الإطار القانوني الداخلي والدولي لجريمة مجدل العاقورة

رامي عيتاني

حيث أنه وبشكل موثّق بالصوت والصورة، فقد هزَّت وسائل التواصل الاجتماعي بفيديو الإذلال الذي تعرض له عمال يعملون لدى أحد الأشخاص، وما رافق ذلك من ضرب وإهانة وعنصرية قابلتها حركة غير مسبوقة داخلياً بالتنديد والاستنكار الواسعين والرفض لافتراض أفعال من هذا النوع، حتى لو بذريعة السرقة ولو كانت قد وقعت فعلاً، اذ لم يترك الجناة للقانون أن يتنفس في بلد اللاقانون، ولا حتى للعدالة أن تأخذ مجراها للأسف.

أما بخصوص هذه الأفعال الجرمية التي توثقت بالصوت والصورة، وهي ضرب وإهانة عدد من العمال السوريين واللبنانيين في منطقة جبيل مجدل العاقورة، فهي عبارة عن جرائم بالمفهوم القانوني الوضعي وينطبق عليها أفعال الإيذاء البدني المقصود، وأيضاً اثارة النعرات العنصرية فيما لو كان استهداف هؤلاء الاشخاص مرتبط بجنسيتهم أو خلفيتهم المناطقية، وفيما لو استخدمت خلال هذه الأفعال البدنية من ضرب وايذاء أية عبارات عنصرية تتعلق بجنسيتهم بحسب المادة ٣١٧ من قانون العقوبات، والتي يصنفها القانون بالجنحة وعقوبتها لا تزيد عن ثلاث سنوات، كذلك الايذاء المقصود أيضاً مصنف كجنحة لا تزيد عقوبتها عن ثلاث سنوات بحسب المواد ٥٥٤ و٥٥٥ من قانون العقوبات، انما تختلف هذه العقوبة بحسب درجة التعطيل عن العمل الذي يلحق بهؤلاء الأشخاص،

أما التعويض الذي يحق للمتضررين فيختلف بحسب حجم الضرر المادي البدني والمعنوي اللاحق بهم،

كذلك الأمر، فإن انخراط عناصر أمنية من الدولة في هذه الأفعال الجرمية يرتب اختصاصاً مختلفاً هو اختصاص القضاء العسكري فيما لو كان ثبت أن الضرب تم أيضاً من قبل عناصر المفرزة أو المخفر من قوى الأمن الداخلي وخلافه، علماً أن قانون مناهضة التعذيب في لبنان الذي صدر في العام ٢٠١٧ تعتريه ثغرة أساس وهي أنه يتناول الأشخاص الضحايا الذين يتعرضون لأفعال ترقى الى التعذيب أثناء توقيفهم سواء خلال التحقيق معهم أو بعد التحقيق، لكن لم يلحظ القانون التعذيب من قبل الأشخاص العاديين أو التعذيب قبل توقيف الأشخاص من قبل الضابطة العدلية أو عناصر الدولة المعنيين، وبالتالي فانه لا خلاف على أن هذه الأوصاف الجرمية تنطبق على الأفعال المذكورة بالنسبة الى القوانين اللبنانية ونقصد الضرب والايذاء المقصود وإثارة النعرات العنصرية فيما لو ثبت أنه حصل أي خطاب أو كلام ينم عن ازدراء لجنسية المعتدى عليهم أو خلفيتهم المناطقية أو غير ذلك،

أما على صعيد القانون الدولي، فلا مكان لتطبيق شرعاته واتفاقياته الا لجهة ما اذا كان استهداف هؤلاء الأشخاص قد تم من حيث هم فئة مهمشة أو لاجئون أو أقليات، باعتبار أن القانون الدولي هنا يحمي هؤلاء الأشخاص من أي تعرض لهم بشكل كامل، لا سيما من حيث أنهم قد استحصلوا من الدولة اللبنانية على اذن بالعمل حتى لو كانوا مسجلين في الأمم المتحدة بسبب عدم قدرة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على تغطية حاجاتهم الانسانية، ما يرتب عليهم حتماً اضطرارهم الى العمل من أجل تلبية حاجاتهم، وهو أمر موضع تفاهم وتوافق مع الجهات الرسمية من أمن عام ووزارة عمل وغيرها، بحيث أصبح من حق اللاجئ العمل على الأراضي اللبنانية حتى لو كان مسجلاً في الأمم المتحدة، ما يعني أن هنالك انتهاكاً للاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة التعذيب من كافة أشكاله ومن أي جهة كانت،

إلا أن الأهم هو الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعطي لكل انسان الحق بحياة كريمة، ويعطي الشخص الهارب من التعذيب والاضطهاد في بلده حق اللجوء إلى بلد آخر حتى لو كان البلد المقصود لا يعطي اللاجئ حقوقاً مثل اعادة التوطين لانه بلد غير موقع على الاتفاقية الدولية لحقوق اللاجئ

شارك المقال