على الرغم من التحديات الجيوسياسية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط والتقلبات الاقتصادية العالمية، تواصل دولة الامارات العربية المتحدة تألقها الاقتصادي بفضل رؤيتها الثاقبة واستثماراتها المستدامة في تنويع الاقتصاد. وتسير الدولة بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها التنموية الطموحة من خلال تنفيذ استراتيجيات واعدة في مجالات التطوير والابتكار. كما يسهم الدعم المحلي والتعاون الدولي، إلى جانب تطور القطاعات غير النفطية، بصورة كبيرة في ترسيخ دعائم هذا النمو. وبذلك، تؤكد الإمارات ريادتها الاقتصادية، وتبرز كنموذج يُحتذى به في النمو المستدام، قادر على مواجهة التحديات وتحقيق المزيد من الإنجازات في المستقبل.
الأولى اقتصادياً
إذاً، حققت الامارات إنجازاً مميزاً بتصدرها قائمة الدول الأكثر استقراراً اقتصادياً على مستوى العالم، وفقاً لتصنيف أصدرته”US News & World Report” الذي شمل 89 دولة. ويُعزى هذا النجاح إلى البيئة التجارية المشجعة التي توفرها الامارات، فضلاً عن السياسات الاقتصادية الحكيمة التي تحد من البيروقراطية والفساد، بالإضافة إلى الشفافية في الممارسات الحكومية والجهود المستمرة لتعزيز ريادة الأعمال والابتكار. وساهمت هذه العوامل مجتمعة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتجاوز العديد من التحديات العالمية، ما عزّز موقعها كمركز اقتصادي عالمي ومكّنها من التفوق على العديد من الاقتصادات المتقدمة. كما احتلت الدولة المرتبة الثانية في العالم العربي، وكانت من بين الأوائل في فئتي “ريادة الأعمال” و”الانفتاح على الأعمال”، ما يعكس قدرتها الاستثنائية على التكيف والابتكار في مشهد اقتصادي عالمي متغير.
النشرة الأميركية أشارت في تقريرها إلى أن الامارات تُعتبر واحدة من أكثر دول الخليج ليبرالية، حيث يضمن دستورها حرية الدين. وقد احتلت دول مثل سويسرا وألمانيا وكندا واليابان وأستراليا والسويد والدنمارك وهولندا والمملكة العربية السعودية المراكز العشرة الأولى في هذا التصنيف.
وبالأرقام، سجلت الامارات 86.9 نقطة من 100 في فئة “الاتصال بالعالم الخارجي” ضمن مؤشر “ريادة الأعمال”، وحققت 90.7 نقطة في تصنيفها كدولة ريادية. كما اكتسبت الدولة نقاطاً مرتفعة في البنية التحتية المتطورة، حيث حصلت على 84 نقطة، كما سجلت 87 نقطة في البنية التحتية الرقمية. وتألقت الامارات خصوصاً في المجال الضريبي، إذ نالت 100 نقطة لامتلاكها بيئة ضريبية مواتية. وتحت عنوان “جودة الحياة”، حققت الدولة درجة 86.9 بفضل تمتعها بسوق عمل فاعل، واستحوذت على 100 نقطة كاملة لاستقرارها الاقتصادي، في إشارة إلى نجاحها في خلق بيئة معيشية جذابة ومزدهرة.
آفاق نمو واعدة
في ما يتعلق بمؤشرات النمو، تظل التوقعات المستقبلية إيجابية وتُبشّر بآفاق اقتصادية واعدة. إذ كشفت أحدث التوقعات الصادرة عن بنك “يو. بي. إس” السويسري لادارة الثروات عن نمو مرتقب للاقتصاد الاماراتي بنسبة تتجاوز 5 في المئة في العام 2025. وتتماشى هذه التوقعات المتفائلة مع تقديرات صندوق النقد الدولي، الذي حافظ على توقعاته لنمو الناتج المحلي الاجمالي للإمارات بنسبة 4 في المئة لعام 2024، بينما رفع توقعه لعام 2025 من 4.2 في المئة في توقعات نيسان إلى 5.1 في المئة في تقريره الأخير لشهر تشرين الأول بعنوان “آفاق الاقتصاد العالمي: التحول السياسي والتهديدات المتزايدة”. كما توقعت المؤسسة المالية الدولية انخفاض التضخم في دولة الامارات إلى 2.1 في المئة في العام 2024، وإلى 2 في المئة في العام 2025، ما يعكس الاستقرار الاقتصادي المتوقع في المرحلة المقبلة.
تجدر الاشارة إلى أن المراجعة الأخيرة، التي أُجريت على هامش اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، أسفرت عن تعديل توقعات التضخم العالمي لعام 2024 بالزيادة إلى 2.3 في المئة مقارنةً بـ 2.1 في المئة في توقعات نيسان، بينما رفعت توقعات عام 2025 إلى 2.1 في المئة من 2 في المئة في التوقعات السابقة.
من جهته، توقع البنك الدولي في تقريره الصادر في تشرين الأول الجاري حول أحدث المستجدات الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن ينمو الناتج المحلي الاجمالي لدولة الامارات بنسبة 3.3 في المئة في العام 2024، مع ارتفاع متوقع إلى 4.1 في المئة في العام 2025.
ووفقاً للتقرير الذي حمل عنوان “النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، من المرجح أن تقود الامارات معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد بنسبة 2.5 في المئة في العام 2024، و3.4 في المئة في العام 2025. كما أشار إلى توقعات بانخفاض فائض الحساب الجاري للإمارات إلى 7.5 في المئة في العام 2024، مقارنة بـ 9.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023، على الرغم من استمرار جهود التنويع الاقتصادي. ومع ذلك، من المتوقع أن يظل اقتصاد البلاد مدعوماً بقطاع غير نفطي قوي، بالاضافة إلى سياسات مالية ونقدية سليمة تعزز النمو والاستقرار المالي. ومن المتوقع أن تحافظ الامارات على فوائض مالية تصل إلى 4.9 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2024، و4.7 في المئة في العام 2025، ما يعكس استقراراً مالياً ومرونة في التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية.
وبحسب التوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الصادرة عن شركة “بي إم آي فيتش سوليوشنز”، من المتوقع أن تتصدر الامارات المنطقة، بحيث أشارت تقديرات الشركة إلى أن اقتصادها سيتسارع في النمو ليصل إلى 5.2 في المئة بحلول العام 2025، مدفوعاً أيضاً بزيادة إنتاج النفط بالاضافة إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة لتنويع الاقتصاد وتعزيز الاستدامة وتحقيق التوازن الاقتصادي.