بإنتظار تحرير الدولة من الفساد و”بالونات” الدجل

لبنان الكبير

منذ 23 سنة تحررت الأرض من الاحتلال الاسرائيلي، ولكنها لم تتحرر حتى اليوم من متعطشي السلطة، الذين عاثوا خراباً بهذا البلد أكثر من اسرائيل نفسها، وعلى رأسهم “التيار الوطني الحر” الذي أثبت مع مرور السنين أن لا علاقة له بالوطنية ولا الحرية، فهو مرتهن لحلم مؤسسه بالوصول إلى الكرسي، وقد أورث هذا الارتهان إلى صهره، ودمرا البلد في طريقهما. واليوم يحاول التيار الهروب إلى الأمام عبر التصويب على الحكومة التي يعرقل عملها بحجة الحفاظ على الدور المسيحي. في حين كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يدّعي أن التيار كان ضد إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، علماً أنه من مدد له مباشرة عندما طرح الرئيس ميشال عون الأمر من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء بعد الهندسات المالية لبنك “سيدورس” المقرب من التيار. وكان لافتاً تصريح باسيل في حديث إعلامي أن “العلاقة مع حزب الله انتقلت الى مكان آخر لأنه يجب الخروج من اصطفافات معينة ومواكبة التطور في المنطقة”.

واتهمت الهيئة السياسية للتيار في بيان بعد إجتماعها الدوري برئاسة باسيل، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالموافقة على دفع المساعدات المالية المخصصة للاجئين السوريين بالدولار الأميركي بناءً على طلب المفوضية العليا للاجئين، معتبرة أن القرار يدل على “العجز الكامل، السابق والحالي، لرئيس حكومة تصريف الأعمال في تنفيذ أي قرار أو إجراء فعلي يساهم في عودة النازحين السوريين الى بلادهم، بل خضوعه التام لرغبات الخارج بإبقائهم في لبنان والإكتفاء بترداد بعض الكلام الإنشائي من دون أي تنفيذ.”

وحمّل بيان التيار “كلاً من رئيس حكومة تصريف الاعمال والسيد رياض سلامة مسؤولية تصنيف لبنان في المنطقة الرمادية على لائحة fatf gafi بما تعنيه من مخاطر وضع لبنان خارج النظام المصرفي العالمي نتيجة اصرار رياض سلامة، على الاستمرار في موقعه على الرغم من صدور مذكرات توقيف بحقه”.

ورد المكتب الاعلامي للرئيس ميقاتي على التيار عبر بيان اعتبر فيه أن “التيار يواظب، كعادته، على اطلاق البالونات الاعلامية، لتحويل الأنظار عن المأزق الحقيقي المتمثل بعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ودور التيار التعطيلي في هذا الصدد، اضافة الى عجزه عن تبرير منطق عدم المشاركة في اجتماعات مجلس الوزراء لتسيير شؤون البلد بحجة الحفاظ على صلاحيات رئيس الجمهورية، ومطالبته الحكومة في الوقت ذاته بتحمّل مسؤولياتها الكاملة وطلب عرض بنود على جدول أعمال مجلس الوزراء”.

ونفى المكتب مزاعم التيار حول موافقة الرئيس ميقاتي على دولرة مساعدات اللاجئين، موضحاً أن الصحيح هو “أن هذه الأموال في الأساس يتم تحويلها بالدولار، منذ أيام الحكومات السابقة، وليس لرئاسة الحكومة أي سلطة في هذا الموضوع”.

وعن دور مزعوم لرئيس الحكومة في احتمال تصنيف لبنان في المنطقة الرمادية دولياً، أكد مكتب ميقاتي أن “هذا الكلام غير صحيح، وما يقوم به رئيس الحكومة والحكومة هو محاولة الابقاء على سير عمل مؤسسات الدولة في انتظار انتخاب رئيس الجمهورية”.

في هذا السياق، استغربت مصادر وزارية في حديث لموقع “لبنان الكبير” بيان “التيار الوطني الحر”، لأن “وزيريه في الحكومة، وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، ووزير العدل هنري خوري، كانا أبرز المعترضين على إقالة سلامة”، مشيرة إلى أن “القوى السياسية في لبنان أصبحت معتادة على ازدواجية مواقف التيار بين الاجتماعات المغلقة، وما يدلي به على الإعلام، وهي دوماً تتوقع أن يخرج التيار على الاعلام بقنابل دخانية، يضلل بها الرأي العام”.

وأبدت أوساط معنيّة عبر موقع “لبنان الكبير” استغرابها من “حملة التيار الأخيرة بحيث يتوجب عليه مساءلة وزير الشؤون الاجتماعية المنتمي اليه هيكتور حجار لماذا كان وراء الطلب الأساس بدفع الأموال للاجئين بالدولار الأميركي وليس بالليرة اللبنانية؟ فهو من حرّك الموضوع من خلال الاتصالات مع المعنيين والبيان المشترك الذي صدر عن المنظمات الدولية والتي أكدت من خلاله أنه تم التواصل مع المراجع الوزارية والحكومية ولم يستروا عن الموضوع، وبالتالي لا علاقة لهذا الشق بالرئيس ميقاتي ولتتم مساءلة الوزير حجار خصوصاً أن كل تواصله موثق لدى المنظمات الدولية”.

في ملف سلامة، استمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان إلى إفادة حاكم مصرف لبنان في قصر العدل في بيروت وحجز جوازي سفره الفرنسي واللبناني وتركه رهن التحقيق بعد جلسة استمرت ساعة وعشرين دقيقة. وأفيد ان سلامة أجاب عن كل أسئلة قبلان، معتبراً مذكرة التوقيف في حقه غير قانونية.

الى ذلك، اجتمع القنصل الألماني أمس، بالنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ووضعه في صورة مذكرة التوقيف الألمانية الصادرة بحق سلامة، في وقت لفت الأخير الى أنه لم يبلغ بصدور مذكرة توقيف ألمانية بحقه، في حين كان وكلاؤه القانونيون في فرنسا يتقدمون بطعن أمام القضاء الفرنسي لاسترداد مذكرة التوقيف الفرنسية المعممة عبر النشرة الحمراء.

في هذه الأثناء، لم يطرأ أي جديد على الخط الرئاسي، وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمته بمناسبة عيد التحرير: “خلافاً لما يروّج له البعض تضليلاً للرأي العام، نؤكد من موقعنا السياسي والجماهيري والتشريعي أن أبواب المجلس النيابي أبداً ليست موصدة لا أمام التشريع ولا أمام إنجاز الإستحقاق الرئاسي، والذي نأمل أن يكون موعد إنجازه اليوم قبل الغد وذلك رهن بتوافر الارادات الصادقة بأن تبادر الكتل النيابية كافة والنواب المستقلون الى توفير مناخات التوافق في ما بينهام وإزالة العوائق التي تحول دون إنتخاب رئيس للجمهورية يعبّر عن إرادة اللبنانيين”. وأعاد بري تعداد الصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس العتيد بنظره.

ودعت كتلة “الوفاء للمقاومة” إلى “حسن الافادة وملاقاة الاستدارة الايجابية التي تشهدها المنطقة”، مؤكدة “وجوب اقتران المواقف بالأفعال والترتيبات التي تثبت الصدقية وتعزز فرص التفاعل الإيجابي المطلوب”. ودعت كل المعنيين في لبنان إلى “المسارعة الى انجاز الاستحقاق الرئاسي والتفاهم الوطني الذي يؤدي إلى انتخاب الرئيس المؤهل في هذه المرحلة بالذات لتوظيف الظروف والتطورات الجارية من حولنا، لمصلحة لبنان وتثبيت استقراره وإعادة بناء دولته ومؤسساتها واستنهاض الوضع الاقتصادي المتردي والمأزوم”.

في المقابل، أكّد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطا الله في حديث إعلامي أنّ “التواصل بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ لم يتوقّف في موضوع رئاسة الجمهورية”، مشدداً على أنّ “القيادتين تواكبان هذا التواصل”. وقال: “قطعنا شوطاً كبيراً ووصلنا الى مكان جيّد فاتّفقنا على عدة أمور وهناك بعد أمور أخرى بحاجة الى توضيح”. وكشف أنّ “حزب الله” هو الذي يتصل بالتيار، “وفي المرة الأخيرة طلب منا أسماء لرئاسة الجمهورية فقلنا له إننا نعطي الأسماء عندما تطوى صفحة فرنجية”.

شارك المقال