إقتراح قانون يعقوبيان بين الأخذ والرد يبقى الأجدى

رامي عيتاني

حيث أن اقتراح القانون الذي تقدمت به النائب بولا يعقوبيان يرمي الى استعادة حقوق لبنانية نص عليها قسم العهد، وكفل احترامها في الأساس، يبقى الوحيد والمنطقي، لكن للأسف، وبينما يغرق الشارع اللبناني بتجاذبات الحكام وشعبه من جهة، وبمواجهات مع مؤامرات يحيكها الغرب عن حركات شذوذ وإفساد من جهة أخرى، تغرق معه ثرواث لبنان واقليمه البحري في بحر المناكفات لتضيع معها الفرصة الأخيرة لعودة الحياة الى هذا البلد،

فالأراضي اللبنانية تضم الاقليم البري والجوي والبحري، ومن هنا يأتي القسم الرئاسي المؤتمن على احترام الدستور اللبناني الذي أوجب وفرض على رئاسة الجمهورية حماية الاقليم اللبناني ومن ضمنه الاقليم البحري.

ولما كان التنازل عن جزء من أراضي الدولة اللبنانية هو انتهاك واضح وسافر لنص الدستور اللبناني لذلك يهمنا ايضاح الآتي؛

إن الخط 29 يعتمد على المادّة 74 من اتّفاقيّة الأمم المتّحدة لقانون البحار التي تنص على وجوب أن يتمّ تعيين حدود المنطقة الاقتصاديّة الخالصة بين الدول ذات السواحل المتقابلة أو المتلاصقة عن طريق الاتّفاق على أساس القانون الدولي كما أُشير إليه في المادّة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدوليّة من أجل التوصّل الى حلّ منصف، كما يعتمد الخط 29 أيضاً على اجتهادات المحاكم الدولية المستقرة منذ العام 1993 التي تعتبر أنّ الوصول إلى الإنصاف بحسب قواعد القانون الدولي يقضي بتطبيق قاعدة خطّ الوسط، لكنه يتعارض مع الخط 23 بأنه يستند إلى المادة 121 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار كما الخط رقم 1.

وبالتالي، فإن ما يؤكّد شرعية الخط 29 أنّ المكتب الهيدروغرافي البريطاني(UKHO) قدّم في آب 2011 تقريراً يوصي لبنان باتباع طريقة خط الوسط مع العدو الإسرائيلي لاسيما أنّ الخط 29 هو الخط الصحيح الذي يستند إلى قواعد الترسيم في البحر وفقاً للقانون الدولي الصادر عام 1982، وبالأخص المواد 15، 74، 83 من هذا القانون. أضف إلى ذلك أنه يستند كذلك الى الاجتهاد الدولي الحديث، لاسيما الحكم القضائي الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 12 تشرين الأوّل 2021 الذي فصل في نزاع الحدود البحرية بين كينيا والصومال، والذي أكّد على مسألة عدم وجوب الأخذ في الاعتبار الصخور ذات التأثير غير المتناسب في تحديد خطّ الوسط، كصخرة “تخليت” مثلاً في حالتنا الراهنة. وهي عنصر بحري يبعد حوالي 800 متر عن الشاطئ الفلسطيني (رأس الناقورة).

وهذا ما استندت إليه الدراسة التي أعدّتها قيادة الجيش اللبناني وفقاً للقوانين الدولية، والتي شدّدت على ضرورة أن يتمسك لبنان بنقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط كمنطلق لأي ترسيم، من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية المتواجدة، باعتبار أنّ ما يزعمه الوفد الاسرائيلي المفاوض عن وجوب الانطلاق من جزر “تخليت” في ترسيم الخط البحري لا أساس له من الصحة وهي بمثابة نتوءات صخرية لا أكثر.

في الختام، إنّ الموافقة على اعتماد الخط 23 مع حقل قانا كحل للنزاع مع إسرائيل، يشكل تخلياً عن حقوق لبنان السيادية في المنطقة الاقتصادية اللبنانية، بمعنى نتنازل بشكل غير مبرّر عن ثروة تقدّر بحوالي 600 مليار دولار أميركي. من هنا يتوجب إقرار اقتراح القانون المعجلّ المُكرَّر، المقدم من النائب بولا يعقوبيان، لتعديل القانون رقم 163 تاريخ 18/8/2011 بغية اعتماد الخط 29 كخط رسمي لتحديد الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية البحرية اللبنانية، تنفيذاً وتطبيقاً للدستور البناني الأجدر بالاحترام من قبل من ائتمن على حمايته.

شارك المقال