التمديد للوطن والدولة يكسر رهان الدويلة للثنائي “الحزب” – باسيل

لبنان الكبير / مانشيت

مبروك للبنان. مبروك للبنانيين هدية مبكرة للسنة الجديدة، بالتمديد للعماد جوزيف عون واللواء عماد عثمان، بما يتجاوز شخصهما، لما يتمتعان به من مسلكية وأخلاق، بل لأهم مؤسستين تشكلان أساس الاستقرار والأمن، الجيش وقوى الأمن الداخلي، وكان البعض يحاول تفريغهما لتجويف الدولة من أهم مكوناتها، في ظرف خطير إقليمي دقيق وحساس جداً، يتم فيه تدوال خرائط وحدود جديدة على نار حامية في الحرب الاسرائيلية على غزة، التي تشظت بقوة باتجاه حدودنا الجنوبية، التي تعيش حالة حرب بكل معنى الكلمة، وباتجاه العراق وسوريا واليمن والأردن ومصر. كأنما الذين راهنوا على تفريغ الجيش وقوى الأمن الداخلي أرادوا إفقاد لبنان من جدار الدفاع الأخير ويصبح عرضة لكل المشاريع التقسيمية والتفتيتية.

وقبل الدخول في التفاصيل اللبنانية، لا بد من التوقف عند تطورين إقليميين بارزين: الأول، تأكيد السعودية وإيران التزامهما الكامل بتطبيق الاتفاق الذي توصلتا إليه برعاية الصين في مارس (آذار) الماضي؛ الثاني، نجاح الحوثيين في إحداث فوضى كبيرة في ممرات النفط عبر باب المندب، معربتين عن تقديرهما للدور المهم الذي تؤديه بكين في ذلك.

إذاً، سلك التمديد طريقه في البرلمان، مع أن طريقه الطبيعي كان في الحكومة، لكن رهان الانتهازيين بحساباتهم الحزبية الضيقة، عرقل هذه الخطوة، بحكم غالبية الثلثين، في حين نجح نواب الشعب في فرض إرادة وطنية بمشروع قانون لرفع سن التقاعد لقادة الأجهزة الأمنية برتبة لواء وعماد لمدة سنة واحدة.

وبذلك يكتسب التمديد دلالات كبيرة، أهمها أن الاستقلاليين والمستقلين والتغيريين قادرون على فرض خيارهم إذا اجتمعوا على قضية محقة، فلا يمنعهم ثنائي شيعي أو ثنائي “حزب الله” – جبران باسيل من تحقيق ذلك، ليربح دعاة الدولة جولة مهمة وصعبة على حماة الدويلة.

حاول “حزب الله” حتى اللحظة الأخيرة أن يمنع التمديد لقائد الجيش، خرج نواب “الوفاء للمقاومة” من الجلسة وحاولوا استمالة نواب آخرين، إلا أنهم لم يجدوا حتى متجاوباً واحداً معهم، بينما هبّت كتلتا “الكتائب” و”تجدد” والنواب السياديون لحضور الجلسة وتأمين النصاب بعد خروج نواب الحزب من الجلسة، خوفاً من تطيير النصاب.

في مجريات الجلسة، وفى رئيس مجلس النواب نبيه بري بوعده، بل انه طرح مشروع التمديد لقائد الجيش أولاً بين المشاريع المعجلة المكررة، وأقره بعدما أكد نواب “القوات” و”الاشتراكي” و”الاعتدال” و”تجدد” والتغييريون وبعض المستقلين توافقهم على المشروع المقدم من “الاعتدال”، الذي يدمج التمديد لقائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي. وأشادت المعارضة ببري وأدائه في هذا الملف.

الخاسر الأكبر، “التيار الوطني الحر”، لم يعلق على الجلسة مباشرة، وأشارت مصادره لـ “لبنان الكبير” إلى أنه يدرس موقف “حزب الله”، الذي أعلن أنه كان يفضل أن يقر التمديد في مجلس الوزراء.

أما مصادر كتلة “اللقاء الديموقراطي” فأوضحت أن “اقتراحنا كان التمديد لكل الرتب، وخصوصاً العسكر ولكن يبدو أن داخله عقبات ادارية، مالية وربما غير ذلك، وكان لا بد من تعيين رئيس أركان في الجلسة الحكومية لكن النصاب طار، ونأمل أن تكتمل المراكز في المستقبل القريب”.

واعتبرت المصادر أن “الأصول أن يطرح مجلس الوزراء في جلسته يوم الثلاثاء المقبل، تعيين رئيس للأركان الا أن ذلك غير مؤكد كونه خاضع للتجاذبات السياسية، لكن يجب التعيين لاكتمال حلقة المؤسسة الأمنية”.

في المقابل، أوضحت مصادر مقربة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عبر “لبنان الكبير” أن “طرح تعيين رئيس للأركان وتعيين مجلس عسكري أمر وارد، ولكن لا يمكننا تأكيده لأنه لا يزال خارج جدول الأعمال، وطرح أي موضوع من خارج الجدول يعتمد على الظروف في لحظتها”.

بالتأكيد سينعكس التمديد امس على بقية الاستحقاقات في البلد، لا سيما الاستحقاق الرئاسي. وأكد عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور لـ “لبنان الكبير” من مجلس النواب أن “هناك رغبة دولية في التمديد لقائد الجيش، وأن أكثر من كتلة نيابية أكدت ثقتها بقائد الجيش”.

وأشارت مصادر نيابية من كتلة “الجمهورية القوية” لـ “لبنان الكبير” الى “أننا انتصرنا اليوم (امس) في ملف التمديد لقائد الجيش جوزيف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ولكن بعد الأعياد المجيدة منحارب سوا (معاً) في الملفات الأخرى”.

واحتفل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بالتمديد من معراب، معلناً أنه سيذهب الى العيد وضميره مرتاح. وتوجه الى رئيس مجلس النواب بالقول: “إذا أراد نبيه بري إكمال معروفه، فعليه الدعوة الى جلسة نيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية”.

بينما اعتبر المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل أن “ما جرى اليوم (امس) هو ما قاله الرئيس ‫نبيه برينفسه قبل شهر”، لافتاً إلى أن “المسألة ليست إنتصاراً لأحد لأن الجيش هو جيش كل اللبنانيين”.

قبل أن يتلقف مجلس النواب كرة التمديد، كانت الحكومة تفقد نصاب جلستها صباحاً، بين حجج المرض، ورفض التمديد، وحراك العسكريين، فأجلها الرئيس ميقاتي إلى الثلاثاء، فيما أثار الاستغراب تحرك العسكريين المتقاعدين أمام جلسة كانت ستطرح فيها مسألة تمس بالأمن القومي، والاستغراب الأكبر عن إمكان العشرات تطويق السراي الحكومي، فيما كانت الحكومة تجتمع في عز تظاهرات الثورة التي كانت تضم عشرات الألوف.

وقبل الجلسة الوزارية، كتب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عبر حسابه على منصة “إكس”: “عم اتفرّج عليهم وابتسم: حدا همّه يغيظني، وحدا بدّو يرضيني. حدا بيعرف انه معي حق، بس ما لازم اربح! وحدا بيعرف انه ما لازم اخسر، بس ما بيسوى هلقدّ اربح! انا بكل الأحوال ربحت، وأقلّه ربحت حالي؛ بتقدروا تفكّروا بالبلد ومصلحته وتنسوني؟ وتحكّموا ضميركم بدل ما يتحكّم فيكم حقدكم؟ يا وزراء، كيف ممكن تقبلوا رئيس حكومة بيتخطى الدستور والقانون سوا ويسلب صلاحيّة وزير ويمارسها قدّامكم؟ بكرا بيجي دوركم”.

وسط هذه الأجواء ومع استمرار التصعيد جنوباً، والقاء المسيرات الاسرائيلية المناشير التي تحذر أهالي القرى من “حزب الله” وعملياته ضد “دولة اسرائيل”، قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت: “إن لم يُبعد العالم حزب الله عن حدودنا فسنفعل نحن ذلك”.

وكانت القرى الجنوبية تعرضت لقصف متنوع بين مدفعية ومسيرات ودبابات، فيما أعلن “حزب الله” عن عمليات عدة استهدفت المواقع الاسرائيلية.

شارك المقال