زكزكة في البرلمان… وميقاتي في “القمة العربية – الصينية “

لبنان الكبير

يحضر لبنان في “القمة العربية – الصينية” التي تستضيفها العاصمة السعودية، الرياض، ممثلاً برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك على خلفية العاصفة القوية التي تسببت بها جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، التي أثارها “صهر العهد السابق” بذريعة “الصلاحيات” مستهيناً بحقوق المواطنين، وكذلك عاصفة متوقعة يمكن أن تكون حدتها بمثابة “زوبعة في فنجان”، أو مجرد “زكزكة” خلال الجلسة البرلمانية التي ستعقد اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، والتي ستكون كسابقاتها وفق تقديرات الجهات النيابية باعتبار أنه لا يمكن أن ننطلق من الفرضيات ذاتها، ونتوقع نتائج مختلفة على الرغم من أن “التيار الوطني الحر” يدرس خياراته في توجيه رسالة نيابية مضادة لحليفه “حزب الله” على خلفية الجلسة الوزارية، اذ أكدت مصادره لموقع “لبنان الكبير” على أننا دخلنا في مرحلة جدية في عملية تسمية مرشح مدعوم من “التيار”، وهناك اتجاه الى التسمية، ولا نعرف ان كان سيتبلور هذا الاسم في جلسة اليوم أو أنه يتطلب نقاشاً الى الأسبوع المقبل، وسط معلومات صحافية أفادت بأن الأسماء المطروحة التي سيضعها بعض نواب تكتل “لبنان القوي” هي النائب ابراهيم كنعان والنائب نعمة افرام والوزير السابق زياد بارود والدكتور عصام خليفة.

وفي ظل الخلاف الذي انفجر في الساعات الماضية بين “التيار” و”حزب الله”، فإن التوقعات تشير الى أن البلد ذاهب الى مزيد من التأزم على الرغم من الحديث عن اتصالات قائمة بين الضاحية و”ميرنا الشالوحي” لاحتواء الأمور، ورأب الصدع وعدم انفلات الأوضاع، وأولى التداعيات والضربات تلقاها “وزير النِصاب” جورج بوشيكيان الذي وضع عليه حرم أرمني، وقضى بفصله من كتلة نواب الأرمن.

وفي حين يبدو أن الحرم وضع على لبنان بأكمله وعلى اللبنانيين بمختلف أطيافهم، ولم تعد تنفع سوى الصلوات لابعاد الشر، والقضاء على النحس، وعلى الأزمات غير المتناهية التي أنهكت قواهم، التقى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، ملك الأردن عبد الله الثاني في حضور ولي العهد الأمير حسين بن عبد الله، ورأى أن “لبنان يعاني من عدم وجود سلطة قادرة على الحسم ما ولّد سلطات وأصحاب نفوذ وتقاسم سلطات، ويتحمل عبئاً اقتصادياً كبيراً وهويته مهددة وديموغرافيته تتغير بسبب وجود نصف مليون فلسطيني ومليون ونصف المليون سوري على أرضه”، مطالباً بـ”عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يتناول تطبيق الطائف نصاً وروحاً وقرارات مجلس الأمن الثلاثة 1680 و1559 و1701 لحل أزمة اللاجئين السوريين والقضية الفلسطينية وإعلان حياد لبنان”.

وبالعودة الى الجلسة الوزارية فقد بدت وكأنها قسمت البلد طائفياً بحيث أن الكتل المسيحية خصوصاً الكبرى منها أي “الجمهورية القوية” و”لبنان القوي”، اعترضت عليها لكن كل من موقعه، ومن مقاربته الخاصة. ففي حين يعتبر “التيار الوطني الحر” أن اجتماعات الحكومة المستقيلة غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية، ترى “القوات” أن حكومة تصريف الأعمال تجتمع وفق الدستور، لكن حصراً اذا ارتبط جدول أعمالها بقضايا ملحة وطارئة وضرورية. وتقاطعت مواقف الأحزاب المسيحية أيضاً من الجلسة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لمناقشة العريضة الاتهامية في حق وزراء الاتصالات السابقين نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجراح، والتي كان من المقرر عقدها أمس، وتأجلت في ضوء المقاطعة المسيحية. كما أن التصريحات والمواقف التي جاءت على لسان بعض نواب “التيار” بأنهم يطمحون الى التوافق والتلاقي مع “القوات” و”الكتائب” بما يخص رئاسة الجمهورية، كلها مستجدات بدت وكأن هناك اعادة خلط أوراق، بحيث أشار البعض الى أن ذلك يأتي في اطار “الزكزكة” لا أكثر ولا أقل لأن النائب جبران باسيل لم يبلع تبني الحزب ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مع احتمال تسميته قريباً والتخلي عن الورقة البيضاء. لكن في كل الأحوال، فإن التقارب بين “القوات” و”التيار” لا يزال مبطناً وضبابياً الا أن كثيرين يعوّلون عليه رئاسياً بحيث تتجه الأنظار نحو بكركي علها تنجح في جمع الأقطاب المسيحيين، والافادة من الظروف المستجدة، ربما يتفقون على اسم لرئاسة الجمهورية لانهاء حالة الشغور التي تشرّع الأبواب على الاصطفافات الطائفية والتفسيرات الدستورية. مع العلم أن بعض النواب من قوى الموالاة يرمي كرة تعطيل انتخاب الرئيس في ملعب المسيحيين بسبب انقساماتهم، ويقول انه في اللحظة التي يتفق فيها المسيحيون على اسم للرئاسة الأولى، يصبح هناك رئيس للجمهورية.

وفيما أشار أحد نواب “لبنان القوي” الى أن على “القوات” أن تقتنع بأن لا بديل عن الحوار مع “التيار الوطني الحر”، وأننا ندعو الى التقارب مع الأطراف المسيحية، والجلوس سوياً لأننا أم الصبي بما يخص موقع رئاسة الجمهورية، ولكن ليس هناك من جديد أو أي تواصل على المستوى الرسمي حالياً، أكد أحد نواب” الجمهورية القوية” أن “ليس هناك من تقارب مع التيار الوطني الحر، لا من تحت الطاولة ولا من فوقها، وحين يحصل التقارب مع أي فريق، سنعلن عن ذلك وبصوت عال. لدينا تجربة مع التيار لا تبشر بالخير، لكن نؤكد أننا نتواصل مع أي فريق حين يكون التلاقي على الدستور والقانون. وهذا ما حصل في الجلسة الوزارية الأخيرة حيث تشابهت الآراء بيننا. من الطبيعي أن يعمد التيار الى سياسة الانفتاح على القوى المسيحية المعارضة لأنه بات وحده. بغض النظر عن ذلك، نحن على يقين بأن البلد لا يمكن أن يقوم الا بمشاركة كل مكوناته، ونحن منفتحون على الجميع، لكن ضمن الشروط التي يمكن أن تؤدي الى انقاذ البلد”.

أما أحد المحللين السياسيين فقال: رأينا من قبل التقارب بين “التيار الوطني الحر” و”القوات” وما كان مصيره، واذا كان رئيس حزب “القوات” سمير جعجع يريد أن يلدغ من الجحر مرتين، فهذا مستبعد. باسيل مكروه شعبياً، ومعزول سياسياً، ولديه مشكلات مع كل الأطراف في الداخل حتى أن علاقته مع حليفه اللدود تزعزعت. و”كل ما دق الكوز بالجرة”، يلجأ الى التحدث عن حقوق المسيحيين، وأنه منقذهم من الاضطهاد والغبن اللاحق بهم، وذلك ليستعيد شعبيته، ويلتف حوله المسيحيون، لكن لعبته انكشفت أمام الجميع. ثم عن أي حقوق مسيحيين يتحدث، وبفضله بات معظمهم في الخارج هرباً من كيدياته السياسية، ومن بقي منهم ينتظر على أبواب السفارات للهجرة؟ خلال السنوات الست الماضية، كانت هناك 3 سنوات منها بلا حكومة، والمعطل الأساس بات واضحاً أمام الجميع أي باسيل الذي يعاني من شهية مفتوحة على كل أنواع المكتسبات والمصالح. وهنا لا بد أن نسأل: هل بعد كل ما حصل، يمكن أن نعود الى تفاهم عوني – قواتي من جديد؟ نشك في هذا الأمر خصوصاً أن هناك استحقاقات كبرى تحتم وجود رئيس جمهورية قوي وحكومة منتجة، ولا يكون التعطيل عنوان العهد المقبل، وهذا ما لن يقبل به لا الداخل ولا الخارج. باسيل اليوم يطرح أسماء لرئاسة الجمهورية ليعود الرئيس الظل، لكن هذا غير وارد، وعليه الاقتناع بأن زمن التفرد بالسلطة ولى الى غير رجعة. ووفق تركيبة المنظومة، ليس مستبعداً أن نشهد على انتخاب رئيس للجمهورية لا نكهة له ولا لون، يؤمن مصالحها ومكتسباتها في السلطة. كفى الحديث عن برامج، والمتاجرة بالمصالح المسيحية لأنه طالما أن النظام قائم على المحاصصة، فنحن بانتظار الرئيس الذي يجيد هذا الدور لا أكثر ولا أقل، وهذا أبعد ما يكون عن الديموقراطية التي يتغنون بها. ربما بكركي التي خاب أملها من القادة المسيحيين خلال أكثر من محطة ولقاء، لن تدعو الى اجتماع ولن تقع في فخهم مرة أخرى. ثم ما الجدوى من النقاش مع باسيل، والتوافق معه، وهو يتنصل من كل التفاهمات عند أول تقاطع يجد فيه مصلحته؟ نواب “التيار” يطلبون التقارب مع “القوات” اليوم كي يقولوا ماذا؟ والاتفاق على ماذا؟ ثم من يثق بعد كل ما جرى بالنقاش مع باسيل؟.من سوء حظ المسيحيين أنهم محكومون من شخص مثل باسيل. وفي الخلاصة، لا بد من القول: “مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين إِنَّمَا المَطْلُوبُ وَاحِد”.

اضرابات… واستقرار بسعر ربطة الخبز

معيشياً واقتصادياً، الحال ليست أفضل بحيث أن الاضرابات تتوالى، اذ أفيد أن نقابة موظفي “تلفزيون لبنان” ستعقد اليوم اجتماعاً طارئاً لاعلان عدد من الخطوات المقبلة. وعُلم أّنّ النقابة تتجه الى اعلان الاضراب المفتوح، وذلك إثر عدم دفع رواتب الموظفين وغلاء المعيشة.

في الموازاة، عُقد اجتماع في وزارة العمل بحث في ملف الاتصالات خصوصاً في ما يتعلق بإضراب الموظفين، وتم الاتفاق على آلية لمتابعة الموضوع مع النقابة المعنية نظراً إلى دور وزارة العمل في معالجة هذه الأمور.

من جهة ثانية، رأس الرئيس ميقاتي الذي يغادر اليوم الى السعودية للمشاركة في القمة الخليجية – الصينية، اجتماعاً للجنة الوزارية المخصصة للأمن الغذائي، وأكد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام أن “كميات القمح والطحين متوافرة في السوق، وأن استيراد أولى شحنات القمح سيتم في مطلع شهر كانون الثاني المقبل، وبذلك سنحافظ، وبحسب الأسعار العالمية للقمح، على استقرار دائم لمدة سنة في دعم ربطة الخبز وسعر القمح وتوفيره”.

شارك المقال