قطر تمون ولا تحسم… مربط الرئاسة في الرياض

لبنان الكبير

يعيش البلد اليوم حالة ترقب على كل المستويات. سياسياً تنتظر القوى ارتدادات زيارة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى فرنسا، وتترقب ما يمكن أن يصدر عن الخلوة الروحية للنواب المسيحيين التي دعت إليها بكركي غداً.

في هذا السياق، تأتي زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، الذي جال على الرؤساء والقوى السياسية والحزبية، فيما ترددت معلومات عن أنه يحمل معه مبادرة أو خريطة طريق قطرية للمساعدة في الخروج من أزمة الفراغ.

ووفق المعلومات، أتى الموفد القطري بطرح رئاسي غير رئيس تيار “المردة”. وأشار مصدر مقرب من مرجعية سياسية لموقع “لبنان الكبير” الى أنه “على الرغم من العلاقة القوية بين لبنان وقطر، إلا أن الكلمة الفصل في الملف الرئاسي ستكون في نهاية الأمر بين المملكة العربية السعودية وإيران، وقد تكون هناك مشاركة ومساهمة لعدة دول للمساعدة في تسهيل الطريق لا أكثر.”

ورأى المصدر أن “بعض القوى في الداخل اللبناني على الرغم من رفعه السقف عالياً برفض هذا المرشح أو ذاك، إلا أنه في ساعة الحقيقة الكل سيلتزم بالتسوية، وهذه القوى أصلاً ترفع السقف اليوم لتحاول تحقيق أكثر ما يمكنها من مكاسب فيما بعد التسوية، وقد بدأت ملامح هذه المحاصصة السياسية تظهر معالمها، بحيث بدأ التسويق لتعيينات العهد الرئاسي الجديد كيف ستكون، وبدأت بعض الأسماء تتداول لعدة مواقع في الدولة، أهمها حاكمية مصرف لبنان، التي يبدو أن الأسماء المطروحة لخلافة الحاكم رياض سلامة ستكون أكثر من الأسماء المطروحة للرئاسة”.

الاستحقاق الرئاسي أصبح الآن في مرحلة الضمانات والتسويات، وفق ما يحكى في الكواليس السياسية، والكلام يتخطى موقع الرئاسة واسم الرئيس، وهو اليوم عن رئيس الحكومة والحكومة ووزرائها، وضمانات بعدم سيطرة أي فريق وحده عليه، وكذلك يدور الحديث عن التعيينات ولمن ستؤول المواقع البارزة. ومع أن هناك رفضاً مبدئياً لفرنجية من جهة المواصفات السعودية، لكن هذا لا يعني أنه لن يكون رئيساً بتاتاً، فقد يتمكن من تقديم ضمانات تجعله مقبولاً، تحديداً إذا كانت الحكومة مستقلة والتعيينات في بعض المراكز المهمة تصب في خانة البعد العربي للبنان، وهذه التعيينات يمكن أن تذلل عقبة الفيتو المسيحي على فرنجية. أما في حال كان الأمر معكوساً، أي أن الرئاسة لن تكون لمرشح “حزب الله”، فسيكون على الفريق الآخر تقديم ضمانات للحزب ومن خلفه إيران، أولها عدم إثارة ملف سلاحه دولياً مثلما فعل الرئيس السابق ميشال سليمان، ثم بعض التعيينات التي قد تطمئن الحزب، الذي إن كان لديه رفض مبدئي لبعض الأسماء، فقد تبدد هواجسه السلة الكاملة التي ستكون ضمن التسوية الشاملة.

أما عن كيفية النزول عن شجرة التصعيد لكل القوى، فالحل سهل، وفق ما تتحدث به الصالونات السياسية، ولن يتسبب بإحراج للقوى السياسية أمام جمهورها، بحيث سيكون الشكل هو العملية الديموقراطية الطبيعية في مجلس النواب، وقد تكون استقبالات عين التينة في هذا الاطار، فقد برزت زيارة عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيمون أبي رميا إلى مقر الرئاسة الثانية، وترجح المصادر أنها في سياق الاستحقاق الرئاسي ومحاولة رئيس مجلس النواب نبيه بري إيجاد العدد الكافي لتأمين انتخاب فرنجية وفق العملية الديموقراطية، إلا أنها مجرد تحضيرات تنتظر الموافقة السعودية على التسوية، بحيث أن المعلومات تشير الى أن لا أحد، حتى فرنجية نفسه، يريد أن يكون رئيساً من دون أن تكون هناك نهضة للبلد في عهده، والتي لا يمكن أن تحصل إلا بدعم سعودي للتسوية.

في هذا الوقت، يستمر التصعيد القواتي ضد الممانعة، إذ أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنه وفريقه سيفعلان كل ما بوسعهما لعدم وصول محور الممانعة إلى بعبدا، وقال: “أنا جدي في طرحي بضرورة أن يتصرف محور الممانعة بجدية ويزيح، لكن للأسف مستكلبين على السلطة بأي ثمن”.

وكذلك هاجم جعجع “التيار الوطني الحر”، قائلاً: “هناك حزب من الحزبين المسيحيين الكبيرين لا طائفة له ورأينا ممارسته وتحالفاته وفساد وزرائه وهو فخور بكل هذا، وبالتالي على ماذا نتفق معه؟ فمقولة الاتفاق لا أساس لها إطلاقاً، وعليهم أن يؤيدوا هم ميشال معوض الذي لا يزال مرشحنا حتى اللحظة”.

وعن تصعيد جعجع، اعتبر مصدر مقرب من مرجعية وسطية أن “لبنان بلد محكوم بالتفاهم والتسوية وهذا ما جرت عليه الأمور منذ تأسيسه، السقوف العالية التي يرفعها جعجع تعبّر عن عدم فهم حقيقة التحولات في الاقليم، ونتائجها المتوقعة في الأيام والأشهر المقبلة. خاض جعجع معارك دونكيشوتية كثيرة ولم يربح يوماً في معركة وهذه احداها.”

حكومياً، كشف وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان عن انعقاد جلسة حكومية بين الأربعاء والخميس من هذا الأسبوع. وتطرق إلى مسألة رفع رواتب موظفي القطاع العام، مؤكداً أن “الزيادة قائمة ولكن الأرقام ليست نهائيّة بعد”. وأوضح في حديث اذاعي أن “النقطة الأساسية اليوم هي معرفة إيرادات الدولة ومداخيلها منعاً لأي خطوة تؤثر سلباً في المستقبل على الاقتصاد”.

إلا أن غالبية الاقتصاديين في البلد تتخوف من رفع الأجور كون الزيادة ستكون بالليرة اللبنانية، والدولة لا تستطيع تأمين تغطية هذه الرواتب، وبالتالي هذا معناه أنها ستلجأ إلى مصرف لبنان، الذي سيطبع العملة، ما يعني زيادة في التضخم، وارتفاعاً في سعر صرف الدولار، كما يعني أن الخطوة ستكون بالشكل رفع الأجور، ولكن من جهة أخرى ستفقد هذه الزيادة أي قيمة لها. ورأى مصدر اقتصادي مخضرم أنه “في ظل غياب الحلول الشاملة، وإن كانت الدولة فعلاً تسعى الى حل ولو مؤقت لأزمة القطاع العام، فلا بد من دولرة بعض الرواتب أسوة بالدولرة في القطاعات والسلع، طبعاً سيكون لهذه الخطة آثار سلبية ولكنها تبقى أخف وطأة من طبع العملة، التي تدمر الليرة أكثر مما هي مدمرة”.

وفي هذا السياق، تستمر القطاعات في الدعوة الى احتجاجات وإضرابات بالتزامن مع جلسة الحكومة المرتقبة، من أجل تشكيل قوة ضغط للحصول على حقوقها، وأكدت رابطة أصحاب المحطات المضي بتحركها للمطالبة بدولرة أسعار المحروقات اليوم الثلاثاء. فيما دعا حراك العسكريين المتقاعدين إلى “البقاء على أهبة الاستعداد للزحف الى الشارع والتصدي بكل الوسائل المتاحة لمحاولات تهميشهم وسلب حقوقهم، على أن يكون موعدنا المقبل هو تاريخ انعقاد مجلس الوزراء في التوقيت والمكان اللذين سيعلن عنهما لاحقاً”.

شارك المقال