منصوري يشدد على الثوابت ويُنعش آمال المودعين

هدى علاء الدين

خرقت زيارة حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري إلى المملكة العربية السعودية مشهد الجمود الاقتصادي، لتُشكل مناسبة لبحث كل التحديات والفرص التي تواجه القطاع المالي والمصرفي وجس النبض حول كيفية تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بين البلدين في رغبة ضمنية لحث المملكة على مساعدة لبنان للخروج من أزمته من باب اتحاد المصارف العربية ومؤتمره السنوي، لا سيما وأن دعم السعودية ومن خلفها دول الخليج العربي سيكون له تأثير إيجابي على استقرار القطاع المصرفي، وسيُسهم في تعزيز الثقة بالنظام المالي اللبناني وإعادة تنشيط الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وتحسين المناخ الاستثماري.

منصوري الذي أشار إلى أن إعادة الأموال الى المودعين ليست مستحيلة، أكد أنه لا ينبغي أن ينتظر المودعون لفترة أكثر للحصول على أموالهم المودعة في المصارف، ما يعني وجود حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراءات فاعلة وسريعة لتسهيل استرداد هذه الأموال. ولفت من جهة أخرى، إلى أن المصرف المركزي ينوي توفير منصة تبادل دولية جديدة عبر “بلومبرغ” بهدف تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار وتمكين الدولة من دفع التزاماتها بالليرة، معتبراً في الوقت نفسه أنّ نجاح هذه المنصة واستمرارها لن يكون أمراً هيناً وتحتاج إلى إقرار الآلية القانونية لها.

كما جدّد تأكيد قرار “المركزي” بعدم تمويل الدولة من مصرف لبنان لا بالليرة ولا بالدولار، والذي اعتبره قراراً نهائياً لا يمكن الرجوع عنه، بحيث يعكس هذا القرار توجه المصرف نحو تحقيق استقلالية مالية والالتزام بمبدأ عدم تمويل العجز المالي للحكومة عبر طباعة نقود جديدة أو إقراضها من دون أي مقابل، وهي سياسة اعتمدها منصوري منذ توليه الحاكمية في محاولة منه للحفاظ على ما تبقى من الاحتياطي الالزامي.

تجدر الاشارة إلى أن ما ذكره الحاكم بالانابة حول نية المصرف المركزي في لبنان توفير منصة تبادل دولية عبر “بلومبرغ”، يُظهر محاولاته لإيجاد حل لأزمة سعر صرف الدولار، بحيث يعكس ربطها بآلية قانونية أهمية تحديد الضوابط واللوائح اللازمة التي تنظم عمليات تحويل العملة والتداول عبرها، لا سيما وأن هذه العمليات يجب أن تكون شفافة من أجل ضمان حماية مستخدميها والمستفيدين منها لتفادي أي عمليات غير مشروعة أو تلاعب بأسعار الصرف.

على الرغم من تصريحات حاكم مصرف لبنان التي تتناول أهمية دور المملكة العربية السعودية في دعم لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية، والتي تعكس بصورة وطيدة العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين وإرادتهما المشتركة في النهوض باقتصاد لبنان، إلا أن تحقيق التعافي الاقتصادي يعتمد على الاصلاحات والتدابير الاقتصادية التي يجب على لبنان أن يتخذها بنفسه لتحقيقه قبل أن يلجأ إلى الدول العربية وطلب المساعدة منها. فتصريحات منصوري تُشير بصورة واضحة إلى الوضع الصعب الذي يواجهه لبنان من الناحية الاقتصادية والمالية، وتطالب بضرورة تحقيق تفاهم سياسي وتعاون وطني للبحث عن حلول لأزمة العجز التي أهدرت الاحتياطي الإلزامي على مدى سنوات عبر تغليب مصلحة لبنان على المصالح السياسية والعمل معاً على تنفيذ الاصلاحات اللازمة والاجراءات المالية لتحقيق الاستقرار والنمو، إذ تبقى الحاجة إلى الاصلاحات أمراً حاسماً وأولوية لا يمكن الهروب منها أو تفاديها لاستعادة الثقة بالنظام المالي واستعادة المودعين لأموالهم.

شارك المقال