متى ترسيم حقوق الانسان اللبناني؟

لبنان الكبير

اليوم العالمي لحقوق الانسان، تحوّل في لبنان إلى أسطورة، فالشعب اليوم لا يحظى حتى بما يعتبر مسلمات في دول العالم، ولا يفكر في شرعة حقوق فكرت في كل ما يتعلق بجوانب عيش الانسان… يرهن الناس سياراتهم لتسلم جثث أطفالهم الذين مرضوا أصلاً بسبب الأمراض المتفشية نتيجة البيئة السيئة التي أعادت الكوليرا، بل أصبحوا يصلون إلى الموت على أبواب المستشفيات، لا يملكون ثمن الاستشفاء والدواء، يغامرون بحياتهم كلما نزلوا إلى الشارع بسبب الفلتان الأمني، علم أولادهم مهدد بسبب الكلفة ومطالب المعلمين، وقضاؤهم مضرب منذ أشهر في سابقة لم تحصل في تاريخ لبنان والعالم، ويشحذون “الفريش دولار” من أقاربهم وذويهم في الخارج كي يمضوا الشهر بأدنى مقومات الحياة. كل ذلك وساستهم عصبوا أعينهم بإغراءات المناصب، تحديداً الكرسي الرئاسي، والخلاف الماروني – الماروني عليه وسحقاً للبلد وشعبه، وسحقاً لمطار الشهيد رفيق الحريري، منفس لبنان الوحيد بعد أن دمر مرفأ بيروت بسبب إهمالهم، بحيث يهدد العدو الاسرائيلي بقصفه بسبب استخدامه من “حزب الله” لتهريب الأسلحة وفق ما تدعي إسرائيل.

من جهة حقوق الانسان، الذي اعتمدت الأمم المتحدة شعار “الكرامة والحرية والعدالة” لمناسبته هذه السنة، سأل رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية النائب ميشال موسى: “أين نحن في لبنان من هذه القيم الأساسية، فيما البلاد تعاني من أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية خانقة، تطاول الحقوق الأساسية البديهية لحياة المواطن، ولا سيما منها حقه في العيش الكريم وفي الطبابة والسكن والتعليم والتنقل، وفي الحصول على ودائعه لدى المصارف؟”. وشدد في بيان على “الاسراع في وقف إضراب القضاة والبت بالملفات العالقة، وإنجاز قانون استقلالية القضاء، إضافة إلى احترام الحريات العامة والاعلامية”، مجدداً الدعوة إلى “توفير كل السبل الآيلة إلى انطلاقة فاعلة للهيئة الوطنية لحقوق الانسان”.

وكرر المطالبة بـ”معالجة اكتظاظ السجون، والبت بمصير الموقوفين غير المحكومين بالسرعة اللازمة، واحترام الحقوق الأساسية للموقوفين في التحقيقات أمام الضابطة العدلية”، مؤكداً أنه “على الرغم من صعوبة الظروف، سنواصل عملنا في متابعة تعديل القوانين التي ينبغي مواءمتها مع حقوق الإنسان، توازياً مع مراقبة أعمال الحكومة في هذا الشأن”

أما بالنسبة الى المطار، فاستغربت مصادر سياسية في حديث لموقع “لبنان الكبير” صمت لبنان الرسمي عن التهديدات الاسرائيلية، معتبرة أن “ليس المطلوب مجابهة هذه التهديدات وتحدي العدو الاسرائيلي واستفزازه، ولكن يجب أن تتحرك الحكومة في أسرع وقت ممكن، لتجنب الكارثة، فإن كانت ادعاءات العدو الاسرائيلي غير صحيحة، يجب على المعنيين إظهار كذب هذه الادعاءات والتوجه بشكوى رسمية أمام الأمم المتحدة، لتحذير إسرائيل من شن أي ضربة على أهم مرفق لدى لبنان. أما إذا كانت الادعاءات صحيحة، فيجب معالجة الموضوع في أسرع وقت ممكن، ومنع حزب الله من استعمال المطار لمآربه الخاصة، فهو ملك عام وليس ملكه هو ووليه وأجنداتهما، وإن كان الحزب يعاني من الضربات الاسرائيلية على شاحنات سلاحه في سوريا، فهذه مشكلته وليست مشكلة لبنان، ولا يمكن توريط البلد في أتون الأجندة الايرانية، فيكفيه ما فيه.”

ورأت المصادر أن “المطار هو المنفس الوحيد الذي بقي للبنان، وشل الملاحة الجوية للبلد، قد يكون آخر مسمار في نعشه، ولن يستمر طويلاً بعد ذلك، ولذلك من المستغرب جداً أن يستعمل الحزب المطار لتمرير شحنات سلاحه، فهذا يضع علامات استفهام على أجنداته، هل يريد الحزب المزيد من الانهيار للبلد؟”.

ولجهة الملف الرئاسي لا يبدو أن الطبخة نضجت بعد، فلا يزال كل فريق على حاله، ويتم استدراج بكركي إلى الوحول التنفيذية للبلد تحت شعار حماية دور الطائفة المارونية. وفي هذا السياق اعتبر النائب بلال الحشيمي في بيان، أن الموقف الصادر عن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي “مثير للاستغراب والتعجب”، مشيراً الى قوله إن “ما حصل من عقد لجلسة مجلس الوزراء ما كان يجب أن يحصل، خصوصاً أن عدة أطراف كانت غائبة عن الجلسة”.

وسأل: “أين كانت بكركي حينما جرى استجلاب حسان دياب ليكون رئيساً للحكومة، على الرغم من أنه لم يحظ بغطاء سني في خطوة جرى فيها سحق الميثاقية من قبل رئاسة الجمهورية؟”.

وتحدث عن “فتح مجيء دياب باب الانهيار على مصراعيه، ناهشاً ما تبقى من رمق الاقتصاد اللبناني”، مؤكداً أن “تعطيل البلاد وترك اللبنانيين يرزحون تحت المعاناة والفقر الذي ينهشهم، يتحمله فريق سياسي دأب على استخدام الصلاحيات في المكان والزمان الخطأ، وصم آذان المواطنين في هرطقاته السياسية وعصبيته الفئوية واستخدام الجدل البيزنطي وجعل الميثاقية شجرة تين، وفزاعة لتنفيذ المآرب وتعطيل الأحوال”. ودعا إلى “اتفاق المسيحيين في ما بينهم أولاً وصولاً إلى التوافق مع كل الأفرقاء لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت”.

الاتفاق المسيحي – المسيحي لا يبدو قريباً، بسبب العقلية الالغائية المتبدلة بين أكبر حزبين مسيحيين، وإن استمر الأمر كذلك فسيشكل الاستحقاق الرئاسي ضربة قاسية لهما. وعندما سئلت أوساط ديبلوماسية عن أجواء الاستحقاق الرئاسي في العواصم الكبرى، أشارت الى أن لا فيتو لديها على أحد، وأن الأسماء البارزة لديها هي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وهي لا تفاضل بينهما، وتنتظر اتفاق اللبنانيين على الرئيس والحكومة المقبلة. كلام الأوساط الديبلوماسية يعني أن الدول المعنية بالشأن اللبناني لا تأخذ في الاعتبار الهواجس التي يطرحها كل من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، بل تتعامل مع الاستحقاق الرئاسي بواقعية الشأن اللبناني، المرتبط بالعوامل الاقليمية للمنطقة.

الدول الغربية والاقليمية تحب لبنان أكثر من متزعمي الحكم فيه، هذا أمر أصبح واقعاً، وتحديداً دول الخليج، فقد حضر في ثلاث محطات رئيسة فيها، الأولى في القمة الصينية – السعودية، الثانية في الدورة الـ 43 لدول مجلس التعاون الخليجي، أما الثالثة فكانت قمة الرياض الخليجية – الصينية، حيث خصصت البيانات الثلاثة نصوصاً خاصة للبنان أكدت فيها الحفاظ على أمنه واستقراره، ودعم الشعب اللبناني، ورفض كل أشكال الارهاب، وتهريب المخدرات فيه.

شارك المقال