اليوم التاسع بعد “الطوفان”: إرتفاع حدة التوتر جنوباً ينذر بقدوم الحرب

لبنان الكبير / مانشيت

لم تغب التوترات والقصف عن غزة في اليوم التاسع من “طوفان الأقصى”، ولا تزال أعداد القتلى والجرحى في إرتفاع مستمر نتيجة الهجمة الاسرائيلية. وبعدما أعدّت إسرائيل العدة لدخول غزة براً، وتوّعد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بأن الجيش على وشك إستخدام كل قوته للقضاء على “حماس”، تراجعت أمس عن مخططها هذا، وأجلته لعدّة أيام متحججةً بالظروف الجوية السيئة.

وفيما يعاني سكان غزة من عدم وجود المياه والكهرباء والانترنت، لم تتراجع إسرائيل عن أوامرها بإخلاء المستشفيات في شمال غزة، الأمر الذي إعتبرته منظمة الصحة العالمية بمثابة حكم بالاعدام على المرضى والجرحى خصوصاً وأن هذا يضطرهم الى التحرك والانقطاع عن الرعاية الطبية التي تنقذ حياتهم أثناء إجلائهم، ما يجعلهم يواجهون تدهوراً وشيكاً في حالتهم أو وفاتهم.

وتهمين السوداوية على المشهدية ككل، فيما شهدت الحدود الجنوبية أمس توتراً عالياً ينذر بقدوم الحرب في الساعات أو الأيام المقبلة، خصوصاً وأن وتيرة القصف الاسرائيلي المدفعي اشتد طيلة النهار، بعدما استهدف “حزب الله” مركزاً للجيش الاسرائيلي في منطقة شتولا بالصواريخ الموجهة، ولم يغب القصف من الطرفين، ليعلن الحزب بعدها عن مهاجمته خمسة مواقع حدودية اسرائيلية بالأسلحة المباشرة وهي: جل العلام، بركة ريشا، موقع راميا، موقع المنارة وموقع العباد، وتمكن من استهداف الكاميرات والتجهيزات الفنية الاسرائيلية المثبتة على جدار مستوطنة المطلة.

واثر تفاقم الوضع على جبهة الجنوب، سقط صاروخ كان قد أطلق باتجاه اسرائيل من جنوب لبنان، داخل الكتيبة الاندونيسية التابعة لـ “اليونيفيل” في الناقورة، وسرعان ما أكد سقوطه الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” اندريا تيننتي، مطمئناً الى عدم وقوع اصابات. وقال: “إننا نحثّ جميع الأطراف المعنية على وقف إطلاق النار والسماح لنا، كحفظة سلام، بالمساعدة في إيجاد الحلول، فلا أحد يريد أن يرى المزيد من الناس يجرحون أو يقتلون”. وذكر “جميع الأطراف المعنية بأن الهجمات ضد المدنيين أو موظفي الأمم المتحدة هي انتهاكات للقانون الدولي قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب”.

وفي هذا السياق، استفسر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن ملابسات ما حدث، وشدد على التضامن الكامل مع “اليونيفيل”، مطمئناً الى عدم وقوع ضحايا.

وتزامناً مع التطورات الحاصلة على الحدود الجنوبية، رأى وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان من الدوحة أن “لا أحد يمكنه ضمان السيطرة على الوضع”، اذا شنت اسرائيل هجوماً برياً على قطاع غزة، مشدداً على أن “حزب الله حدد مراحل الخطوط الحمر كلها ويتخذ الاجراءات المناسبة في كل مرحلة”.

توازياً، زار رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور جنبلاط يرافقهما النائب السابق غازي العريضي رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة. وتمنى جنبلاط أن “يبقى لبنان خارج دائرة الصراع الا اذا أصر العدو الاسرئيلي على الاعتداء”، مشيراً الى أن “سياستنا في الأساس كانت عدم الاعتداء لكن نلاحظ الاعتداء في كل يوم من إسرائيل”. واعتبر أن “ما يجري رهيب ينسى البعض القضية الأساس وينسى البعض المشروع الأساس الذي وافق جميع العرب وتقريباً كل العالم عليه نظرياً وهو حل الدولتين”.

واستنكر مجلس العلاقات العربية والدولية في بيان بعد اجتماعه “العدوان الإسرائيلي السافر على قطاع غزة، والتدمير الممنهج للبنية التحتية والمؤسسات المدنية وفرض حصار شامل على السكان المدنيين وحرمانهم من مقومات الحياة الأساسية، في عقاب جماعي ومخالفة صارخة للقانون الدولي ولقواعد الحرب واتفاقية جنيڤ الرابعة بشأن حماية السكان المدنيين وقت الحرب، بما يرقى إلى اعتباره جرائم ضد الانسانية”.

الى ذلك، أكد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده أن “ما يَحصَلُ في غزة مؤلمٌ ومرفوض، وجريمةٌ ضِدَّ شعبٍ ذنبُه الوحيدُ أنّه يَتَشَبَّثُ بأرضه ويُدافعُ عن تاريخِه”.

ورأى عوده أن “المؤلِمُ أكثرَ أنَّ ضمائرَ قادةِ العالمِ نائمةٌ، وهم يَكيلون بمكيالَيْن، والعـدالةُ غائبة”، مشيراً الى أن “الكنيسة تقِفُ دائماً ضِدَّ العُـنفِ وضِدَّ الحربِ لكنَّها تَرفضُ الظُلمَ لذا، أملُنا أن تَهُزَّ هذه الكارثةُ ضمائرَ قادةِ العالم فيُدركوا ضرورةَ وَقْفِ القِتالِ وإيجادِ حلٍّ عادلٍ لهذه القضية”.

ولفت الى أن “ما يُؤلِمُنا أيضاً غِـيابُ الموقــفِ اللبناني الرسميّ الموَحَّـد، وعَدَمُ التَشديدِ على ضرورةِ إبعادِ لبنانَ عَن هذا الصراع. لبنانُ الذي تَحمَّلَ وحدَه في الماضـي تَبِعاتِ هذا الصراعِ ودَفَع أثماناً باهظةً، يَمرُّ بأسوأِ الأوضاعِ وأصعَـبِهـا، وهو غـيرُ قـادِرٍ على دَفْعِ أثمانٍ إضافـيـةٍ هو عاجزٌ عن دَفْعِها، وهو بِغِنىً عن التَوَرُّطِ في نِزاعٍ سوف ينعكسُ جحيماً على شعبه وما تَبَقّى مِن مؤسساتِه”.

شارك المقال