صدى لبناني للتفجير الاسطنبولي: من يحمينا؟

لبنان الكبير

المسافة طويلة بين بيروت واسطنبول، لكن الصدى قوي بينهما، للود اللبناني لتركيا سياحة وغيرة على المكانة والاستقرار، لذا تردد التفجير الارهابي في اسطنبول أمس في لبنان وكأنه عندنا، مثيراً أسئلة نحاول الهرب منها: أي غطاء لنا نحن المكشوفين أمنياً والمتروكين سياسياً لشغور لئيم في حين دولة كبرى إقليمياً مستقرة تُضرب في لحظة إختلاط المشاريع؟

تردد التفجير الاسطنبولي عندنا سؤالاً: من يحمينا؟

مصادر أمنية أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن “الأمن حتى اللحظة ممسوك، وكل الأجهزة الأمنية تقوم بجهود جبارة في كشف الخلايا الإرهابية وملاحقتها، إلا أن استمرار الفراغ سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وهذا من شأنه خلق بيئة خصبة للفوضى، تحديداً أن هناك قنبلة موقوتة في الدولة إسمها القطاع العام، الذي قد يصل إلى مرحلة لا يستطيع تحمل كلفة المداومة في عمله، وهنا تكمن الخطورة، فكيف يمكن للعنصر في الأجهزة الأمنية أن يزاول عمله وهو قد لا يتحمل كلفة أجرة طريقه إلى الخدمة؟”، معتبرة أن “على القوى السياسية المسارعة إلى تحمل المسؤولية وسد الفراغ الدستوري لتتفرغ لمعالجة الأزمة الاقتصادية”.

من جهة أخرى، مر “ماراثون بيروت الدولي” السنوي من دون أحداث أمنية، الحمد لله، وإنتهى سباق الأمس بنتائج معروفة وعلنية فيما سباق الرئاسة إنطلق من دون نهاية. ومع إنطلاقة صفارة الماراثون الذي عمّ أرجاء العاصمة بيروت بحضور عدد كبير من الشخصيات والفاعليات ومع شعار “أنا بيروت، أجعل المستحيل ممكناً”، لا تزال الكتل النيابية متمسكة بإنقساماتها وخلافاتها مع إبقاء شعار المرحلة المقبلة “عهد الفراغ يرحب بكم”.

وأكدت مصادر متابعة للاستحقاق الرئاسي عبر موقع “لبنان الكبير” أن “لا وجود لمؤشرات توحي بتبني النائب جبران باسيل ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية”، معتبرة أن “حزب الله يريد تسوية خارجية لكنه في الوقت عينه لا يقوم بمبادرات تجاه القوى الأخرى، ومن يريد رئيساً توافقياً عليه القيام بالمبادرات”.

وفي ضوء الجلسات المتكررة لإنتخاب رئيس للجمهورية لا تزال الأوضاع على حالها، بحيث أشارت مصادر مطلعة على هذه الجلسات الى أن “السيناريو المتكرر في مجلس النواب بات يتعدّل ويبدو أن لا فارق للستاتيكو الحالي بين المراوحة في كل ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي”، موضحة أن “هذا السيناريو سيظل على حاله في المرحلة المقبلة، مع العلم أن كل الأفرقاء السياسيين يبدون رأيهم بمواصفات الرئيس المقبل ولم نصل حتى هذه اللحظة الى صيغة توافقية معينة تؤمن عدد أصوات كافياً للرئيس المقبل”.

ولفتت هذه المصادر الى أن “هناك ترقباً وانتظاراً واضحاً عند الأفرقاء السياسيين لأمور ستحدث في المرحلة المقبلة على المستوى الاقليمي من جهة والمحلي من جهة أخرى”، معتبرة أن الجلسات المفتوحة بحسب ما قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة امس في حال حدوثها ولم يكن هناك توافق بين الكتل، “ستكون عملية تكرار للجلسات السابقة وستبقى المراوحة قائمة الا في حال أكثرية تؤمن للمرشح الرسمي، وفي حال لم تؤمن هذه الأكثرية حتى في الجلسات المفتوحة لن نصل الى نتيجة لأن المطلوب هو التوافق بين الأفرقاء السياسيين”. ورأت أن “هناك عدة طروحات والمراجع الدينية أساسية وحرصها دائم على البلد لكن في المحصلة هناك الكثير من الضبابية وبانتظار تعديل داخلي أو مبادرات خارجية في حال الوصول الى حائط مسدود”.

الراعي لعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان

اما البطريرك الماروني بشارة الراعي فرأى في عظة الأحد أن “الحل الوحيد للفراغ يكون بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يعيد تجديد ضمان الوجود اللبناني المستقل والكيان والنظام الديموقراطي وسيطرة الدولة وحدها على أراضيها استناداً إلى دستورها أولاً ثم إلى مجموع القرارات الدولية الصادرة بشأن لبنان”، منبهاً على أن “أي تأخير في اعتماد هذا الحل الدستوري والدولي من شأنه أن يورط لبنان في أخطار غير سلمية ولا أحد يستطيع احتواءها في هذه الظروف”.

وتطرق الراعي الى مفهوم الرئيس التوافقي، قائلاً: “بمفهومنا هو صاحب موقف صلب من القضايا الأساسية، وصاحب خيارات سيادية لا يساوم عليها أمام الأقوياء والمستقويين، ولا أمام الضعفاء والمستضعفين، لا في الداخل ولا في الخارج. والرئيس التوافقي هو الذي يحترم الدستور ويطبقه ويدافع عنه، ويظل فوق الانتماءات الفئوية والحزبية، وهي تلتف حوله وتؤيده ويكون مرجعيتها وتطمئن إلى رعايته. ليس الرئيس التوافقي رئيساً ضعيفاً يدير الأزمة، يداوي الداء بالداء، ويداري العاملين ضد مصلحة لبنان”.

أضاف: “الرئيس الذي نريده هو رئيس على مقياس لبنان واللبنانيين، يرفع صوته في وجه المخالفين والفاسدين ومتعددي الولاءات انطلاقاً من موقعه المترفع عن كل الأطراف؛ والذي يقول للعابثين بمصير البلاد: كفوا إساءاتكم إلى لبنان، وكفوا عن تعذيب اللبنانيين، وكفوا عن المضي في مشاريع مكتوب لها السقوط الحتمي آجلاً أو عاجلاً لأنها ضد منطق التاريخ، وضد منطق لبنان”.

وفي هذا السياق، وصفت مصادر سياسية كلام الراعي بأنه “رد على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، خصوصاً وأن خطاب الأخير أكد أنهم يريدون رئيساً متمسكاً ويطبق المعادلة الثلاثية جيش –  شعب – مقاومة”، موضحة أن “الراعي لفت الى أن حزب الله يريد رئيساً ضعيفاً كي يتحكموا به مثلما أتوا بميشال عون ورمونا في لعبة المحاور التي دمرت لبنان وأوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم”.

عودة: الحل في الجلسات المفتوحة

وفي المقابل، كان المطران عودة واضحاً بدعوته الى ابقاء جلسات انتخاب الرئيس مفتوحة، وقال: “في ظل الشغور في كرسي رئاسة الدولة، لا تساهم الخفة السياسية والمصالح الضيقة في إنقاذ السفينة من الغرق المحتم. إن جلسة تعقد مرة في الأسبوع ولا توحي بالجدية، ثم ينصرف النواب وكأنهم أتموا واجباتهم، تشعرنا وكأنهم يستخفون بعقولنا وبمسؤوليتهم”.

وتساءل: “ماذا يمنعهم من عقد جلسة مفتوحة يتوالى فيها الإقتراع تلو الإقتراع، حتى انتخاب رئيس؟ أليس هذا ما يجب أن يحصل؟ إلا إذا كان التعطيل مقصوداً والمماطلة أمراً واقعاً يفرضونه بانتظار غاية نجهلها، وهذا يسيء إلى سمعتهم، ومكانتهم، ومكانة لبنان”.

“حزب الله” عن السيادتين يتحدث

اما رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد فأكد أن “السيادة داخلياً لا تتجزأ، لكن مع العدو تتجزأ لأن لا منطق يسود عند كل الخصوم الذين ينحرفون عن جادة الحق والقيم”، لافتاً الى أن “ما نحن فيه الآن من إشتباكٍ سياسيّ حولَ اختيار رئيسٍ للجمهورية هو إشتباكٌ يقوم على خلفيّة التنازع بين توجّهين حضاريّين وليس بين توجهين سياسيين وحسب”. وأشار الى أن “ثمة من يريد أن يأتي برئيسٍ يطوي صفحة الصّراع مع العدو الاسرائيلي ويريد أن يتعاطى مع المقاومة كميليشيا، ويقبل بأن يندمج بعض عناصرها في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية لكن بشرط أن تنتهي المقاومة في لبنان، واتركوا للدولة أن تحمي نفسها وترتّب أوضاعها مع هذا العدوّ الذي صراعنا معه صراع حدود وليس وجود”.

أضاف رعد: “لا يُقنعنا هذا المنطق بل يُخيفُنا لذلكَ نريدُ رئيساً سيادياً بكل ما للكلمة من معنى ويشكّل ضمانة لاستمرار المقاومة بأن لا تُطعن في ظهرها فقط، ونريد أن تكون هناك سلطة لا تطعن المقاومة في ظهرها”.

الاتحاد العمالي يصعّد ويحذر

معيشياً، أصدر الاتحاد العمالي العام بياناً ينذر من خلاله باعتراض واضح قد يتسع أكثر على زيادة تعرفة الاستهلاك في مؤسسة “كهرباء لبنان”، مؤكداً أن هذه التسعيرة تساوي المؤسسة بشركات أصحاب المولدات وتظلم غالبية الشعب والقطاعات الانتاجية. وأكدت مصادر من الاتحاد لموقع “لبنان الكبير” أن مؤتمراً صحافياً سينظم في اليومين المقبلين للشرح بصورة مفصلة للرأي العام خطورة زيادة هذه التعرفة عليه، “ومن ثم سنتخذ الخطوات التصعيدية التي نراها مناسبة، اذ يهمنا أن تراعي هذه الزيادة الطبقات الفقيرة والمعدمة وأن لا ينتقل المواطن من مولد خاص الى مولد عام، خصوصاً وأن كهرباء لبنان مؤسسة عامة ويفترض بها أن تدخل ضمن الحماية الاجتماعية التي توفرها الدولة”.

ماذا سيحدث للقاضية عون؟

قضائياً، كانت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قد أبلغت استدعاءها الى جلسة أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات اليوم الاثنين، للاستماع اليها على خلفية الشكوى المقدمة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وعقيلته رندة بتهمة جرائم القدح والذم. وأكدت مصادر قضائية مطلعة أنه “من حيث المبدأ العام هناك موجب للقضاة يدعى بالتحفظ، وظهرت موضة جديدة بفعالياتهم من خلال حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي تاريخ القضاء كله لم نشهد هذا التبدّل في سلوك القضاة وانشاء تجمع لهم على حدة وخروج معظمهم عن مبدأ التحفظ”.

ولفتت المصادر ع الى أن “ما قامت به القاضية عون في حال التأكد من صحته سيعرضها حكماً للمحاسبة، وهذا الملف سيخضع حكماً للتسييس لأنه سياسي منذ البداية، ولا يوجد تقدير لماذا سيحدث في حال قررت القاضية عون الحضور، فكل هذا من صلاحية القاضي الذي يحقق معها، لكن من الواجب حضورها وتقديم كل ما لديها”.

شارك المقال