تحركات إقليمية رئاسية… ولا دخان أبيض من خلوة بكركي

لبنان الكبير

أحد الشعانين هذه السنة أتى بعد زيارة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى العاصمة الفرنسية باريس من أجل الاستحقاق الرئاسي، ويسبق الخلوة المسيحية المقررة بعد غد الأربعاء بشأن الاستحقاق، علماً أن العديد من النواب المسيحيين لن يحضروا الخلوة، وأولهم مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، الذي اعتذر عن عدم الحضور بسبب ارتباط لديه في الولايات المتحدة، ولذلك، يعتبر الكثيرون أن الخلوة لن ينتج عنها دخان أبيض. وفيما تناقضت الروايات حول الاجتماع الباريسي إن كان سلبياً أو إيجابياً يبدو أن المياه الراكدة في الملف الرئاسي قد تحركت، بحيث برز تحركان ناشطان لكل من قطر ومصر على خط هذا الاستحقاق، وفي السياق، يصل الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى بيروت اليوم الاثنين للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وعدد من القيادات والأطراف السياسية.

أما على الخط المصري، فتنشط وزارة الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة من أجل تحسين فرص نجاح اللقاء الخماسي الثاني الذي يجري العمل لعقده بهدف التوافق على حسم الخيارات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي. وتشير الأجواء الى أن مشاورات بدأت لعقد اللقاء الخماسي بعد عيد الفطر في أواخر نيسان الجاري أو مطلع أيار المقبل في القاهرة أو الرياض. إلى ذلك تحاول القوى السياسية اللبنانية أن تستشرف تأثير إعادة تطبيع علاقات المملكة العربية السعودية مع النظام السوري، وإن كان هذا الأمر سينعكس إيجاباً على لبنان، تحديداً بعد انتشار معلومات بالأمس عن أن السعودية تعتزم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى المشاركة في القمة العربية المقرر عقدها في الرياض في 19 أيار المقبل.

ولم تخلُ عظات أحد الشعانين من الكلام السياسي، فقد شدد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي على وجوب أن يكون السياسيون خادمين للشعب لا متسلطين عليه، وقال في عظته: “ما أجمل رجال السياسة الملتزمين قبل كل شيء بقول الحقيقة، وعيش المحبة، والتحرر من العبوديات، وبناء السلام! ما أجملهم إذا أدركوا بمشاركتهم في ملوكية المسيح، أن السلطة الموكولة إليهم هي خدمة لا تسلط، وأنهم بالسلطة ليسوا أسياداً بل خدام الناس للخير العام. فالسياسي الحقيقي خادم، وعندما لا يكون خادماً فهو سياسي سيء، بل ليس سياسياً، لأن السياسة فن شريف لخدمة الخير العام”.

ولم ينس الراعي التذكير بالخلوة المسيحية يوم الأربعاء، متمنياً أن تكون “مباركة وفي صالح خلاص لبنان من أزماته”.

أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده فأسف لأن لبنان يعج “بزعماء وسياسيين ونواب وحكام لا يرون إلا مصالحهم، ولا يعملون إلا وفق انتماءاتهم. لا يخجلون مما أوصلوا البلد إليه. تطلق الاتهامات بالصفقات والتجاوزات ولا يهتمون. يتراشقون بشتى التهم. يتصارعون، يتشاتمون ولا يخجلون من استعمال لغة لا تليق لا بمسؤول ولا بنائب ولا بأي إنسان. لم يتخطوا بعد الصراعات الطائفية والمناطقية والحزبية، ولا الأنا والأحقاد. يتلهون بالخطابات والمماحكات عوض الإنصراف إلى وقف التدهور وبدء عملية الإصلاح، وكأن لا نية لديهم للإصلاح”.

وبالعودة إلى الأجواء الإقليمية حول الاستحقاق الرئاسي، أشار مصدر مطلع في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “لبنان لطالما تأثر بالتطورات الاقليمية، وبالتالي أي تقارب في الاقليم يعني حتماً تقارباً في الداخل اللبناني، وحلحلة على صعيد أزماته، وقد تجد من يعترض هنا أو هناك إلا أنه في النهاية الجميع سيسير بالتسوية متى يتم الاتفاق عليها في الخارج، الذي يعطي ضمانات بل وأحياناً استفادات لقوى الداخل.”

ويبدو أن “حزب الله” وضع فيتو على ما سمّاه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “مرشحاً ذا خلفية اقتصادية”، غامزاً من جهة الوزير السابق جهاد أزعور، اذ قال رعد السبت: “هناك خبر نشر في احدى الصحف ولم يتطرق اليه البعض وهو أن الادارة الأميركية غيّرت وجهة نظرها تجاه مرشح الرئاسة في لبنان وهي لا تفكر في شخصيات ممن اعتاد عليها الجمهور اللبناني بل تفكر في شخصية لها خلفية إقتصادية. ماذا يعني لديه خلفية إقتصادية؟ يعني أن البنك الدولي يستطيع أن يتفاهم معه، كما صندوق النقد الدولي، لمصلحة التعليمات والتوجيهات والسياسات التي يرسمها النافذون الاستكباريون للعالم من خلال هذه المؤسسات الاقتصادية الدولية”.

أضاف رعد: “تحت عنوان التواصل مع صندوق النقد الدولي قلنا بأن 3 مليارات لن تنفع البلد، فلا تتعبوا قلبكم، ويجيبون بكل ثقة المسألة ليست مسألة مليارات بل هي فتح أبواب الدول من أجل مساعدتكم، وعليه يجب أن تركنوا لسياسات تلك الدول من أجل أن نوفر لكم المساعدات دائماً”.

وفي مناسبة أخرى الأحد، دعا رعد كل القوى السياسية الى “التفاهم الوطني والتفكير الجدي في المصلحة الوطنية من أجل إنقاذ البلد”، لافتاً إلى “ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية من دون انتظار الأوامر الخارجية”. وهاجم القوى السيادية، معتبراً أنها “تعطل الاستحقاق الرئاسي وتؤخره وتراهن على وصول كلمة سر من الخارج للبدء بالاستحقاق… ولم تقدم مرشحاً جدياً”.

ولكن مشكلة رعد ليست فعلياً مع القوى السيادية، بل مع حليفه في اتفاق مار مخايل الذي يمكنه معه الوصول إلى حل داخلي لاستحقاق الرئاسة كما يدّعي رعد أنه يريد، ولكن يبدو أن طموح حليفه أهم من أجندات “حزب الله”، بحيث يرفض أي صفقة يعرضها عليه الحزب، مقابل تبنيه مرشحه سليمان فرنجية، بل أكثر من ذلك هو اليوم يستجدي خصمه اللدود في الساحة المسيحية “القوات اللبنانية” لقطع الطريق على فرنجية، وهذا ما تؤكده قيادات “التيار الوطني الحر” في كل مناسبة، وما أشار إليه عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيمون أبي رميا في حديث إذاعي، قائلاً: “نطمح إلى توافق مع القوات يوصل إلى رئيس نقنع به الآخرين. هذا التوافق أساس للدور المسيحي في البلد”.

إلا أن “القوات” ليست في وارد التوافق مع التيار، وقد علق على هذا الأمر عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك بقوله: “التيار يحاربنا بحسب مزاج جبران، فإذا كان بحاجة الينا يهادننا وإذا لم يكن كذلك نصبح معه قتلة، ولم نفتح خطوطاً سياسية مع التيار لأنه ليس لدينا أي شيء نتحاور عليه إلا إذا اعترف بالخطأ والتزم بوحدانية السلاح.”

ورأت مصادر متابعة أن لا “حزب الله” ولا التيار سيجرؤان على إنجاز الاستحقاق الرئاسي وحدهما، تحديداً بعدما وصل البلد إلى جهنم عندما استفردا بالحكم.

شارك المقال