“الخماسية” تتحرك لتذليل العقبات… ولبنان تحت خطر توسعة الحرب

لبنان الكبير / مانشيت

يبدأ مطلع الأسبوع بجولة جديدة لسفراء “الخماسية” على الجهات المعنية، والأنظار تتجه اليهم لمعرفة ما سيحملون في جعبتهم، مع العلم أن التوصل الى أي خرق رئاسي في المدى المنظور بات مستبعداً نظراً الى الأوضاع الاقليمية الصعبة والعقبات الكثيرة التي تعوق التوصل الى هدنة في قطاع غزة، ناهيك عن المشكلات الداخلية بين الفرقاء وعدم توافقهم على مرشح ينهي أزمة الشغور العالقة، فيما تسعى “الخماسية” الى تحضير الأرضية الصالحة لحل رئاسي ربما يكون سريعاً أو يطول أكثر.

وبينما تتحرك “الخماسية” وتوّسع مروحة اتصالاتها بدءاً من بكركي وعين التينة، وتواصل لقاءاتها بحيث تجتمع مع الرئيس السابق ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب غداً الثلاثاء، سعياً منها الى توفير الدعم للبنان من خلال انجاز استحقاقه الدستوري المتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية، علمت “الشرق الأوسط” من مصادر نيابية، نقلاً عن كبار الديبلوماسيين في السفارة الأميركية في بيروت، أن تحرك سفراء “الخماسية” لا يمت بصلة إلى الدور الذي يتولاه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وأن عودته إلى بيروت هذه المرة لا علاقة لها بتحركهم، وإنما يأتي مبعوثاً خاصاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأكدت المصادر النيابية أن المسار العام الذي تتحرّك على أساسه “الخماسية” غير المسار الثنائي للودريان، موضحة أن “عودته لا تعني بالضرورة أنه على تنسيق معها، خصوصاً أنها أخذت على عاتقها، ومن خلال سفرائها في لبنان، توفير الدعم والمساندة لأي تحرك لبناني يراد منه تسهيل انتخاب الرئيس، وهذا ما يفسر دعمهم لمبادرة كتلة الاعتدال الوطني”.

وأشارت المصادر الى أن تحرك سفراء “الخماسية” يهدف إلى حث الكتل النيابية على إنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، على قاعدة أن لا مرشح لديهم ولن يدخلوا في لعبة الأسماء، وأن دورهم يبقى تحت سقف دعم الجهود الرامية إلى تذليل العقبات التي لا تزال تعطل انتخابه، كاشفة أن “الولايات المتحدة، وإن كانت تضغط على إسرائيل لمنعها من توسعة الحرب الدائرة في غزة لتشمل جنوب لبنان، فإنها في المقابل قررت النزول بكل ثقلها لتوفير الأجواء السياسية لتسهيل انتخاب الرئيس، بخلاف موقفها في السابق المتمثل في إطلاق يد باريس في مقاربتها للملف الرئاسي من دون أن توفر لها الدعم المطلوب”.

 فرنجية: قائد الجيش أقرب الخيارات

وفي موازاة تحرك “الخماسية، برز بالأمس لقاء رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مع مجلس نقابة محرري الصحافة في بنشعي، وأكد خلاله أنه ماضٍ في ترشيحه وليس في وارد الانسحاب، مشيراً بسخرية إلى أن الفريقين المسيحيين أي “التيار الوطني الحر” و”القوات” مختلفان على كل المواضيع الرئيسية لكنهما متفقان على معارضة وصوله إلى بعبدا. وألمح في الوقت نفسه الى أنه في حال ابتعدت حظوظه لسبب أو آخر فإن أقرب الخيارات بالنسبة إليه هو قائد الجيش العماد جوزيف عون “لأنه الأقرب إلى فريقنا السياسي”.

وشدد فرنجية على “ضرورة أن يكون للمرشّح إلى الرئاسة تاريخ في العمل السياسي والوطني ومواقفه معروفة وأن لا تهبط الأسماء بهدف العرقلة أو الحرق”، لافتاً الى أن اسمه منذ العام 2005 مطروح للرئاسة وأنّ الثنائي الشيعي لم يرشّحه بل هو داعم له وليس من الجائز عدم الأخذ في الاعتبار الـ51 صوتاً التي نالها في الدورة الأخيرة، فإذا كان للثنائي الشيعي 27 نائباً فهذا يعني أنّ هناك حوالي 15 نائباً مسيحياً اقترعوا له وهم داعمون لوصوله إلى الرئاسة.

غارات مكثفة وتهديد اسرائيلي

ميدانياً، لم يهدأ الجنوب حيث واصل الجيش الاسرائيلي اعتداءاته، وأغار على بلدات الخيام، عيترون، عيتا الشعب ومروحين. كما أطلق قذائف المدفعية باتجاه تلة سردة وبلدة الوزاني.

توازياً، حلقت طائرات الاستطلاع الاسرائيلية في أجواء صيدا وشرقها، وسمع صوت انفجار قوي في مدينة صور، ليتبين أنه نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت أطراف بلدة علما الشعب.

وأعلن الجيش الاسرائيلي في بيان أن الأهداف التي قصفت شملت بنية تحتية ونقطة مراقبة لـ “حزب الله” في بلدة عيترون ومجمعاً عسكرياً تابعاً له في علما الشعب، ونقاط مراقبة في مروحين وعيتا الشعب.

في المقابل، قال وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس: “نقترب باستمرار من الحرب مع حزب الله وسيتحمل لبنان عواقبها”. وشدّد على استعداد إسرائيل لدفع ثمن مقابل استعادة المحتجزين في قطاع غزة، معتبراً أن من دون دخول الجيش الاسرائيلي رفح جنوبي القطاع لا يمكن تحقيق النصر.

اسرائيل تتوغل في رفح

وفيما أعلنت اسرائيل في اليومين الماضيين أنها سترسل وفداً إلى قطر لإجراء مزيد من المحادثات مع الوسطاء بعد أن قدمت حركة “حماس” اقتراحاً جديداً لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن الاسرائيليين بالمحتجزين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، أعلن رئيس الحكومة الاسرائيلة بنيامين نتنياهو خلال اجتماع لمجلس الوزراء أن إسرائيل ستتوغل في رفح، آخر مكان آمن نسبياً في قطاع غزة الصغير والمكتظ، بعد أكثر من خمسة أشهر من بداية الحرب.

أضاف: “سنقوم بعملية في رفح. سيستغرق الأمر عدة أسابيع، وستنفذ” من دون أن يوضح ما إذا كان يقصد أن الهجوم سيستمر لأسابيع أم سيبدأ خلال أسابيع.

وحذر المستشار الألماني أولاف شولتس أمس في الأردن قبل زيارة مقررة الى اسرائيل من أن الهجوم على رفح سيجعل السلام الاقليمي صعباً جداً، مشيراً الى أن “الجهود الجارية حالياً تتعلق بضمان التوصل إلى وقف طويل الأمد لاطلاق النار”.

الراعي

بالعودة الى الداخل اللبناني، تساءل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد، “كيف يمكن القبول بالمخالفة الكبرى للدستور بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ سنة ونصف، على الرغم من وضوح موادّ الدستور ذات الصلة وضوح الشمس في الظهيرة، والتسبب بنتائج هذا التعطيل بحيث يطال المجلس النيابيّ الذي يفقد صلاحيّة التشريع، ومجلس الوزراء بفقدان صلاحيّة التعيين وسواها من الصلاحيّات المختصّة برئيس الجمهوريّة دون سواه؟”.

وقال: “بانتخاب الرئيس تعود الثقة بالبلاد ومؤسّساتها من المواطنين أوّلاً ثمّ من الدول المتعاونة. أجل لقد فقدت الدول ثقتها بلبنان الرسمي لا بلبنان الشعبي”، مضيفاً: “هل المعطّلون، وقد باتوا معروفين، لا يريدون انتخاب رئيس لأهداف خاصّة، أو يطيلون زمن الفراغ الرئاسيّ لغايات أخرى متروك التكهّن بشأنها؟ لا يوجد أي مبرر لعدم التئام مجلس النواب وانتخاب رئيس للبلاد”.

وناشد الراعي “الدول الإبقاء على مساهمتها كاملة للأونروا، حمايةً للسلم الأهليّ، وتجنّباً لثورات وانتفاضات ونشوء إرهاب جديد يدفع ثمنها لا المجتمع اللبنانيّ وحسب، بل العالم كلّه. يكفي هذا الشعب الفلسطينيّ قهراً وظلماً وحروباً وتجويعاً وحرماناً من حقوقه”.

عودة

أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة فقال: “ليت إنسان هذا البلد، والمسؤولين والزعماء والقادة خصوصاً، يعون أهمية الانعتاق من الماديات والإنصراف إلى تنقية النفس واليد من كل تعلق بالأشياء الزائلة لأنها فانية، وليس أبدياً إلا وجه الله. لو تصرفوا على هذا النحو لكانوا وفروا على أنفسهم وعلى لبنان واللبنانيين مشقة الحروب والإنهيارات الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، ولكانوا وفروا على بيروت وأهلها ما عانوه من نتائج تفجير المرفأ من مآس وآلام لن تمحى من ذاكرة بيروت والبيروتيين ليس لأنها مست قلب العاصمة وقلوبهم وحسب، بل لأنها بقيت من دون محاسبة. فبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اليوم المشؤوم، ما زال المدبر والفاعل مجهولين، وما زال التحقيق معلقاً والقلوب دامية”.

قبلان

ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “لبنان شراكة وطنية والتسوية الرئاسية ضرورة سيادية، وحماية عقيدة البلد الوطنية مرتبطة بالمجلس النيابي ورئيسه، وما يقوم به الرئيس نبيه بري يخالف هوى البعض إلا أنه أكبر ممارسة دستورية لحماية العقيدة الوطنية، وضحايا المرفأ ضحايا أخطر لعبة قضائية عاشت وتعيش على الارتزاق الأميركي القذر والمطلوب نزع الكابوس الأميركي من رأس البعض”.

شارك المقال