أزمة إشتدي… بانتظار الفرج “الفرنكو فارسي”؟

لبنان الكبير

تطل الذكرى الـ 60 للأزمة التي سميت بـ “أزمة الصواريخ الكوبية” هذا العام، في ظروف عالمية مشابهة، عندما كاد العالم أن يشهد حرباً بين العملاقين أميركا والاتحاد السوفياتي، والتي من المؤكد أنها كانت تحولت إلى حرب عالمية ثالثة. وبما أن التاريخ يعيد نفسه، يعيش العالم اليوم أزمة أوكرانيا بدلاً من كوبا، وقرب الحدود الروسية بدلاً من الحدود الأميركية، وسيناريو الدمار النووي يخيم على عقول “ممانعين عالميين”… فيما يبقى لبنان مأزوماً بأوهام صهر الجمهورية الذي يعطل الاستحقاقات من أجل طموحه اللامتناهي، ولا تهمه معاناة الشعب ولا صرخاته.

ويقع لبنان بين رأيين متناقضين في تصورهما للمرحلة المقبلة: رأي يقول ان لبنان مقدم على انفراجات وازدهار، ورأي آخر يعتبر أن الأزمة ستشتد حتى الوصول إلى مؤتمر دولي قد يكون مؤتمراً تأسيسياً أو شبه تأسيسي.

أحد القائلين بالانفراجات أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “المجتمع الدولي والاقليمي ينتظر نهاية عهد ميشال عون للبدء بالتحرك الجدي لحلحلة العقد اللبنانية، كون كل الحلول اليوم لا معنى لها في ظل اصطدامها بالحائط الباسيلي، الذي لا يزال يرفض حتى تشكيل حكومة إلا بشروطه، والتي هي شروط تعجيزية تعطيه السيطرة على حكومة إدارة الفراغ الرئاسي. وعلى الرغم من ضغط حليفه حزب الله ووساطة اللواء عباس ابراهيم إلا أن جبران باسيل يتسلح بأجواء بكركي، التي تعتبر أن كل الجهود المبذولة لتشكيل حكومة، يمكن أن تبذل لانتخاب رئيس للجمهورية، وعندها تنتفي حاجة هذه الحكومة، ولا يحصل فراغ في الرئاسة الأولى، عدا عن ذلك، قد يكون للوضع دور في العرقلة اليوم، وقد يبقى الفراغ سيد الموقف، حتى تحسم نتائج انتخابات الكونغرس الأميركي، التي ستكون نتائجها مؤثرة في العالم وفي الحرب الروسية – الأوكرانية، وأزمة الطاقة الأوروبية. لذلك، يبدو أن الفراغ حتمي حتى تللك اللحظة، ولكن من المفترض أن يشهد لبنان نمواً وازدهاراً على الصعيد الاقتصادي حينها، كون الدول عندها ستلقى تجاوباً أكثر على الصعيد اللبناني بعد التخلص من البلوك البرتقالي في السلطة.”

أما الرأي الآخر فيقول: “في ظل التقارب الايراني – الفرنسي، والأخذ في الاعتبار أن حزب الله لم يهضم الطائف يوماً، ووجد ضالته في ميشال عون الذي أعلن حرباً على الاتفاق لحظة إقراره، قد يكون كل ما يجري على الساحة اللبنانية متعمداً، وذلك للدفع باتجاه المؤتمر التأسيسي، الذي تسعى إليه فرنسا، وبهذا تكون كل مبادرات الوساطات عبارة عن مسرحيات يجري فيها توزيع الأدوار، بانتظار اشتداد الأزمة أكثر، لإجبار اللبناني على التوجه إلى عقد اجتماعي جديد، وهذا يعني فراغاً تاماً في السلطة التنفيذية مع افتعال المشكلات من منطلق دستوري وطائفي أيضاً، وارتفاع قاتل في سعر صرف الدولار قد يتسبب بفوضى شعبية موسعة، وعندها يخضع الجميع للأمر الواقع ويسيرون بالأجندة الفرنكو إيرانية، أو الفرنكو فارسية، بالمؤتمر التأسيسي، تحصل إيران على تقاسم نفوذ في لبنان مع فرنسا، ما يعني إعطاء حزب الله شرعية دولية إلى حد ما، ولكن الله يستر لبنان.”

على صعيد آخر، كان لافتاً اتصال الرئيس عون برئيس النظام السوري بشار الأسد، لبحث ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، ولكن ما دام الأمر بهذه السهولة، فلمَ لا يتم التواصل من أجل الحدود البرية، وتحديداً أن كل ما يلزم لإثبات لبنانية مزارع شبعا هو اعتراف سوري لدى الأمم المتحدة؟ الاتصال هذا غريب لناحية توقيته، فإن كان اتفاق الترسيم مع اسرائيل لا يخضع للمادة 52 من الدستور، بحجة عدم التطبيع، واعتباره اتفاقاً أمنياً، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على سوريا، ويعني أن مفاوضات الترسيم معها تحتاج إلى رئيس جمهورية، وهو اليوم في آخر أيام عهده.

اقتصادياً، يبدو أن الدولار مستمر في صعوده، وسط توقعات بأن يقدم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على لجم سعر الصرف، بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، إلا أنه وفق خبير اقتصادي، لا يمكن الاعتماد على نزول الدولار في هذه الحالة، لافتاً الى أن “المنطق الاقتصادي يؤكد أن أي تدخل مالي أو سياسي لخفض سعر الصرف لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة، فالقاعدة الاقتصادية هي أولاً كم تبلغ كمية العملة اللبنانية في السوق؟ واليوم تتخطى الـ 70 ألف مليار ليرة، وقبل امتصاص كاف لهذه الكمية، لا يمكن لسعر الصرف أن ينخفض، وفي حال امتصاص الليرة، يجب أن تكون هناك إيرادات بالعملة الصعبة، كي تغطي انفاقات البلد، لذلك يكون أي هبوط في سعر الصرف هبوطاً وهمياً مؤقتاً، وقد ينفجر صعوداً مجدداً إن استمرت السياسات الاقتصادية نفسها”.

شارك المقال