ميقاتي لطمأنة الفاتيكان… و”خماسي باريس” يلتقي نهاية الأسبوع وفق الثوابت السعودية

لبنان الكبير

فيما “الأخضر” ينهش “الليرة” ولقمة عيش اللبنانيين، والسياسيون مستمرون في حرق الوطن والمواطن، يستمر “العدل العوني” في تعميق الحضيض، وسط سكون تام على الجبهة الرئاسية، الذي لم يظهر عليه حتى الآن أنه سيستفيد ايجاباً من المتغير الاقليمي الهائل المتمثل بالاتفاق السعودي – الايراني، الذي فاجأ الجميع.

اذاً، الداخل بلا حول ولا إرادة، فيبقى الخارج مرتجى حل ما، حيث علم موقع “لبنان الكبير” أن ممثلين عن الدول الخمس السعودية وفرنسا والولايات المتحدة وقطر ومصر سيجتمعون نهاية الأسبوع في باريس، لبحث تطورات ملف رئاسة الجمهورية، وستنقل كل دولة أجواء جولات سفرائها في لبنان.

وأكدت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” أن السعودية “لن تتزحزح عن موقفها والمعايير التي وضعتها بشأن هذا الملف”.

وعلم موقع “لبنان الكبير” أن السفير السعودي وليد بخاري غادر الى الرياض، وفور عودته بيروت سيستكمل جولته على القيادات اللبنانية.

بالعودة الى الداخل، فإن الارتفاع الجنوني للعملة الخضراء، سلب فرحة اللبنانيين في امكان التفكير في تسوية محتملة بعد الاتفاق السعودي – الايراني، تحمل لهم المن والسلوى، وتفرش طريق الحرير أمام أحلامهم ببناء وطن حقيقي ودولة فعلية. لكن أي دولة يمكن بناؤها مع سلطة متجذرة، تدعي رسمياً على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ظل أسوأ أزمة مالية في تاريخ البلد؟ حتى أن العقلاء، البعيدين عن المحاور والعواطف السياسية، يسألون: ما الهدف من هذا الادعاء؟ هل يريدون قيادة البلد نحو الانهيار التام والفوضى الشاملة فيما القطاع المصرفي ينهار شيئاً فشيئاً؟ كيف ستسير أمور الدولة المالية، ومن يديرها؟

منذ ساعات الصباح الأولى، استنفر قصر العدل في بيروت حيث حضر فريق المحققين الأوروبيين، وتغيب سلامة بعدما تقدم بمذكرة توضيحية، معتبراً أن استدعاءه الى جلسة تحقيق أوروبية هو انتهاك للسيادة اللبنانية، كما استند الى المعاهدة الدولية لمكافحة الفساد التي تجيز للدولة أن ترجئ المساعدة القانونية بسبب تعارضها مع تحقيقات أو إجراءات قضائية جارية. واذ أفيد بأن النيابة العامة التمييزيّة رفضت مذكرة التوضيح، تم رفع جلسة الاستجواب الى اليوم بحيث حدد قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا موعد جلسة الاستماع الى سلامة عند الساعة العاشرة والنصف من قبل الظهر.

سياسياً، لا نتائج للحركة على الضفة الرئاسية، لكن تعددت المواقف بين الداخل والخارج. في الداخل، أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ “يتمكن المجلس النيابي من إنجاز إستحقاق رئاسة الجمهورية قريباً”، معتبراً أن “المطلوب من الجميع الادراك بأن ما من أحد يملك ترف هدر الوقت، في ظل تردي الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية على النحو الذي يجري، خصوصاً بعد أن تخطى سعر صرف الدولار المئة ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد”.

ولم يخفِ بري خلال لقائه وفداً موسعاً من “لقاء التوازن الوطني”، قلقه من أن “إطالة أمد الشغور في موقع رئاسة الجمهورية والامعان في تعطيل عمل المؤسسات، ستكون له تداعيات كارثية لن يسلم منها أحد حتى المعطلين”، مؤكداً أن “إنتخاب رئيس للجمهورية هو مفتاح الحل الذي يمهد لسلوك مسار الإنقاذ. لبنان يمتلك كل مقومات النهوض والتعافي من الأزمات، التي يتخبط بها، وكل ذلك رهن بالإستثمار على النيات الصادقة والارادات الخيرة والوعي بأن لبنان أصغر من أن يُقسم، وأن لا خيار لمقاربة كل القضايا مهما كبرت أو صغرت إلا بالحوار والتوافق، وفي المقدمة رئاسة الجمهورية”.

وعن موضوع تقسيم بيروت في الإنتخابات البلدية، شدد على “أننا في كتلة التنمية والتحرير لا يمكن أن نقبل بأن يكون هناك أي نص يُشرّع تقسيم العاصمة في أي قانون للانتخابات البلدية. إن تقسيم العاصمة تقسيم للبنان، نحن مع مراعاة المناصفة والشراكة الاسلامية – المسيحية”. ورأى أن الإتفاق بين السعودية وإيران “سيلقي بظلال إيجابية على الوضع في المنطقة بأسرها”.

أما في الخارج، فقال رئيس الحزب” التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من الكويت خلال لقائه الجالية اللبنانية: “أزور الكويت في ظل زلزال كبير في المنطقة، ضربة معلّم إن صح التعبير، قام بها سمو الأمير محمد بن سلمان والخليج طبعاً، في محاولة ترطيب العلاقات وفتح آفاق جديدة بين الشعب العربي والشعب الايراني، بين الطوائف، فاتحاً المجال للهدوء، بدل الحروب، كفانا حروباً في العراق وسوريا ولبنان، كفى، لذلك هذه الخطوة جداً مهمة”. وعن موعد وصول نتائج هذا التقارب إلى لبنان، اعتبر أن “علينا أن نتواضع، ثمة جدول أعمال، إصلاحات في قطاعات منها الكهرباء، المصارف، إلى آخره، جدول أعمال طويل مطلوب منا، وقد يأتي الانفراج الاقليمي، وننطلق من ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يمكن انتخاب رئيس تحد من أي فريق، بل رئيس توافقي، وليس توافقياً من أجل التوافق بل من أجل الاصلاح”. واستقبل رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، جنبلاط، بحضور وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، وعضو “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن وأمين السر العام في الحزب ظافر ناصر، وتم استعراض الأوضاع السياسية وتعزيز العلاقة بين البلدين والشعبين.

وعن الزيارة، لفت مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” الى أن جنبلاط يحرص استراتيجياً على حسن علاقاته مع الحاضنة العربية، ويحرص على أن تبقى قناة التواصل موجودة، وهنا تكمن أهمية زيارته الى الكويت حيث يلتقي المسؤولين الكويتيين لأن هذا جزء من تاريخه مع الدول العربية. ليس مستبعداً أن يطرح مبادرته على المسؤولين في الكويت لأن الملف اللبناني سيكون على بساط البحث. وجنبلاط ملتزم بعدم التصويت لمرشح من الممانعة، وسليمان فرنجية هو مرشح فريق الممانعة، وملتزم أيضاً بمحاولة ايجاد مخارج عبر مرشحين مقبولين ومستقلين وأصحاب كفاءة ولديهم علاقات ممتازة مع العالم العربي لاعادة وصل ما انقطع. من جهة ثانية، يرفض جنبلاط أن يظهر بمظهر من يريد أن يملي على المسيحيين ما يجب أن يفعلوه. لذلك، رئاسة الجمهورية يجب أن تنطلق من الصف المسيحي، وعلى المسيحيين أن يصلوا الى قواسم مشتركة في ما بينهم ليستطيعوا الحفاظ على هذا الموقع، أي رئيس الجمهورية المسيحي الوحيد في الشرق.

في هذا الوقت، وصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى روما في زيارة رسمية الى حاضرة الفاتيكان للقاء قداسة البابا فرنسيس اليوم. وسيجري أيضاً محادثات مع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، ومحادثات ثنائية رسمية مع رئيسة وزراء ايطاليا جورجيا ميلوني.

وأكدت مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن رئيس الحكومة يريد أن يطمئن قداسة البابا كما كل المسؤولين في الفاتيكان الى عدم رغبة أي فريق في مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي، كما أنه سيتناول معه مختلف القضايا والأزمات الداخلية خصوصاً أن الحبر الأعظم لديه علاقات دولية مهمة، ويعمل عبر الدوائر الفاتيكانية على انقاذ لبنان. في حين اعتبر أحد المحللين السياسيين أن زيارة رئيس الحكومة الى الفاتيكان، تأتي في اطار العلاقات العامة، اذ أنه يحرص دائماً على علاقاته مع الدول. والخطر على المسيحيين ليس من الرئيس ميقاتي انما من مصدرين: أولاً، من مشروع “حزب الله” الذي يشكل خطراً على كل اللبنانيين والمكونات اللبنانية من كل الطوائف حتى على الطائفة الشيعية فيما بعد. أما الخطر الثاني، فهو من المسيحيين أنفسهم وتشتتهم وحروبهم الأهلية المستمرة على فتات المائدة.

في الموازاة، وبغض النظر عن التحليلات والمقاربات المتناقضة للتطورات الاقليمية، فإن هموم اللبنانيين المعيشية والحياتية التي تخطى عددها المئة ألف بعد أن تخطى الدولار عتبة المئة ألف ليرة، تدفع الكثيرين الى التساؤل عما اذا كان البلد لا يزال يملك مقومات الصمود الى حين بروز نتائج التسويات المنتظرة أو أن الضائقة الاقتصادية والمالية والحياتية ستؤدي الى انفجار اجتماعي قد يسبق أي تسوية رئاسية في الأشهر المقبلة؟

في هذا السياق، رأى أحد المحللين السياسيين أنه “على الرغم من كل الظواهر التي تفيد بأن اللبناني قد تأقلم مع الأزمة، قد نستفيق ذات يوم على انفجار في الشارع وفي مختلف مناطق لبنان. هناك تراكم واضح للغضب في الساحة اللبنانية، والضغط الاجتماعي والمالي والاقتصادي أصبح مخيفاً، والشعور أن ليس هناك من مسؤول، والمسؤول يتنصل من مسؤوليته، ويكتفي ببعض الترقيعات، فربما نستفيق على لبنان مشتعل من أقصاه الى أقصاه. في حال تأخرت التسوية، من الممكن أن يسبقها الانفجار. واذا أتت التسوية في غضون وقت معقول أي خلال أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أي من الآن الى نهاية شهر رمضان، مع الافادة من مناخات التهدئة الاقليمية المستجدة بعد الاتفاق السعودي – الايراني ، فيمكن أن نتدارك الأمور”.

في حين أكد أحد المطلعين أن “الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية صعبة جداً، لكن من الواضح على الرغم من الصعوبات، أن ليس هناك حتى الآن دينامو معين لتحريك الشارع بحيث تقتصر التحركات على النقابية منها. اما القوى السياسية والحزبية، فنجحت في ضبط الشارع من خلال ترتيب أوضاع جمهورها. كما أن بعض اللبنانيين استطاع التكيف مع سعر الدولار وأصبح جزءاً من اللعبة. لذلك، لا توجد اليوم مؤشرات لانتفاضة كبيرة، لكن في ظل تعاظم المشكلات، لا أحد يعرف إن كان سيحصل انفجار اجتماعي وأي منهما يسبق، التسوية أو الانفجار الاجتماعي، لا أحد يعلم لأن ذلك مرتبط بالظروف والتطورات”.

على صعيد آخر، أكد رئيس هيئة الأركان الاسرائيلية هرتسي هليفي، ضرورة الاستعداد لحرب على جبهات عدة تشمل إيران. ونقلت “القناة 14” الاسرائيلية، عن هليفي قوله: “ننظر إلى حزب الله ونفهم حاجتنا الى الاستعداد”. ويأتي ذلك، في ظل أنباء إسرائيلية عن تطورات أمنية، على خلفية حادث التفجير الذي وقع منذ يومين قرب مفترق مجدو شمالي البلاد، وأصيب فيه شاب إسرائيلي بجروح خطيرة.

وأشارت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية، تعليقاً على الحادثة، إلى أن “القنبلة المستخدمة تشبه القنابل التي استخدمها حزب الله لتفجير آليات إسرائيلية في لبنان، قبل الانسحاب الاسرائيلي، والتي كانت تزرع على جانب الطريق”. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه اختصر مدة زيارة مقررة إلى ألمانيا هذا الأسبوع، وذلك بعدما ذكر المكتب في وقت سابق أنه أجرى مشاورات “بشأن تطورات الأمن القومي”.

شارك المقال