تبادل اتهامات بين “كهرباء لبنان” و”الطاقة”حول تركيب العدادات

نور فياض
نور فياض

أزمات الطاقة في البلد، يقاربها المعنيون باللجوء دائماً الى التبرير ورمي المسؤوليات من قطاع الى آخر، فالمهم عندهم عدم الاعتراف بالتقصير والأخطاء في معالجة ملف على قدر كبير من الأهمية، يعاني منذ عشرات السنين من المشكلة نفسها وهي غياب الارادة السليمة لتطبيق الحلول.

أحد أوجه مشكلات قطاع الكهرباء هو ملف الجباية، فإذا تهرب المواطن أو سرق لا بد من محاسبته، ولكن من يحاسب خسارة سنوات وسنوات من الجباية السليمة الناتجة عن غياب تركيب العدادات للمواطنين؟ مئات لا بل آلاف المنازل لا تملك عداداً كهربائياً، بل “ورقة” فقط بدلاً منه!

علم موقع “لبنان الكبير” أن مشروعاً سكنياً مؤلفاً من أكثر من مئتي شقة بني سنة ٢٠١٧ في احدى المناطق، تقدّم سكانه آنذاك بطلب من شركة الكهرباء لوضع عداد، وحتى الآن وبعد مضي أكثر من ٧ سنوات، لا يزال المشروع خالياً من “ساعات الكهرباء” واكتفت الشركة بتعليق ورقة بدلاً منها.

منذ سنتين بدأت الشركة بتركيب عدادات ديجيتال في المنطقة نفسها مكان العدادات القديمة، وبدل استعمال القديمة في مكان آخر، قامت بتلفها وبقيت تلك الشقق من دون أي عداد. فلماذا لا يشترون عدادات للذين دفعوا مسبقاً ثمنها، وبالتالي يقدمون التيار الكهربائي من دون أن يُحاسب الزبائن؟ وبالطبع لا يمكن حصر هذا الموضوع بهذه المنطقة فقط، انما هناك حالات مماثلة على الأراضي اللبنانية كافة.

في ما يتعلق بالمبلغ الذي يدفعه هؤلاء فهو عبارة عن ١٠٠ دولار في السنوات السبع، بينما اذا كانوا يملكون عداداً فهذا المبلغ وأكثر يجب أن يُدفع سنوياً. من هنا يبدأ الهدر، أي أن المشترك لا يدفع مستحقاته بسبب اهمال الدولة والشركة المعنية، في الوقت الذي يعاني كلاهما من نقص مالي، فلماذا لا تركّب هذه العدادات المدفوع ثمنها والتي بموجبها تُدخل المال لشركة الكهرباء و”تترحرح” وبالتالي يصبح بإمكانها توفير الفيول؟

في السياق، تواصل “لبنان الكبير” مع مكتب المدير العام لشركة “كهرباء لبنان” كمال حايك، الذي اكتفى بهذا النص: “أطلقت عدة مناقصات للعدادات لكنها لم تلزّم لأحد بسبب عدم توافر الدولار فغابت العروض، ونحن نضع disjoncteur ونحتسب المقطوعية بناء على bareme ندرسه بدقة ليكون منصفاً بحق المواطنين ووافق عليه مجلس شورى الدولة، وزارة الطاقة، وزارة المالية ومجلس الادارة. هذا الـ bareme يحسب وفقاً لساعات التغذية التي تعطيها شركة كهرباء لبنان.”

وأكد مصدر خاص في وزارة الطاقة لموقع “لبنان الكبير” أن “لا دخل للوزارة بهذا الموضوع، انما هو من صلاحيات شركة الكهرباء التي تتمتع باستقلال مالي”، مشيراً الى أن “الشركة حين تقوم بمناقصة، تعرض على وزارة الطاقة التي بدورها توافق عليها ان كانت نظامية، والا تطلب اعادة دراستها من الشركة لإعادة عرضها على الوزارة، وفي حال لم تعط الوزارة جواباً خلال ١٥ يوماً، تصدّق حكماً من شركة الكهرباء.”

وأوضح المصدر أن “وزارة الطاقة هي الوصاية، انما الدور التنفيذي هو حصراً لشركة الكهرباء، وأنشئت الشركة على هذا الأساس والا لكانت دُمجت مع الوزارة، فهذه الأخيرة تتلقى الشكاوى فقط وتقدمها الى شركة الكهرباء”، لافتاً الى أن “لا وجود اليوم لمناقصات متعلقة بالعدادات في وزارة الطاقة”. ورداً على تعليق شركة الكهرباء، قال المصدر: “لا يمكنناأان نلزم المتعهد بصفقة يراها خاسرة، لذا على الشركة تأمين الدولار من حسابها في مصرف لبنان. يجرون العديد من المناقصات، فكيف يموّلونها؟”.

بدأت مشكلة تركيب العدادات قبل الأزمة الاقتصادية، صحيح أن ثمنها مدفوع، الا أن التنفيذ لم يتم حتى هذه اللحظة، ما أثر على المساواة بين المواطنين، فمنهم من يدفع مبلغاً زهيداً وآخرون يدفعون مبلغاً باهظاً، ولا يمكن أن نلومهم، فهذه مسؤولية شركة الكهرباء ومن يضع الخطط، اذ كلاهما لا يحترمان عدالة التوزيع.

وللتذكير فانها ليست المرة الأولى التي تخفق فيها الشركة المنفذة والجهة المخططة، اذ منذ سنتين أوقف تركيب للعدادات الذكية بحجة الأزمة الاقتصادية، ناهيك عن عدم توفير الخدمات المتوجبة عليهما. وكل جهة ترمي المسؤولية على غيرها، ولا أحد يريد تحمّلها، فيبقى المواطن عرضة للاستنسابية، في الحصول على الكهرباء أو حجم الفواتير، وكله في سياق الابتعاد عن الممارسات الطبيعية السليمة لصالح الفساد والاستسلام له.

شارك المقال