قسم جبران يتردد في أنقاض لبنان العظيم

لبنان الكبير

يدخل لبنان أسبوع الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس في هذا العام من دون أي أفق للحال السياسية المعقدة التي تحاصر لبنان، مستهدفة دستوره ومولدة صراع صلاحيات وانقساماً طائفياً عمودياً بلغ حد الخوف من مجموعة دراجات نارية تجوب الشوارع محتفلة بفوز منتخب المغرب، لتتحول الى “غزوة” برأي أنصار الأمن الذاتي وصنّاع الميليشيات الصغيرة، في مزيد من ضرب للدولة والأمن والجيش.

انقسام طائفي يتزامن مع حلول الذكرى ١٧ لاغتيال فارس الكلمة الحرة جبران تويني وصاحب المقولة الوطنية: “نقسم بالله العظيم، مسلمين ومسيحيين، أن نبقى موحدين، الى أبد الآبدين، دفاعاً عن لبنان العظيم، عشتم وعاش لبنان”. قالها من دون خوف، وبات لزاماً على حاملي النفس الطائفي المتحور الاستعانة بها للحفاظ على شكل بيروت وعمقها الوطني الواحد.

وهي حال من شأنها أن تتسع طالما أن الأفرقاء يلتزمون الوقوف خلف السواتر الطائفية لاعدام أي فرصة للحوار، ومنه الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري، فوفق معلومات “لبنان الكبير” أن رئيس المجلس لم تصله بعد أي اجابات من رؤساء الكتل رداً على طرحه الحواري المتجدّد، ومن المتوقع أن تبدأ الرسائل تجاه الحوار مع بداية الأسبوع. وبحسب مصادر مطلعة فان أجوبة الكتل المسيحية بمعظمها ستكون سلبية على دعوة بري، وبالتالي الجلسة العاشرة الأخيرة قبل بدء موسم الأعياد ستكون كسابقاتها من دون أي توافق.

وجاء موقف متبني الحوار على لسان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بالقول إن “من يرفض الحوار يدفع لبنان نحو الأفران الطائفية والصفقات الدولية، والسلطة التي تقرر هي المصلحة الوطنية فقط، والمطلوب الاستماع الى أنين المصلحة الوطنية لا القفز فوقها، وطريق إنقاذ المصلحة الوطنية يمر بمجلس النواب، ومن يريد يدعو الى الحوار، ومن يرفض يقاطع ويضع لبنان في مهب الريح، وواجب القامات الوطنية والروحية إعلان نفير وطني للحوار وليس للتدويل”.

ولم يغفل قبلان عن “تلطيش” فكرة بكركي بحل الأزمة في مؤتمر دولي، اذ اعتبر أن المطلوب “حماية رأس لبنان لا تسليمه للذبح، وأي مساعدة دولية أو إقليمية مشكورة، لكن تحت سقف السيادة اللبنانية لا شطبها، ولأننا قاب قوسين أو أدنى من الميلاد العظيم المطلوب توطين الحلول لا تدويلها والسير بالحوار الوطني لا الطائفي والقطيعة تدمير لجسور البلد، والحوار النيابي خشبة خلاص لبنان”.

موقف قبلان جاء بعد عظة الأحد التي كرر فيها البطريرك الماروني بشارة الراعي مطالبته بـ “التوجه الى الأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان”، مؤكداً أن “لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية”. ورأى أنّ “الذين يُفشلون الحلول الداخلية هم من يرفضون التدويل، وحين يتم تعطيل الحل الداخلي ويُرفض التدويل، يعني أن هؤلاء الأفرقاء لا يريدون أي حل للقضية اللبنانية”، ليساند حزبي “أوعا خيك” “القوات” و”الوطني الحر” في معركتهما بوجه رئاسة الحكومة، بتمنٍ مسبق “على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأحد الماضي، إعادة النظر في جلسة الحكومة وتأجيلها من أجل مزيد من التشاور، ولكن الحكومة مع الأسف عقدت جلستها بمن حضر”، مناشداً الحكومة “التأني في استعمال الصلاحيّات حرصاً على الوحدة الوطنية، ومنعاً من استعمال البعض هذه الاجتماعات لأغراض سياسية وطائفية”.

في وقت كان الرئيس ميقاتي يسطّر بداية انعكاس أقوى لقاءاته السياسية مع الأمير محمد بن سلمان، فوفق المعلومات أن ميقاتي يعتبر الشخصية اللبنانية الثانية التي التقت الأمير محمد خلال السنوات الست الماضية اذ كان الرئيس سعد الحريري آخر من التقى به، في رسالة متعددة الأوجه أصابت الطامحين الجدد الى رئاسة الحكومة والمتملقين لدعم سعودي بهدف الوصول الى منصب “الدولة”. ومن المفترض أن يستهل ميقاتي لقاءاته فور عودته من الرياض بزيارة الى بكركي.

ورأت مصادر في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “الراعي اعترف بأن لدى هذه الحكومة صلاحيات وبالتالي دعا الى التأني في إستخدام هذه الصلاحيات، والرئيس ميقاتي لم يستخدم هذه الصلاحيات من أجل المونديال أو من أجل تعيينات معينة أو لبناء مشروع أو قاعة مؤتمرات، بل استخدمها من أجل مرضى السرطان وغسيل الكلى ولتسيير المرفق العام في الدولة”.

ولفتت مصادر سياسية مطلعة الى أن “هناك إنسداداً للأفق السياسي والرئاسي، ونحن أمام خلاف مسيحي – مسيحي، ومسيحي – مسلم حول الاستحقاق الرئاسي. وبالتالي لا يوجد رئيس لكي يقال ان هناك اعتداء على سلطات الرئيس وصلاحياته ولو كان هناك رئيس في بعبدا وقام الرئيس ميقاتي بما قام به، فالجلسة الأخيرة كان سيرفضها الجميع لكن في الواقع لا يوجد رئيس ولا جهة تنوب عنه سوى رئيس الحكومة”، متسائلةً: “هل يجب تعطيل البلد بصورة كاملة ودفع الشعب والمرضى باتجاه الموت؟”.

الى ذلك، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظة الأحد: “مع انقضاء الجلسة التاسعة لمجلس النواب من دون انتخاب رئيس، ومع استمرار التدهور العام، وازدياد الكلفة على البلد وأبنائه، نأمل من النواب وعي مسؤوليتهم، وتطبيق الدستور، والقيام بواجبهم الوطني والاقتراع في الجلسة القادمة لمن يرونه مناسباً”. وتمنى “الوصول إلى انتخاب رئيس مع ما يستتبع من خطوات دستورية تضع البلاد على طريق الاصلاح والتعافي”.

في المقابل، أشار عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق الى أن “أصحاب المغامرة غير المحسوبة في انتخاب رئيس تحدٍ ومواجهة وصلوا إلى طريق مسدود، وليس هناك من حل إلا بالتوافق، الذي هو الطريق الأقصر والأسرع والأضمن لانقاذ البلد، ووضع حد لأزمة الفراغ الرئاسي”.

شارك المقال