“الأقوياء” يرفضون الحوار… “عاشرة” لفخامة الشغور

لبنان الكبير

كل يغني على ليلاه، وكل يوجه أصابع الاتهام في تعطيل البلد والاستحقاقات الى الفريق الآخر، والناس يرقصون وجعاً على حافة هاوية الانهيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والخدماتية، والنتيجة: صولات وجولات من النكايات والعنتريات والاتهامات والمناكفات والخناقات على جثة الوطن… انه ترف الفساد.

اذا لم تتوافر مشكلة، يختلق المسؤولون ألف حجة للبحث عنها من تحت سابع أرض، والعنوان الأساس للخلافات السياسية اليوم، رئاسة الجمهورية اذ بعد حوالي شهر ونصف الشهر على الشغور، وبعد 9 جلسات انتخابية تحولت الى مسرحية هزلية، تختلف الكتل النيابية حول جنس ملائكة الرئيس المقبل، ولأن تحديده من الأمور المستحيلة، يعتبر البعض أن في الحوار الحل السحري، في حين يرى آخرون أنه مسار غير مجد بالاستناد الى التجارب السابقة، وبين هذا وذاك، وفي ظل العجز الداخلي الكلي، تتجه الأنظار نحو الخارج الذي يبلور طبخة رئاسية لم تنضج بعد…

وبالعودة الى الداخل، وفيما عرض رئيس مجلس النواب نبيه بري، مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للأوضاع العامة والمستجدات السياسية ونتائج لقاءاته في المملكة العربية السعودية، كانت عين التينة تنتظر رد الكتل النيابية على الدعوة الى الحوار يوم غد الخميس في مجلس النواب، اذ أن الجميع كان يترقب مواقف الكتلتين النيابيتين المسيحيتين الكبريين أي “الجمهورية القوية”، و”لبنان القوي” اذ أعلنت الأولى في بيان أن “الدعوة الى الحوار، أي حوار، اما أن تكون بمثابة تعطيلٍ واضح لموجب دستوري كانتخاب رئيس للجمهورية، أو تمديدٍ غير معروف الأفق السياسي ولا السقف الزمني لواقع الشغور الرئاسي، كما هي حال الدعوة الى جلسةٍ للحوار يوم الخميس، فإن القوات اللبنانية، ترفضها رفضاً قاطعاً بما لا يحتمل أي لبس او تأويل”. أما الثانية، فلم تعلن موقفها بوضوح الا أن رئيسها النائب جبران باسيل الذي سافر الى قطر بالتزامن مع وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليها لحضور مباريات كرة القدم، قد ألمح الى عدم المشاركة، وقال في مقابلته التلفزيونية الاخيرة: “نحن مع مبدأ الحوار والتشاور، ولكن لنجاح الحوار يجب أن يتمّ التحضير له. وما فيك بمطرح تضربني بخنجر وبعدين تدعوني الى الحوار”. فيما أكدت مصادره لـ “لبنان الكبير” أن “صيغة جلسة الحوار التي كانت مقررة الخميس، لم تعرض علينا رسمياً ولو عرضت علينا لكنا أعطينا رأينا بها”.

وبالتالي، فإن دعوة الرئيس بري الى عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر غد الخميس، فسرها البعض وكأنها اعتراف بأن جلسة الحوار قد طارت الا اذا حصل الحوار داخل الجلسة الانتخابية وفق آلية معينة كما قال أحد النواب المستقلين لموقع “لبنان الكبير”، أو سنكون أمام جلسة عاشرة كسابقاتها من حيث الشكل والمضمون.

وفي هذا السياق، لفتت مصادر عين التينة لموقع “لبنان الكبير” الى أن الحوار قائم حتى يعلن الرئيس بري اطفاء محركاته، ويصدر بيان في هذا الخصوص كما حصل في الجلسة السابقة، وطالما لم يصدر بيان بتعليق الحوار يعني أن الدعوة اليه لا تزال قائمة، لكن عدم موافقة “القوات” وعدم اعطاء جواب من “التيار الوطني الحر” ربما يؤدي الى عرقلة الحوار. الرئيس بري يعتبر أن لا بديل عن الحوار للتوافق على اسم لرئيس الجمهورية. نحن بانتظار أن تتشكل كامل مواقف الكتل، وكما الجلسة السابقة اذا لم تتمثل فيها كل الأطراف، فلن تحصل.

وفي جولة استطلاعية حول آراء النواب من مختلف الكتل، يمكن استنتاج التالي: الكل مع مبدأ الحوار، لكن لا يزال عدد لا بأس به منها لم يتخذ قراره بعد أو متردداً مثل “التيار الوطني الحر” الذي يرمي كرة التعطيل في ملعب الفريق المتمسك بترشيح شخص من المستحيل أن يصل الى الرئاسة الأولى، وبالتالي، هو عطل انتخاب الرئيس في الجلسات السابقة، وسيعطله في الجلسات المقبلة، على اعتبار أن التمسك بشخص لا يمكنه أن يحصل على أكثر من 45 صوتاً، ويرفض الحوار، يكون هو المعطل. أما بعض النواب المستقلين والتغييريين فأكد أحدهم أن الكل يؤيد الحوار بالمبدأ، لكن التفاصيل حوله لم تكن واضحة. لذلك، هناك تحفظ لدى البعض، وكانت لدينا بعض الاستفسارات. لا أحد يعلم ماذا يحصل داخل جلسة الانتخاب غداً، وربما تتحول الى جلسة حوارية، ولا شيء يمنع أن يتحول المجلس كاملاً الى هيئة حوار في ما بينه خلال جلسات الانتخاب، فلننتظر لنرى، القوى التغييرية والمستقلة متعددة الاتجاهات. أما “القوات” التي أعلنت موقفها صراحة بعدم المشاركة، فهي تتخوف وفق أحد نوابها من تحوير الدستور، “وهذه سابقة اذا تكرّست يصبح انتخاب رئيس الجمهورية، يتم عبر جلسات وطاولات حوار، وهذا يناقض الدستور. اما نطبق الدستور أو كأننا نعيّن رئيس الجمهورية عبر استشارات نيابية. مع العلم أننا شاركنا في طاولات حوار سابقة، وكلها لم تؤد الى أي نتيجة”.

وفي قراءة لأحد المحللين السياسيين، يقول: “انه صراع القبائل. الحوار بمعنى اللقاءات التي تحصل بين النواب، هذا يحصل دائماً اما اذا كانت الفكرة منه الوصول الى اتفاق على انتخاب رئيس معين، فيكون هناك وهم كبير لأن المسألة ليست مجرد خلافات داخلية. الخلاف ليس على اسم شخص انما أعمق من هذا بكثير، اذ لا يحتمل البلد أن يأتي مرشح من الممانعة، والمواقف الدولية حول الاصلاحات واشتراط المساعدة خير دليل. هناك طرف رئيس هو الذي يعطل الانتخابات الرئاسية علناً من دون أن ننكر أن هناك بعض المشكلات في الداخل لكنها تبقى (حرتقة) لا تقدم ولا تؤخر. القوة الرئيسة التي تعطل لا تناسبها الظروف الاقليمية والدولية اليوم، ولا تجعلها في موقع الرابح، وبالتالي، لا تساعدها على ايصال الرئيس الذي تريد كما أن الظروف الداخلية غير ملائمة. وهنا يكمن بيت القصيد بحيث أن الهدف من الحوار، ايصال الشخص الذي تريده قوى الممانعة. لا شيء اسمه حوار حول انتخاب الرئيس. هل سيتحدثون عن طول الرئيس المقبل وعرضه؟ الحوار لاضاعة الوقت و(تجليطة). لا يمكن أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية عبر الحوار. في أي بلد نحن وفي أي زمن نعيش؟ المقصود من الحوار اضاعة الوقت لتنضج ظروف تضغط على القوى السيادية والمعارضة، وتحميلها مسؤولية انهيار البلد، ولتقبل بفكرة من اثنين: اما سليمان فرنجية او أحد يشبه إميل رحمة أو الوصول الى شخص يبدو (آدمياً) وخارج الاصطفافات، ويسير وفق توجهات القوى التي لديها السلاح. الحوار ليس قضية جدية حول انتخاب الرئيس، فحين كانت القضايا كبرى واستراتيجية ووطنية على طاولات الحوار، لم يتم الالتزام بها. في الخلاصة، الحوار وهمي وكذبة كبيرة، وليست هذه الطريقة الجيدة للضغط على الأفرقاء. وهنا لا بد من تحميل القوى التغييرية والقوى السيادية، المسؤولية لأنهم لا يزالون يعملون وكأن حزب الله قوة سياسية عادية وليست قوة عسكرية تترجم وزنها في الاستحقاقات كافة. نحن في انتظار تسوية خارجية، ربما تحضر لوصول قائد الجيش العماد جوزيف عون الى سدة الرئاسة، والحزب يتخلى حينها عن ترشيح فرنجية، وبالتالي، ما رأيناه في الترسيم البحري يمكن أن يطبق على الترسيم الرئاسي”.

“الكابيتال كونترول”

تابعت اللجان النيابية المشتركة، في جلسة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، مناقشة مشروع قانون “الكابيتال كونترول”. وأعلن بو صعب “أننا حصرنا التحويلات إلى الخارج بالأمور المتعلقة بالطبابة الخارجية والطلاب الذين يدرسون في الخارج.”

مشروع خلاف

يبدو أن عدد أعضاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء سيولد مشكلة بعدما أعلنت وزارة الطاقة والمياه فتح باب الترشّح لاختيار الأعضاء مع التشديد على “إلزاميّة تعديل عددهم ليصبح 6 بدل 5، تماشياً مع مقتضيات الميثاقية والدستور الذي ينص على المناصفة في وظائف الفئة الأولى أو ما يعادلها”. في حين ترفض رئاسة الحكومة التعديل. ووجّه ميقاتي كتاباً إلى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض لفته فيه إلى أنه “ملزَم قانوناً بتطبيق قانون إنشاء الهيئة الناظمة وأن أي مخالفة لهذا القانون سيتحمّل الوزير مسؤوليّتها. القانون ينصّ على تعيين 5 أعضاء وليس 6، وإذا كان هذا البند سيخضع لأي تعديل فهذا يعني أن هناك محاولة إضافية لتعطيل إنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء”.

شارك المقال