خاص

“بيروت الثانية” تُسقط بهاء الحريري

منذ أكثر من عام، حلّ رجل الأعمال بهاء الحريري ضيفاً عابراً على الساحة السياسية في لبنان، ليطرح تواجده المفاجئ تساؤلات عدة حول التوقيت والهدف بعد غياب دام 17 عاماً عن أي تصريح سياسي أو نشاط اجتماعي خيري من إرث الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وفي الوقت الذي انتظر فيه اللبنانيون حضوراً سياسياً لافتاً ولائحات مدعومة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب تعكس حجم التجييش المعنوي والاعلامي بعد أن جمع أهم الشخصيات الاعلامية في منصته التي يديرها ممثله الاعلامي والصرف المادي غير المسبوق لظاهرة “سوا للبنان”، جاء لقاء “الفوروم دو بيروت” باهتاً في المضمون ليبقى بذلك الرهان على ملء فراغ اعكتاف تيار “المستقبل” وزعيمه حلماً يراود صاحبه ولا يُمكنه تحقيقه.

بهاء الحريري الذي أطلق منذ أيام قليلة خطة حركة “سوا للبنان” من أجل النهوض والتغيير، أشار إلى أن الحركة تطورت بوتيرة تخطت أحلامه وهي ستسمح بتحقيق كل ما هو مطلوب للبنان، مؤكداً أنها حركة سياسية غير طائفية، لديها رؤية وتطلعات وحلول حقيقية لمعالجة التحديات التي يواجهها لبنان. كما لفت إلى أن الدليل على تنوّع هذه الحركة واختلافها عما سبقها من أحزاب وتيارات هي عدم ارتباطها باسم او عائلة ولن يكون أبداً رئيساً لها، معتبراً أن مسار حركته هو المسار الذي أراد والده الشهيد دعمه، بعدما أدرك الحاجة الملحّة الى دعم البشر قبل الحجر.

بهاء الحريري الذي كشف أن الوقت حان لتغيير السياسات والشخصيات التي قادت البلاد نحو الهاوية وحوّلتها إلى أرض قاحلة، أكد أنه لن يسمح بعد الآن باستمرار من وضع اللبنانيين في جهنم، مشدداّ على أن لبنان يستحق أن يكون دولة حرة ومستقلة ومزدهرة، “لكن هذا الحلم لا يتحقق إلا إذا تحركنا سوا”. ودعا إلى عدم البقاء مكتوفي الأيدي والعمل بجدية والتصويت بكثافة في الانتخابات المقبلة لأنها أول خطوة في الاتجاه الصحيح… فما هي هذه الأحلام؟ وأين هي هذه الحلول؟ وكيف سنتحرك سوا؟ وأين هي جبهته السياسية التي ستعمل على التغيير في ظل رفرفة راية بيضاء أسقطت مفهوم الوراثة السياسية عنوة وجعلت من مفهوم الزعامة السنية مفهوماً يتخطى الشعارات والخطابات الرنانة؟ فقرار خوض الغمار السياسي لأهداف شخصية واتخاذ اسم الشهيد رفيق الحريري دعاية مشوهة لتحقيق المراد، تعد خطوة ناقصة والسير عكس النهج والتيار ستكون نتيجته الانكفاء حكماً.

وتعقيباً على خطاب بهاء الحريري الافتراضي، تشير مصادر “لبنان الكبير”، إلى أن الأخير لم يستطع شدّ العصب السني ولم ينجح في ضم الشخصيات السنية إلى صفه باستثناء اللواء أشرف ريفي المتحالف أصلاً مع حزب “القوات” المندرج تحت “أحزاب السلطة” وبعض الشخصيات السنية البيروتية التي لا تؤيد الرئيس سعد الحريري ولم تتفق يوماً مع والده الشهيد رفيق الحريري، بل سعت دوماً إلى محاربته وإقصائه في تناقض واضح لتصريحاته التي يؤثر فيها التذكير بأنه ابن الشهيد، فهل هكذا يكون الولاء لأبو بهاء؟، لافتة إلى أنه “لم يكن لديه أي حظوظ في تقوية حضوره السياسي خاصة وأن الشارع السني مكوّن من مجموعة أضداد لا يمكن لها أن تلتقي معه أبرزها عبد الرحيم مراد في البقاع وأسامة سعد في صيدا وبعض الأقطاب في طرابلس التي من المستحيل أن تتحالف سياسياً مع بهاء الحريري”.

وبحسب المصادر، فإن “حملة بهاء الحريري كانت قائمة على استهداف الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل من أجل العرقلة فقط عبر التأثير في نفوس المستقبليين واللعب على وتيرة أنه ابن الشهيد رفيق الحريري وليس من أجل الحصول على أصوات انتخابية”، مستبعدة حصوله على حصة نيابية في المجلس المقبل. ورأت أن “سياسة العرقلة اصطدمت بحواجز كثيرة أبرزها تفاجؤه بأن حجم التعاطف مع سعد الحريري كان أكبر من شعبيته كونه ابن رفيق الحريري، لا سيما وأن شعبية زعيم تيار المستقبل مزدوجة تتضمن شعبيةً على المستوى الشخصي تضاف إليها شعبيته كونه ابن رفيق الحريري”، معتبرة أن “بهاء الحريري وُجد ليخلق حالة من الشرذمة في الشارع السني في محاولة لتشكيل نواة سنية مناهضة للرئيس سعد الحريري، وهو مسيّر وليس مخيّراً وأثبت أنه لا يدرك اللعبة السياسية بل يهدف إلى جمع فتات ما تركه زعيم تيار المستقبل فقط، فضلاً عن أن التواصل الافتراضي مع جمهوره الذي يزعم أنه بالآلاف جعله مرشداً ولديه مجموعة من الممثلين على أرض الواقع”.

إذاً، قرار بهاء الحريري عدم تشكيل أي لائحة، بات الجميع يُدرك خلفياته خاصة وأن أحداً لم يبد استعداده للتحالف معه في دائرة بيروت الثانية معقل تيار “المستقبل” الذي يتجه شارعه إلى المقاطعة، فالهدف المستور وراء تحركاته في الفترة الأخيرة كان عائقاً أساسياً لفشله في خوض الغمار الانتخابي من بابه العريض. اليوم، أدرك بهاء الحريري أن ما بناه سعد الحريري طيلة هذه السنوات وباللحم الحي لا يمكن للأموال أن تهدمه، وهو إن وجد نفسه بعيداً ومعزولاً عن أي لائحة انتخابية، فهذا يعود إلى ما جنته يداه.

ومع غياب أي لائحة برئاسته، تبقى أربع لوائح رئيسة في صدارة المنافسة هي: “هيدي بيروت” مدعومة من “الجماعة الإسلامية” ونبيل بدر، لائحة “بيروت بدها قلب” برئاسة فؤاد مخزومي، لائحة “بيروت تواجه” المدعومة من فؤاد السنيورة واتحاد عائلات بيروت ولائحة الأحباش “لبيروت”. وفي حين تسعى جميع اللوائح المؤلفة إلى استقطاب الصوت السني الذي سيعود لتاريخ 15 أيار فقط تحديد قراره، تنتظر العاصمة مطلع الأسبوع المقبل لائحة “الثنائي الشيعي”. أما عن القوى الثورية، فقد علم “لبنان الكبير” أن مهمتها في غاية الصعوبة ولا يزال الفشل في الاتفاق على اللوائح سيد الموقف، وهي حالة أصبحت منتشرة في معظم المناطق اللبنانية بعدما أخفقت في إطلاق لوائح موحدة على صعيد لبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى