“فخامة” ميقاتي في القمة… وكباش أميركي – عربي على الأسد

لبنان الكبير

للمرة الثانية يفوّض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بصلاحيات الفخامة، فقد تسلم أمس دعوة من السفير السعودي وليد بخاري للمشاركة في في الدورة العادية الثانية والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية، التي ستعقد في جدة في 19 أيار الجاري. للمرة الثانية، سيشارك فيها رئيس الحكومة نيابة عن رئيس الجمهورية، بعد مشاركته في قمة الجزائر العام الماضي، وقد يمثل لبنان العام المقبل أيضاً بالصفة نفسها في حال استمر الشغور الرئاسي.

ووسط جعجعة الجنرالين في السودان من دون أفق مخرج سياسي، اختار البيت الأبيض أن يشوّش على فرحة المنتشين بقرار إعادة “سوريا الأسد” الى الجامعة العربية، معلناً أن لا تطبيع مع الأسد وأن العقوبات الأميركية ستبقى مفروضة بالكامل، ما يعني فتح كباش مع العرب، قبل قمة جدة، يمكن أن يتطور بسهوله الى مواجهات في مجالات عدة، مع تلويحه بسيف “قانون قيصر”.

محلياً، زار وفد من تكتل “الاعتدال الوطني” السفير بخاري الذي كرّر الموقف السعودي الثابت مجدداً: لا تدخل، لا اسم، لا فيتو على أحد. وسيواصل بخاري استقبال المزيد من الشخصيات والقوى السياسية والنيابية. ويبدو أن التحرك القطري يتماهى مع الموقف السعودي، فقد التقى السفير القطري في لبنان ابراهيم السهلاوي، تكتل “الاعتدال الوطني” أيضاً وتم البحث في المستجدات السياسية في لبنان والمنطقة، والاتفاق على “ضرورة تفعيل التواصل مع الجميع وصولاً الى انتخاب رئيس للجمهورية تمهيداً لتشكيل حكومة واعادة انتظام عمل المؤسسات”. وشدد الحاضرون على “أهمية انجاز الاستحقاق الرئاسي بتوافق لبناني في أسرع وقت ممكن”. ويبدو أن هذا الموقف أضحى إقليمياً ودولياً موحداً، بحيث تتكرر المقولة نفسها “لا تدخل في الشأن الداخلي اللبناني، والاستحقاق الرئاسي هو استحقاق سيادي لبناني يجب على اللبنانيين أن يحلوه بأنفسهم”، باستثناء ربما فرنسا التي تؤيد مرشحاً خلف الكواليس وتحاول تسويقه.

الموقف الإقليمي والدولي بلبننة الاستحقاق الرئاسي، لا يعني بتاتاً أن الدول ستكون على مقاعد الجمهور، بل ستكون هي الحكم، وتحديداً المملكة العربية السعودية التي ستتعامل مع أي رئيس مقبل مع حكومته استناداً إلى برنامجه، وستترقب أي موقف يمكن أن يأخذه، والاجراءات التي سيقوم بها، خصوصاً إذا وقع في أخطاء العهد الجهنمي السابق نفسها، من تعطيل وعرقلة وأثلاث ضامنة.

وفي محاولة لتحقيق الخرق في مكان ما على المستوى الرئاسي، لا تزال المبادرتان الأرثوذكسيتان تشقان طريقهما، فقد التقى نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الأمين العام لحزب “الطاشناق” هاغوب بقرادونيان في مقر الحزب في برج حمود، وتوافق الطرفان على “أهمية ما يجري من تواصل وتطابق في وجهات النظر حول ما يطرح”.

أما النائب غسان سكاف فأشار في حديث تلفزيوني، الى أنه “متفائل بالوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية في حزيران المقبل، بسبب التلميح الأميركي بأن المهلة هي آخر حزيران، أي قبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة”.

تفاؤل سكاف مبني على تلميحات إقليمية فقط، أما داخلياً فلا تزال المعارضة معتمدة على جنوح “التيار الوطني الحر” عن “حزب الله” رئاسياً، فيما لم تتفق في ما بينها على اسم تواجه به مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، وهي بهذا الأمر تغذي الفراغ أكثر فأكثر. وليست وحدها من يقوم بذلك، فالدستور اللبناني لا ينص على توافق أو حصر المعركة بأسماء، ولذلك لا يمكن أن تبقى أبواب المجلس النيابي مغلقة، وعلى رئيسه نبيه بري أن يعيد إطلاق الجلسات الرئاسية، حتى ولو كان يراها فولكلورية.

الفراغ يولد الفراغ، وهذا ما حصل في الاستحقاق البلدي الذي تأجلت انتخاباته إلى حين التوافق على خوضه، فيما تم تقديم عدد من الطعون بقانون التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة، وأعلن رئيس المجلس الدستوري أن البت بالطعون سيكون في نهاية الشهر الجاري، ما يدفع الى التساؤل في حال أقر الطعن، عما إذا كان ذلك سيدفع باتجاه إجراء الانتخابات؟ وهل تكون البلديات غير شرعية ونكون في فراغ على مستوى السلطة البلدية أيضاً؟

في هذه الأثناء، سرقت التطورات الاقليمية المشهد من الاستحقاقات الداخلية، فعودة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية تسبب بانقسام المواقف في الداخل، أطراف رحبت وأثنت، وأطراف أخرى انتقدت ونددت، فيما البعض فضل التحفظ. ولعل أبرز المنتقدين كان رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، الذي غّرد عبر حسابه على “تويتر” قائلاً: “وهل سألوا الشعب السوري اذا كان يرغب في العودة الى الحضن العربي؟ طبعاً لا. الجامعة العربية شبيهة بسفينة الـTitanic تحمل هذا الشعب الى غرق محتوم وقد أعطي النظام شرعية التصرف والذين نجوا من التعذيب أو السجون أو التهجير فان الحضن الحنون كفيل بشطبهم. ومتى بربكم استشرتم الشعوب؟”.

وأبدى عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك تحفظه عن قرار عودة نظام الأسد، وقال في تصريح إذاعي: “نحن نشك كثيراً بأن يلعب بشار الأسد ورقة شراء الوقت التي ورثها عن والده بشكل أن الإتفاقات تتلاشى ويعود هو مستبّداً من خلال الحكم الديكتاتوري على شعبه ويستعيد هواية الاعتداء على الأنظمة المجاورة بدءاً من لبنان”.

لكن قرار العودة الذي اتخذه مجلس الجامعة العربية لم يمر برداً وسلاماً على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بحيث قال البيت الأبيض مساء أمس: “لن نطبع العلاقات مع نظام الأسد وعقوباتنا ستظل سارية بالكامل”، مضيفاً: “أوضحنا لشركائنا أننا ملتزمون بحزم بقانون قيصر ونشاورهم كي لا يخاطروا بالتعرض لعقوبات”.

حياتياً، عقد الرئيس ميقاتي لقاء تشاورياً مع الوزراء عصر أمس في السرايا، جرى خلاله تبادل وجهات النظر في شأن الملفات المطروحة وكيفية مقاربتها، على أن يتم البحث في الأمور التفصيلية خلال انعقاد جلسات مجلس الوزراء عند الضرورة. وأكد ميقاتي أنه لن يقبل التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولو لساعة واحدة، لافتاً الى أنه لا يرشح أحداً لهذا المنصب ولكنه يحتفظ لنفسه بحق الفيتو.

ليس بعيداً، غرّدت جمعية “صرخة المودعين” عبر حسابها على “تويتر”، قائلة: “نحن مش عم نشحد نحن أصحاب الحق وهيدي أموالنا، غداً (اليوم) يوم غضب المودعين. ندعو جميع المودعين للتجمع أمام مجلس النواب من جهة بلدية بيروت، للإنطلاق الى الأهداف المحددة التي ستكون مفاجئة للجميع”.

شارك المقال