ملاحظات على قانون حماية المستهلك… في الدعم والدولرة التاجر مستفيد

حسين زياد منصور

يبدو أن معركة المواطن مع السلع والمواد الغذائية ستبقى مستمرة من دون معرفة نهايتها، فتارة يشتري مواد منتهية الصلاحية، كان يعمد بعض أصحاب المحال التجارية الى تزوير تواريخها أو إزالة الملصقات المكتوبة عليها التواريخ، أو المواد غير الصالحة للأكل كما فضيحة “لبنة الجفصين”، وتارة أخرى بسبب الارتفاع المستمر في الأسعار، وهذه النقطة تشغل بال الكثير من الناس، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها لبنان.

منذ انخفاض الدولار في السوق السوداء الى 89 ألف ليرة لبنانية، لم يلحظ الناس أي انخفاض واضح في الأسعار وخصوصاً المواد الغذائية، بل على العكس، بعضها يرتفع على الرغم من التسعير بالدولار الأميركي، أي أن الأغراض نفسها أو البضاعة التي اشتراها المواطن في الأسبوع الماضي، تكون أغلى حين يشتريها الآن، كيف ذلك؟ هذا السؤال يراود الكثيرين، الى جانب فارق الأسعار بين بعض المتاجر في السلعة نفسها، وهذا ما جعل الناس في حيرة من أمرهم.

المشكلة في جشع بعض التجار الذين اعتادوا التمادي في رفع الأسعار، استباقاً لارتفاع الدولار، أو عند حصول أي شيء وذلك تجنباً لانخفاض نسب أرباحهم، فيسعّرون بضاعتهم على أساس الدولار أعلى من السوق السوداء.

وأشار رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي في حديث، الى أن التسعير بالدولار لا يعني أن الأسعار ثابتة وذلك بسبب التقلبات الناتجة عن أسعار السلع في العالم شرط ألا يتجاوز الارتفاع 10٪.

وأوضح أن العوامل التي سببت ارتفاع أسعار السلع على الرغم من أنها مسعّرة بالدولار، هي الدولار الجمركي الذي وصل الى 86500 ليرة لبنانية، وارتفاع أسعار الخدمات ومصاريف المرفأ، الى جانب ارتفاع الضرائب والرسوم، لافتاً الى أن التسعير بالدولار أظهر للمستهلك السعر الحقيقي للسلعة كما كشف التجاوزات التي حصلت لدى بعض محال السوبرماركت.

أبو حيدر: عقوبة رادعة لكل مخالف

وقال المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد أبو حيدر في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “هناك بعض التجار يعمد الى رفع أسعار السلع، ونحن نتأكد من الفواتير، البعض رفع الأسعار بسبب ارتفاع عالمي، ولكن البعض الآخر يرفعها من دون مبرر، لذلك تم تسطير محاضر واحالتهم على القضاء المختص بهم”.

أضاف: “نعود ونؤكد على التعديلات التي قمنا بها على قانون حماية المستهلك، كي تكون العقوبة رادعة أكثر، حتى كل شخص تسوّل له نفسه المخالفة، تكون هناك عقوبة رادعة أمامه”.

وعن قانون حماية المستهلك، أشار أبو حيدر الى الانتهاء من إعداد الملاحظات ووضعها عليه، آملاً أن يحال وفق الأصول على اللجان والهيئة العامة واقراره كي تصبح العقوبة رادعة.

وأعرب عن تفهمه لبعض التجار بسبب وجود غلاء عالمي لبعض السلع، “ولكن البعض الآخر من التجار يرفع الأسعار تحت حجة الغلاء العالمي والدولار الجمركي، لذلك أحلناهم على القضاء”.

نعمة: الأسعار ستبقى ترتفع في ظل الاحتكارات

وأوضحت نائب رئيس جمعية حماية المستهلك ندى نعمة لموقع “لبنان الكبير” أن سلطتهم كجمعية هي رقابية ورأي عام. اما في الدول المتطورة، فيتم الأخذ برأي الجمعيات التي عملت على الأرض لتحديد السياسات التي يجب اتباعها، مذكرة بـ “أننا منذ بداية الأزمة ونحن نطرح الحلول، وفي ما يتعلق بالدولرة حذرنا من أنها لن تكون في خدمة المستهلك وأنها لن تكبح ارتفاع الأسعار، بل ما سيكبح الارتفاع هو تحرير المنافسة ومنع الاحتكارات، ففي ظل الاحتكارات ستبقى الأسعار ترتفع”.

وأكدت أن “لا علاقة للأحداث أو الأمور العالمية بما يحصل، فعالمياً عندما يرتفع سعر القمح أو الزيت أو أي مادة، يرتفع السعر في لبنان نعم، ولكن عندما تنخفض عالمياً أيضاً، لا تنخفض، فمن يحدد الأسعار في لبنان ويتلاعب بها هم المحتكرون، ومنذ بداية الأزمة والأسعار ترتفع، حتى بعد الدولرة واليوم يتم تقريش الدولار بـ 100 ألف ليرة من دون حسيب أو رقيب”.

واشارت نعمة الى أسباب اضافية لما نمر به من تراجع دور المؤسسات في الرقابة وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك، مشددة على أن “الأسعار لا يمكن التحكم بها لأننا في اقتصاد حر، والمنافسة حاجة أساسية لا بد منها لمنع الاحتكارات”.

أضافت: “العديد من الدراسات يظهر كيف يؤثر ارتفاع معدلات الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا أمر خطير ويهدد الأمن الاجتماعي والغذائي للناس، فضلاً عن ارتفاع أسعار الخدمات بصورة غير معقولة”.

واعتبرت أن “لا شيء تم تقديمه للناس، بل على العكس، فالمسؤولون لا يريدون اراحتهم، وحتى في موضوع الدعم كان التاجر مستفيداً، والآن في الدولرة التاجر أيضاً يستفيد لا المواطن”.

تجدر الاشارة الى أن نسبة الزيادة بعد الدولرة في الفصل الثاني من العام 2023 (نيسان، أيار وحزيران) مقارنة مع (كانون الثاني، شباط وآذار) هي 111,50 ٪، وتشمل 145 سلعة أساسية.

في الأسابيع الماضية، أعلنت نقابة مستوردي المواد الغذائية أن لا خوف من حدوث انقطاع في إمداد لبنان ببعض المواد الغذائية عقب إعلان روسيا تعليق مشاركتها في اتّفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، لوجود مصادر عالمية أخرى لاستيراد الحبوب بديلة عن أوكرانيا، وأن كميات الحبوب المصدّرة من أوكرانيا إلى لبنان ليست كبيرة ولا تحتاج إلى بواخر كبيرة لشحنها وبالتالي يمكن إخراجها من موانئ غير خاضعة للحصار، وهذا الموضوع سيكون له تأثير سلبي على الأسواق العالمية وبالتالي ارتفاع أسعار الكثير من المنتجات لا سيما القمح والزيوت.

ومع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، أدى ارتفاع أسعار النفط والسلع والمواد الأساسية الغذائية عالمياً الى ارتفاعها أيضاً في لبنان، حيث شهد أزمة قمح وطحين حينها.

شارك المقال