خاص

دائرة “الشمال الثالثة”: معركة كبرى والحسم في الكورة

تتّخذ المعركة الانتخابية في دائرة “الشمال الثالثة” (بشري، البترون، زغرتا، الكورة) أبعاداً كبرى مضافة إلى الاستحقاق النيابي المنتظر بذاته، انطلاقاً من أنها الدائرة التي تضمّ العدد الأكبر من المرشحين المفترضين الطبيعيين لرئاسة الجمهورية ووصولاً إلى رمزية المنافسة الانتخابية ودلالاتها بين الأقضية وخاصة على صعيد البترون، بحيث يُعتَبر خوض رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل الاستحقاق وعلامات الاستفهام المطروحة حول النتائج التي يمكن أن تعكسها الانتخابات بمثابة أحجية نظراً الى عدد المقاعد غير المحسومة على صعيد الدائرة خلافاً لبعض الدوائر التي تبدو خارج إطار المعركة الانتخابية الحقيقية. وما يضيف معيار الاثارة والحماسة الاضافية إلى “الشمال الثالثة” هو العدد المرتفع على صعيد عدد المغتربين المسجلين للتصويت، والقدرة التأثيرية لمصلحة مقعدين نيابيين على الأقل في حال تركيز ثقل الأصوات المغتربة لجهة لائحة معيّنة. ولا يمكن إغفال أن دائرة “الشمال الثالثة” تتصدر الدوائر لناحية عدد المغتربين الذين سجلوا أسماءهم للمشاركة في عملية الاقتراع، بما يمنحها بعداً رمزياً باعتبارها الدائرة الأساسية اغترابياً. وفي حديث الأرقام على صعيد المسجلين للاقتراع في الانتخابات المقبلة، بلغ عدد المغتربين المتحدرين من زغرتا 8315 صوتاً، 6564 صوتاً من البترون، 6122 صوتاً من الكورة و6114 صوتاً من بشري.

على صعيد عدد اللوائح وتوزيعها، يتظهّر بحسب معطيات “لبنان الكبير” أن ثمة 5 لوائح أساسية في الدائرة تتوزع بين: لائحة “القوات اللبنانية” التي تضمّ نواتها كلاً من النائبين ستريدا جعجع وجوزف اسحاق عن بشري، غياث يزبك عن البترون، مخايل الدويهي عن زغرتا، فادي كرم وسامي روحانا عن الكورة. وتشمل نواة اللائحة الثانية تيار “المرده” الذي يرشّح طوني فرنجية واسطفان الدويهي اضافة الى مشاورات قائمة على صعيد أكثر من اسم عن المقعد الثالث في القضاء ومن بينها زياد مكاري الذي يشكل فرعاً من عائلة بولس التي تعتبر من العائلات الأساسية مناطقياً في زغرتا. وحسم الاتجاه نحو ترشّح فادي غصن شقيق النائب الراحل فايز غضن في الكورة. وتشمل نواة اللائحة الثالثة ميشال معوض في زغرتا ومجد حرب في البترون، كما علم أنه سيتم ترشيح وجهين ذوي طابع قطاعي مدني عن الكورة (أديب عبد المسيح وايميل فياض). وتتشكل نواة اللائحة الرابعة التي يبني أساساتها “التيار الوطني الحرّ” حتى الآن من النائب باسيل في البترون، فايز كرم في زغرتا والنائب جورج عطا الله في الكورة. أما اللائحة الخامسة، فيشكلها ائتلاف “شمالنا” المحسوب على قوى التغيير بما يشمل عدداً من الوجوه المحسوبة على المجتمع المدني.

لكن خلط الأوراق الذي يتظهّر على صعيد دائرة “الشمال الثالثة”، يرتبط بحسابات خلافية ما بين تفرعات الحزب “السوري القومي الاجتماعي”، بحيث أشارت المعلومات إلى أن الانقسام سيترجم من خلال ترشّح اسمين يمثلان الحزب “القومي” وهما النائب سليم سعاده من جهة، والمرشح وليد عازار من جهة أخرى. ويبدو أن استمرار الانقسام الحاصل على صعيد الحزب “القومي”، من شأنه أن يضعضع أصوات المناصرين له بما يقلّل من فرص وصول نائب عن “القومي” في الدورة الانتخابية المقبلة من دون إغفال الاعتراض على التحالف مع “التيار الوطني الحرّ” في حال استمرار ترشيحه فايز كرم على لائحته. ويشير مواكبون عن كثب لتفرعات المعركة الانتخابية في دائرة “الشمال الثالثة” عبر “لبنان الكبير”، إلى أن المعركة الانتخابية تبدو قائمة على صعيد 3 مقاعد في الكورة ومقعد واحد في البترون، في وقت يظهر أن المقعدين محسومان في بشري لمصلحة النائبين جعجع واسحاق، كما أن الحواصل الانتخابية الثلاثة شبه مضمونة في زغرتا لمصلحة النواب فرنجية والدويهي ومعوّض. وهناك أكثر من “ستاتيكو” ممكن على صعيد نواب الكورة والبترون، علماً أن المؤشرات الحسابية الداخلية تضمن وصول باسيل إلى حاصل انتخابي في ظل ماكينة انتخابية بترونية قوية تعمل على صعيد “التيار الوطني الحرّ”، إلا في حال استجدّت مفاجآت غير متوقّعة لناحية تصويت المغتربين وتأثيرها مباشرةً على المقعد البتروني بما قد يرفع فرص “شمالنا” أو مجد حرب، في وقت يتظهّر أن الحاصل “القواتي” الثالث استناداً الى معايير توزيع الحواصل مذهبياً سيكون بترونياً في وقت العين على حاصل رابع على صعيد قضاء الكورة.

لماذا يتأكد أن حسم المعركة الانتخابية في “الشمال الثالثة” عنوانه الكورة تحديداً؟ يلفت المواكبون إلى أن أقسام “القومي” وضعف حظوظ “التيار الحر” في الوصول إلى حاصل انتخابي ثان خلافاً للانتخابات الماضية يجعل الحسابات الانتخابية على صعيد مقعدين على الأقل غير معروفة في ظل غياب المعيار الزعاماتي في القضاء. وهناك سيناريوات عدّة ممكنة: أولها، أن يكون الحاصل الثاني في حال بلوغه على صعيد لائحة معوض من نصيب مرشّح عن قضاء الكورة. وثانيها، أن يكون الحاصل الانتخابي الرابع في حال بلوغه على صعيد لائحة “القوات” من نصيب مرشّحها فادي كرم. وثالثها، أن يكون الحاصل الثالث في حال بلوغه على صعيد “المرده” من نصيب المرشح فادي غصن. ويبدو أن احتمالية خرق لائحة “شمالنا” في حال حصلت ستترجم في الكورة لناحية حاصل انتخابي أول. ومن شأن خلط الأوراق القائم في البترون أن يرسم علامات استفهام حول الفائزَيْن بالمقعدَيْن، وفق أكثر من سيناريو لناحية باسيل ويزبك، أو يزبك وحرب، أو باسيل وحرب، الا في حال استطاع “شمالنا” تحقيق مفاجأة واسعة والوصول الى خرقين انتخابيين. ويبقى المؤكد أن المقاعد المضمونة تشمل مقعدي بشري لجهة “القوات” ومقاعد زغرتا لمصلحة “المرده” وحركة “الاستقلال”.

زر الذهاب إلى الأعلى