يوم واحد لحرية الصحافة في لبنان… و364 انتهاكاً للحقوق

حسين زياد منصور

لا كلمات تصف أو تعبّر عن الواقع الصحافي والاعلامي في لبنان، وخصوصاً مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة نقل الأخبار المغلوطة والمضللة ونشرها وتوزيعها والاعتداء على هذه المهنة من جهة، والتهجم والتطاول على العاملين في هذا المجال، من دون أي احترام للسلطة التي يتمتعون بها (السلطة الرابعة) من جهة أخرى.

يمكن القول ان حرية الصحافة في لبنان محدودة، والدليل، في أسوأ الحالات، ما مرت به ولا تزال هذه الحرية، من توقيف صحافيين من دون وجه حق، والادعاء عليهم في حال الغوص أكثر وأكثر في ملفات الفساد.

الى جانب كل ذلك، يواجه الصحافيون الذين يسعون الى نقل الأحداث والحروب وكتابة التاريخ، الكثير من المصائب والمعوقات، وتحديداً من خلال استهدافهم، ولعل أبرز دليل على ذلك، الحرب على غزة، والمعارك الحاصلة في الجنوب، وقتل إسرائيل الزميل في وكالة “رويترز” عصام العبد الله، ثم الزميلين في قناة “الميادين” فرح عمر وربيع العمري، من دون إغفال الجرحى الذين سقطوا في كل مرة يحاول العدو استهداف من ينقل وحشيته.

المسؤول الاعلامي في “مؤسسة سمير قصير” جاد شحرور يقول لموقع “لبنان الكبير”: “إننا نعيش في منطقة لم تجد فيها حرية الصحافة ملاذاً آمناً لها، أي أنها لم تجد بيئة حاضنة لها، وسط الأنظمة القمعية، وبعد مراجعة ترتيب الدول العربية في ما يتعلق بحرية التعبير وحرية الصحافة، لا نجدها في المراتب الأولى. ولا يمكن إغفال الشق المتعلق بتعرض الصحافيين للمضايقات وخصوصاً الصحافيات، وهذا ما لا يندرج ضمن الوقاية والحماية من الجرائم المرتكبة ضدهم، وحتى لا يضمن حقهم في حرية التعبير والوصول الى المعلومات”.

ويؤكد شحرور أن الارقام تكشف عن وضع الحريات في البلد، “ففي لبنان، بين حوالي 13 حادثة تتعلق بالانتهاكات، 10 منها مرتبطة بالصحافيين بصورة مباشرة، من اعتقالات ودعاوى وتعرض بالشخصي”، مشيراً الى أن

“لا وجود لأي تحقيق يطال الجهات التي تتعرض للصحافيين، وأبرز مثال قضية لقمان سليم”.

ويذكر شحرور بالاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون والصحافيات يومياً، “من توزيع أرقام هواتفهم والتعرض لهم بأبشع الشتائم”، معتبراً أن “كل هذه المؤشرات تؤكد أن لا علاقة لنا بحرية التعبير وحرية الصحافة، وكأن اليوم العالمي لحرية الصحافة هو يوم واحد للدفاع عن الصحافة، أما بقية الـ 364 يوماً، فهي لانتهاك حقوق الصحافيين”.

يعيش الصحافيون والاعلاميون اليوم أوضاعاً صعبة، نتيجة الأزمة التي عصفت بالبلاد من ناحية، وبسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي أخذت دوراً في نقل الصورة بطريق سريعة من ناحية أخرى.

صحافيون كثيرون، ولا سيما خلال السنوات الخمس الماضية، لم يعودوا يشعرون بالأمان الوظيفي والاقتصادي والاجتماعي، ففي أي لحظة قد تستغني المؤسسة عن خدمات أي منهم نظراً الى الأزمة الاقتصادية الخانقة، حتى أن البعض لا يزال يحصل على راتب بالكاد يؤمن بعضاً من مصاريفه واحتياجاته.

في المحصلة، ما يمكن استنتاجه أن واقع الحرية الصحافية في لبنان، لا يزال على حاله، وربما يسوء أكثر وأكثر، فما الذي يختلف اليوم في معاناة الصحافيين وكم الأفواه الذي يتعرضون له عن عهد جمال باشا “السفاح”، الذي علق المشانق للصحافيين الأحرار في ساحة البرج (ساحة الشهداء) في بيروت، ثم في عهد الانتداب، تليه حقبة الحرب الأهلية، والاحتلال الاسرائيلي وعهد الوصاية السورية واغتيال رموز في الصحافة أمثال سمير قصير وجبران تويني، ثم الأذرع التي تركها نظام الوصاية وتكفلت بمتابعة مهمة تصفية الأصوات الحرة وصولاً الى عهد جهنم (عهد ميشال عون) الذي طارد الصحافيين حتى أبواب منازلهم ومكاتبهم.

شارك المقال