لبنان… الملاذ الآمن لتبييض الأموال

هدى علاء الدين

على الرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت العديد من التشريعات والاجراءات القانونية لمكافحة تبييض الأموال وتحسين السرية المصرفية في لبنان، إلا أن التحديات المتعلقة بهما لا تزال كبيرة خصوصاً مع استغلال القطاع المصرفي لأغراض تبييض الأموال والتهرب الضريبي وتحويل أموال غير شرعية والافادة من السرية المصرفية لإخفاء هويات الأشخاص المتورطين منذ بداية الأزمة عام 2019.

فقد أظهر التقرير السنوي لعام 2022 الصادر عن هيئة التحقيق الخاصة Special Investigation Commission في مصرف لبنان، وجود 469 حالة تهرب ضريبي من جهات محلية وخارجية مقارنة مع 404 في العام 2021، منها 246 حالة من جهات محلية أي بنسبة 73,8 في المئة، و123 حالة من جهات خارجية أي ما يعادل 26,2 في المئة. ولناحية وضعية الحالات الواردة، فقد تم إحالة 294 حالة (72,7 في المئة) توزعت بين 174 حالة من جهات محلية و120 حالة من جهات خارجية إلى النيابة العامة و/أو إلى الجهات المستعلمة، في حين لم تتم إحالة 139 حالة (29,6 في المئة) ضمت 137 حالة من جهات محلية وحالتين من جهات خارجية، لتبقى بذلك 36 حالة قيد الدراسة (7,7 في المئة) شملت 35 حالة من جهات محلية وحالة واحدة من جهات خارجية.

وقد شملت أعمال الرقابة الميدانية التي تجريها وحدة التحقق من الاجراءات وفق المقاربة المبنية على المخاطر للتحقق من مدى امتثال القطاع المالي لإجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب المطلوبة 21 مصرفاً، 130 مؤسسة صرافة، 6 شركات تحويل أموال، 17 مؤسسة مالية، 4 شركات وساطة مالية و15 شركة تأمين.

أما لناحية رفع السرية المصرفية والتزويد بالمعلومات، فقد أظهر التقرير وجود 230 حالة تم فيها تزويد معلومات (بما فيها تلك الخاضعة لسرية المصرف)، منها 121 حالة من جهات محلية و109 حالات من جهات خارجية.

من جهة أخرى، سجلت حالات رفع السرية المصرفية 64 حالة تضمنت 53 حالة من جهات محلية و11 حالة من جهات خارجية، مقارنة مع 36 حالة في العام 2021، و29 حالة في العام 2020، و55 حالة في العام 2019.

وبالنسبة الى توزيع حالات تبييض الأموال، فقد تصدّرها جرم تبييض الأموال بنسبة 15,5 في المئة، تبعه جرم تجارة المخدرات بنسبة 12,6 في المئة، تزوير بنسبة 10,2 في المئة، فساد بنسبة 9 في المئة، جرائم إلكترونية بنسبة 8,6 في المئة، احتيال بنسبة 8,1 في المئة، إرهاب أو تمويل إرهاب بنسبة 7,1 في المئة، واختلاس أموال خاصة بنسبة 4,8 في المئة.

كما تلقت هيئة التحقيق الخاصة 207 بلاغات عن عمليات مشبوهة، و287 طلب مساعدة، بالإضافة إلى 130 طلباً للمساعدة من جهات أجنبية منها 66,2 في المئة من أوروبا، و18,5 في المئة من الشرق الأوسط والخليج العربي، و6,9 في المئة من إفريقيا، و4,6 في المئة من آسيا، و2,3 في المئة من الأمم المتحدة، و0,8 في المئة لكل من أميركا الشمالية وأستراليا.

كذلك أشار التقرير إلى تحديث التقويم الوطني للمخاطر لعام 2022 الذي قادته هيئة التحقيق الخاصة وتعاونت بشأنه مع جهات معنية من القطاع العام والجهات الملزمة بالابلاغ من القطاع الخاص، فضلاً عن اللجنتين الوطنيتين لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إلا أن المخاطر المرتفعة لا تزال مرتبطة بتمويل الارهاب من جهة وبتبييض الأموال الناجم بصورة أساسية عن جرائم أصلية داخلية مرتبطة بالفساد والتهرب الضريبي والاتجار غير المشروع بالمخدرات. واعتبر التقرير أن سياسة دعم بعض المواد الاستهلاكية وجائحة كورونا زادتا مخاطر تبييض الأموال المرتبطة بالتهريب إلى الخارج وبتقليد السلع. أما مخاطر الجرائم السيبرانية المرتبطة بالاحتيال عبر التحويلات البرقية، فقد انخفضت منذ التقويم الوطني للمخاطر لعام 2019.

يعكس استمرار ارتفاع حالات تبييض الأموال في لبنان الضعف في نظام الرقابة المالية والتدقيق المالي بالتزامن مع وجود ثغرات تُسهل القيام بعمليات تبييض الأموال. كما أن ضعف النظام المصرفي وحالة الفوضى التي أصابته زادا من فرص حدوث هذه العمليات، فضلاً عن انعدام الشفافية والحوكمة في القطاع المالي والحكومي الذي صعّب من عملية تتبع مصادر الأموال واكتشاف حالات تبييض الأموال، بحيث أدى عدم وجود آليات رقابية فاعلة والتوجه نحو الممارسات غير الشرعية إلى تهديد استقرار الاقتصاد الوطني.

شارك المقال