موازنة 2024… تشريع الرشوة وسرقة المواطن

حسين زياد منصور

أثارت موازنة 2024 دهشة الكثير من المواطنين لما احتوته من ضرائب، وتحديداً تلك المتعلقة بالنعوش والمتوفين وغيرها، لكن ما ذكر في ما يخص رسم بدل خدمات سريعة وطارئة كان نوعاً فكاهياً، واستقبلوا هذا الرسم بالتهكم معتبرين أنه تشريع علني ورسمي للرشوة لتسيير المعاملات في الدوائر الرسمية، وإن كان بحجة تأمين الموارد والأموال للدولة، وكان بإمكانهم العمل على تحسين الجباية، مثل الكهرباء وغيرها، وتخفيف الصرف ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي ومنع التهريب عند الحدود، والأهم ربما التخفيف من الوظائف الوهمية في القطاع العام، أي أن هناك الكثير من الطرق والوسائل المختلفة والمفيدة من المفترض أن تكون موجودة في الموازنة من دون أن تضر بالمواطنين وأن تكون على تماس مباشر معهم، لأن هذه الموازنة شهدت رفعاً كبيراً للضرائب وكأن الوضع الاقتصادي جيد وسليم.

وتباينت الآراء حول هذا الرسم، فمنهم من رآه خطوة إيجابية ومنهم من اعتبره تشريعاً للرشوة.

طعمة: لا تعاطف مع أي استحداث لرسم أو ضريبة جديدة

وتعليقاً على هذا الموضوع، يؤكد رئيس اللجنة القانونية لمحاربة الفساد جاد طعمة في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “أي استحداث لرسم أو ضريبة جديدة في هذا الوقت تحديداً في لبنان لا يمكن التعاطف معه أو النظر اليه من ناحية إيجابية”.

ويقول: “غالباً كل المعاملات التي تحصل في دوائر الدولة يدفع المواطن رسماً إضافياً من أجل تسريعها، فان كان الهدف من هذه الرسوم قطع الطريق على الاكراميات التي كانت تدفع من خارج ما هو منصوص عليه قانوناً هذا أمر جيد، اما إن كان المواطن سيدفع رسماً إضافياً تحت عنوان تسريع المعاملة أو الحصول على خدمات سريعة في الوقت الذي يستمر فيه النهج القديم من دفع اكراميات وبراني فهذا يعني أننا زدنا الأعباء على الناس وعبئاً فوق عبء”.

ويضيف: “أثبتت التجربة من خلال ملفات الفساد في الادارات العامة لا سيما النافعة والدوائر العقارية، أن هناك ضرورة قصوى لتدخل حازم ليس قضائياً بل اداري لضبط أداء الموظفين داخل الادارات العامة. ولكن هل من نية لإجراء ذلك؟”. وهذا ما يطرح علامات استفهام والكثير من الأسئلة والمواطن سيبقى كبش الفداء.

نشابة: واجب الدولة انجاز الخدمات في مدة معينة

أما الخبير الاقتصادي شادي نشابة فيوضح لـ “لبنان الكبير” أن “هذا الرسم بدل أن يسمى رشوة تمت تسميته رسم بدل خدمات سريعة وطارئة أي تسريع أو VIP”، مؤكداً أن “من واجبات الدولة أن يكون هناك انجاز للخدمات في مدة زمنية معينة، لكن هذا الرسم يمكن اعتباره ليس رشوة انما نوع من أنواع سرقة المواطن”.

ويقول: “المواطن يجب أن يحصل على الخدمة في مدة زمنية محددة، وبهذه الطريقة كأنهم يقولون له إن لم تدفع الرسم ستأخذ المعاملة وقتاً طويلاً، والمواطن الذي سيدفع هذه الرشوة أو هذا الرسم أو المبلغ سيتم تيسير أموره”.

ويشير نشابة الى أنهم “يتجهون الى تأمين الموارد من خلال الأمور المرتبطة بالمواطن مباشرة من زيادة الضرائب وغيرها بدل التوجه الى إيجاد موارد تفيد الدولة من خلال تحسين الجباية ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي والتخفيف من الوظائف الوهمية في القطاع العام”.

وكان لرئيس الاتحاد العمالي العام رأي في ذلك اذ أعلن أن موازنة 2024 نصت على استحداث رسم جديد تحت اسم رسم بدل خدمات سريعة وطارئة يسمح للمواطن بأن يدفع مبلغاً إضافياً من المال لإتمام معاملته في وقت سريع وذلك أسوة بما يطبّق حول جوازات السفر السريعة في المديرية العامة للأمن العام.

وأشار الى ضرورة أن يشمل توزيع الإيرادات الناتجة من هذا الرسم المستحدث كل الجهات الضامنة وخصوصاً الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة والمستشفيات الحكومية ضمن مبدأ دعم القطاع الصحي الرسمي في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها موظفو القطاع العام، لافتاً الى أن الاتحاد العمالي سيباشر اتصالاته بالمسؤولين المعنيين وعلى رأسهم رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية من أجل تعديل هذا البند في الاتجاه الصحيح.

وشدد على وجوب أن يترافق بدء تطبيق هذه المادة مع حوكمة رشيدة في الادارة العامة حتى لا يدفع طالب الخدمة الرسم المستحدث ورسم الرشوة السائدة في بعض الادارات، وان ذلك يفترض تفعيلاً للتفتيش الإداري والمحاسبة وإحلالاً للمكننة في الادارات واستحداثاً لجهاز إداري مدرب وفاعل ليقوم بهذا العمل السريع بما يقتضي ذلك من تزويد الادارة بكل مستلزماتها المكتبية والكهربائية والخدماتية.

شارك المقال