الفراغ الرئاسي يعزز الانهيار… 10 أشهر من المآسي

هدى علاء الدين

يدخل لبنان يوم غد الشهر العاشر للفراغ الرئاسي الذي بات عبئاً ثقيلاً على الوضع الاقتصادي والمالي نظراً الى التحديات التي فرضها هذا الفراغ لناحية العمل الحكومي والمؤسساتي وانعكاسه المباشر على غياب القرارات السياسية والاقتصادية المصيرية التي يحتاج إليها لبنان في الوقت الراهن لتخطي أزماته المتشابكة. صحيح أن لبنان اعتاد دخول مرحلة الفراغ الرئاسي إلى حين نضوج تسوية الاتفاق على رئيس يحظى بتوافق الأطراف كافة، إلا أنها المرة الأولى التي ترافقت مع حكومة تصريف أعمال وانهيار اقتصادي هو الأكثر خطورة في تاريخ لبنان الحديث.

أزمة الفراغ الرئاسي التي ولّدت حالة من اللااستقرار وعطلت عملية إعادة بناء الاقتصاد والنهوض به على أسس سليمة، كلّفت الاقتصاد اللبناني المزيد من الخسائر التي بات من الصعب تعويضها على المدى القصير، أبرزها تضاعف سعر صرف الدولار في السوق السوداء من 41150 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد نهاية تشرين الثاني 2022 إلى 89600 نهاية شهر آب، في حين ارتفع سعر صرف منصة “صيرفة” من 30100 ألف ليرة إلى حوالي 86000 ليرة لبنانية لتتساوى إلى حد كبير مع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، فضلاً عن تراجع الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان من 10 مليارات دولار إلى 8.76 مليارات دولار، وهو المستوى الأدنى الذي تسجله قيمة الاحتياطي منذ بدء الأزمة قبل 4 سنوات.

أما لناحية معدلات التضخم، فقد بلغ معدل التضخم السنوي في العام 2022 حوالي 171.21 حسب دراسة مؤشر أسعار الاستهلاك الصادرة عن إدارة الاحصاء المركزي، ليرتفع بعد ذلك إلى أقصى مستوياته عند 251.5 في المئة على أساس سنوي. من جهة أخرى، تراجع رصيد حقوق السحب الخاصة الـ SDR الذي تلقاه لبنان من صندوق النقد الدولي من حوالي 600 مليون دولار إلى 78 مليون دولار. وفي مقارنة لموازنتي العامين 2022 و2023، أظهرت الأرقام تسجيل عجز ميزانية العام 2022 بنحو 10 مليارات ليرة، مقابل عجز بقيمة 34 ألف مليار ليرة في موازنة العام 2020.

ومع استمرار الفراغ الرئاسي القاتل لأي إجراء إصلاحي، أبقت وكالة التصنيف الائتمانية “ستاندرد أند بورز” على التصنيف الطويل والقصير الأمد للديون السياديّة بالعملات الأجنبيّة للدولة اللبنانية عند مستوى التخلّف المقيّد عن السداد SD، في حين حافظت على التصنيف الطويل والقصير الأمد للديون السياديّة بالعملة المحليّة عند درجتيْCC وC على التوالي، أي مواجهة صعوبات في السداد، مع نظرة مستقبلية سلبية. من جهتها، أبقت وكالة التصنيف الدولية “فيتش” تصنيفها الائتماني الطويل الأمد بالعملات الأجنبيّة عند حالة التخلف عن الدفع المقيّدة (Restricted Default)، في حين خفضت التصنيف الائتمائي قصير الأجل بالعملة المحلية من “C” إلى حالة التخلف عن الدفع المقيدة “RD”.

عزّز الفراغ الرئاسي الهروب من تنفيذ إصلاحات هيكلية قادرة على لجم الانهيار ومن الترهل المؤسساتي الذي أصاب العديد من مفاصل الدولة في ظل ضعف القدرة التنفيذية لحكومة تصريف الأعمال. ففي الوقت الذي ينتظر فيه لبنان أسابيع حاسمة في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، تشتد وتيرة الأزمات الاقتصادية والمالية بصورة متسارعة، ليبقى لبنان في دائرة التعطيل وغياب الثقة محلياً ودولياً من دون أي اكتراث بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تتفاقم تكلفتها يوماً بعد يوم.

شارك المقال