حرب بين القضاء والمتهمين… والعيون على “الاستئناف” و”التمييز”!

هيام طوق
هيام طوق

في وقت ينقسم فيه الرأي العام بين مؤيد للقاضي طارق بيطار باعتباره خشبة الخلاص نحو الحقيقة والعدالة، وبين من يتهمه بسلوك طريق التسييس في قضية انفجار مرفأ بيروت، تتجه الأنظار نحو الغرفة رقم 12 في محكمة الاستئناف التي يرأسها القاضي نسيب إيليا، والتي أحال إليها الرئيس الأول لمحاكم استئناف بيروت القاضي حبيب رزق الله طلب ردّ القاضي بيطار عن ملف التفجير الذي تقدّم به وكيل الوزير السابق النائب نهاد المشنوق المحامي نعوم فرح، ونحو الغرفة السادسة من محكمة التمييز التي ترأسها القاضية رندة كفوري بعد أن كان الوكيلان القانونيان للوزير السابق المدعى عليه في ملف انفجار المرفأ يوسف فنيانوس، قدّما دعوى ارتياب مشروع ضد بيطار.

وهكذا تم تعليق روزنامة المواعيد التي سبق للمحقّق بيطار أن حدّدها للمدّعى عليهم، والتي بدأت بالعميد جودت عويدات، تلاها موعد في 28 أيلول الجاري للاستماع إلى قائد الجيش السابق جان قهوجي، ثم في 30 منه جلسة للتحقيق مع المدعى عليه النائب علي حسن خليل، ثم في الأول من تشرين الأول المقبل موعد جلسة المدعى عليهما النائبان غازي زعيتر ونهاد المشنوق، فيما حددت جلسة رابعة في الرابع من تشرين الاول للتحقيق مع المدعى عليه رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي لا يزال موجوداً في الولايات المتحدة الأميركية.

ويؤكد رئيس مجلس الشورى السابق القاضي شكري صادر لـ”لبنان الكبير” أن لا مهلة محدّدة أمام محكمة الاستئناف لتحسم قرارها في القضية، الا انه يعتقد ان الرئيسين إيليا وكفوري سيتخذان قرارهما قبل 19 تشرين الاول المقبل، موعد بدء الدورة العادية لمجلس النواب التي يستعيد خلالها النواب حصانتهم، وذلك افساحاً في المجال أمام القاضي بيطار في التحرك. في حال كان الملف جاهزاً، فإن القرارات ستصدر في أقرب مدة، لكن هناك تبليغات ومسار قانوني يتطلب وقتاً، وعلى الرغم من ذلك لا أظن ان هناك تأخيراً. في حين لفت مصدر دستوري آخر الى انه من غير المرجّح أن يبتّ النزاع قبل 19 تشرين الأول.

ويوضح صادر انه في حال ردّ الرئيسان إيليا وكفوري، طلبات المدعى عليهم ولم يقبلوها، يستمر القاضي بيطار فورا في التحقيق، واذا قبلوا طلب الرد يُعيّن قاضي تحقيق بديل من بيطار. ويعتبر ان السياسيين يقومون بالمستحيل كي لا يصل التحقيق في المرفأ الى نتيجة، وبالتالي هناك حرب اليوم بين العدلية ممثلة بالرئيس بيطار وبين الطبقة الفاسدة، وعلينا انتظار من سيربح؛ القانون أو هذه الطبقة، بحسب صادر.

ويشير رئيس مركز” ليبرتي للدراسات القانونية والإستراتيجية” محمد زكور الى ان “نقاشاً حقيقياً قانونياً وسياسياً دائر في البلد خلال اليومين الماضيين حول أحقية صلاحية محكمة الاستئناف بالبت بطلب رد القاضي بيطار على الرغم من ان قانون أصول المحاكمات المدنية قد حدد الصلاحية لمحكمة درجة الاستئناف بالبت بالنظر برد القضاة من الدرجة الاولى وفق المادة 123 من أصول المحاكمات المدنية الا أن رأياً آخر يقول إن المحقق العدلي قد عينه وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية، مجلس الوزراء، وبالتالي فإن مجلس الوزراء الجهة التي عينت القاضي لها الحق بالنظر بموضوع رد القاضي من عدمه الا أن ذلك يبقى وجهة نظر.

وانطلاقاً من هذه المعطيات مروراً بانتقادات الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله الذي قال إن عمل بيطار”مسيس” وصولاً الى زيارة رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، الى قصر العدل، حاملاً رسالة تهديد إلى المحقق العدلي طارق بيطار، مفادها: “واصلة معنا منك للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني وإذا ما مشي الحال رح نقبعك”. كل ذلك، خلق هاجسا لدى أهالي ضحايا المرفأ الذين يعتبرون ان الطبقة السياسية تقتل أبناءهم مرتين: مرة خلال التفجير في الرابع من آب، واليوم بعد كل المحاولات لطمس الحقيقة والهروب من العدالة.

وفي هذا السياق، نظم أهالي شهداء المرفأ اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت رفضا للامعان في سياسة تطويق القضاء والاستمرار في “قبع” المحققين العدليين، رافعين صور ابنائهم الشهداء ولافتات تستنكر وتندد بالسلطة السياسية الحاكمة، وتعبر عن رفضهم كف يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار.

وكان لافتاً الشعارات التي تقول “لبنان رهينة ومحاصر”، و”نعم لتطبيق القرار الدولي 1559″، و”إيران برا”، و”نعم للحياد”، و”نعم لمؤتمر دولي”، وطالبوا بالحقيقة والعدالة للشهداء والجرح. وواكب الأهالي في اعتصامهم عدد من جمعيات المجتمع المدني والحقوقي والهيئات الاجتماعية والانسانية، وأطباء ومحامون ومهندسون والقمصان البيض وطلاب جامعيون اذ أكد الجميع “استمرارية اعتصاماتهم وتحركاتهم للدفاع عن القاضي بيطار والتي ستكون تصعيدية حتى جلاء الحقيقة والعدالة للشهداء والجرحى والمتضررين”.

ويقول المتحدث باسم الاهالي ابراهيم حطيط لـ”لبنان الكبير”: “ما زلنا أقوياء ولم نفتح كل أوراقنا بعد حفاظاً على قضيتنا، لكن سنقوم بخطوات تصعيدية لن تكون اعتيادية في الوقت المناسب والمكان المناسب، كقطع طرقات رئيسية، وشرايين حيوية في المرفأ كالبوابة رقم 9 و14. هم كشّروا عن أنيابهم، ونحن سنواجههم”.

ويلفت الى انه “لدينا أمل بأن ترد الرئيسة رندة كفوري الطلب، ونحن لا نريد منها الا ان تحكم بالعدل، ونتمنى على الرئيس نسيب إيليا ان يرد الطلب ايضاً لنصل ولمرة واحدة في لبنان الى الحقيقة والعدالة. دمنا لن يذهب هدراً وهذه المرة ليست ككل مرة”، مشيراً الى انه “في حال تم تعيين قاضي تحقيق غير بيطار سيكون لكل حادث حديث”.

وعلى الرغم من ان وزير العدل القاضي هنري خوري كان قد استمع في وقت سابق الى هواجس وفد من الأهالي حيث أكد تضامنه الكامل معهم في قضيتهم المحقة، وشدد على أن “القضاء يقوم بعمله القانوني على أكمل وجه، على الرغم من الضجة الكبيرة والدعايات الكثيرة”، حاول عدد من الأهالي بعد الاعتصام، الدخول إلى وزارة العدل للقاء الوزير للاطلاع على مسار ملف التحقيق.

شارك المقال