة (سورية) في بعض القطاعات وذلك نظراً الى تدني كلفة الأخيرة سواء في الرواتب والأجور أو في التّقديمات الاجتماعيّة. وبالأرقام، فقد بلغ أعداد اللبنانيين الذين صرفوا من أعمالهم نحو 100 ألف لبناني من العام 2020 ولغاية 2022، بحيث كان للقطاع السّياحي من فنادق ومطاعم النسبة الأكبر بحوالي 40 ألفاً، تلاه القطاع التّجاري ومحال البيع بالتّجزئة بـ 25 ألفاً، والقطاع الصّناعي بنحو 12 ألفاً والقطاع المصرفي نحو 10 آلاف، ومن ثم قطاع التّعليم نحو 7 آلاف وقطاع البناء والمقاولات نحو 5 آلاف وأخيراً قطاع النّقل نحو 3 آلاف. وعليه، يُقدّر عدد العاطلين عن العمل حالياً بنحو 450 إلى 470 ألف لبناني، أي ما يشكل حوالي 32 في المئة إلى 33.5 في المئة من حجم القوى العاملة المقدّرة بنحو 1.4 مليون. أما عدد المهاجرين والمسافرين، فقد وصل بين الفترة الممتدة من الأعوام 2020 إلى 2022 إلى 156 ألف لبناني، أكثر من 65 في المئة منهم عمّال كانوا سينضمّون إلى العاطلين عن العمل لو لم تتوافر لهم فرصة السفر والهجرة. وبالتالي، لو احتسبت نسبة المسافرين والمهاجرين على أنّهم عاطلون عن العمل، لارتفعت نسبة البطالة إلى ما بين 38 و40 في المئة من حجم القوى العاملة اللبنانية.

مع ازدياد نسبة البطالة من دون توفير الدعم الاجتماعي وارتفاع معدلات هجرة اليد العاملة التي تتناقص يوماً بعد يوم جراء الأزمة الاقتصادية وانعدام فرص العمل، يفقد سوق العمل اللبناني العديد من المهارات والكفاءات التي يحتاج اليها لبنان للنهوض من الركود الاقتصادي الذي أصاب القطاعات كافة. وانطلاقاً من العلاقة المباشرة بين النمو الاقتصادي وسوق العمل في لبنان، سيكون من الصعب في الوقت الراهن الحد من ظاهرة الصرف من العمل بسبب انعدام العوامل الأساسية التي تؤثر على عودة النمو الاقتصادي الذي بدوره يعمل على زيادة الطلب على العمالة وتحسين فرص العمل وتقليل معدلات البطالة. وإلى أن يتعافى سوق العمل من محنته ويستعيد دوره كمستقطب لليد العاملة الكفوءة ومصدر قوي للعملة الأجنبية التي طالما عوّل عليها النظام الاقتصادي، سيبقى اللبناني مهدداً بعدم الاستقرار وبخسارة وظيفته في أي وقت.

شارك المقال